ازدهار صناعة النفط الصخري الأميركي يهدد العالم بكارثة بيئية محدقة
انبعاثات كربونية جديدة تعادل كل ما تطلقه البرازيل بحلول 2030
اذا افترضنا التنفيذ التام لخطة الطاقة النظيفة فإن الانبعاثات تظل عالية في سيناريو «الإنتاج العالي للنفط» حتى مع مقارنتها مع عدم وجود خطة للطاقة النظيفة، ولكن مع مستوى أدنى من إنتاج النفط والغاز.
تجاوز إنتاج النفط الأميركي خلال العقد الماضي مستوى الضعف ليرتفع من 5 ملايين برميل في اليوم الى نحو 12 مليون برميل يومياً، وارتفع انتاج الغاز الطبيعي بصورة كبيرة أيضاً من 21 تريليون قدم مكعبة في السنة في 2008 إلى 29 تريليون قدم مكعبة في السنة في عام 2017. وسمح هذا الانتاج الوفير من الغاز الطبيعي للولايات المتحدة بخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في ضوء خطة الانتقال الى طاقات أنظف، وأجهز الغاز الصخري الرخيص على الكثير من مصانع الفحم، وإذ إن مستوى انبعاثات غازات الاحتباس الحراري من الغاز الصخري هو نصف انبعاثات الفحم فإن الانتقال شكل هبة داعمة في المعركة ضد التغير المناخي. ويظل هذا الاستنتاج خاضعاً للجدل وتبعث عمليات الغاز الصخري (الميثان) في نقطة ما أحجاماً كبيرة من الانبعاثات، وهو ما يقوض تماماً التفوق البيئي لذلك الغاز بالمقارنة مع الفحم. وتجادل دراسات متعددة في الحجم الفعلي للانبعاثات من غاز الميثان.ولكن توجد أسباب أخرى وراء ترويج تفوق الغاز على الفحم، وتبعد المليارات من الدولارات التي تستثمر في التنقيب عن الغاز الصخري، وفي مصانع تعمل بطاقة الغاز، رأس المال عن الطاقات المتجددة. كما قضى الغاز الصخري الرخيص أيضاً على الطاقة النووية وهي المصدر الأكبر للكهرباء الخالي من الكربون.
وللتأكيد فإن مصانع الطاقة الجديدة تعتبر استثمارات طويلة الأجل، ويتوقع أصحابها أن تستخدم لعقود طويلة مقبلة. وبكلمات اخرى، حصرت الولايات المتحدة نفسها في نطاق الغاز مع علمها بوجود جدول زمني قصير نسبياً لانتقال الطاقة. وعلى الرغم من ذلك، فإن للتخلص من الفحم فوائده والقضية ضد الغاز ليست واضحة تماماً.ولكن على أية حال، ماذا عن النفط الخام؟ ليست هناك دراسات كافية حول أثر الارتفاع في انتاج النفط في الولايات المتحدة، أو عن الانبعاثات من غازات الاحتباس الحراري. ويدرس تقرير جديد من دانييل ريمي من موارد المستقبل تأثير انبعاثات هذه الغازات حزمة من حالات انتاج النفط في المستقبل– وريمي هو مؤلف كتاب "جدال التكسير". وطرح عدة سيناريوهات تستعرض تأثير انبعاثات غازات الاحتباس الحراري أو غازات البيوت الدفيئة على انتاج النفط والغاز في الولايات المتحدة، وتبين له أن تلك الانبعاثات كانت الأعلى في كل السيناريوهات التي أنتجت الولايات المتحدة فيها المزيد من النفط نسبة الى خط الأساس المرجعي لإدارة معلومات الطاقة الأميركية. واللافت أنه حتى سياسة المناخ كانت أكثر أهمية في المستوى المتعلق بإنتاج النفط والغاز. وكانت خطة ادارة أوباما حول الطاقة النظيفة التي تطلبت اصلاحاً كبيراً في قطاع الكهرباء، وكان يمكن أن تفضي الى اغلاق عدد من المصانع العاملة بطاقة الفحم تشكل سياسة متميزة وهي أحد أكثر الجهود أهمية من قبل الحكومة لتسريع انتقال الطاقة. وتم تأجيل خطة الطاقة النظيفة من المحكمة العليا، واستبدلتها ادارة ترامب. وعلى أي حال، وبحسب دراسة ريمي، حتى اذا افترضنا التنفيذ التام لخطة الطاقة النظيفة فإن الانبعاثات تظل عالية في سيناريو "الانتاج العالي للنفط" حتى مع مقارنتها مع عدم وجود خطة للطاقة النظيفة، ولكن مع مستوى أدنى من إنتاج النفط والغاز.واستنتج ريمي أنه "بكلمات اخرى فإن المستويات المتدنية لإنتاج النفط والغاز الطبيعي تسهم في خفض الانبعاثات بقدر يفوق تنفيذ خطة الطاقة النظيفة، كما لاحظ أن التحذير الوحيد الذي يخفض هذا الاستنتاج يتعلق بكون تقديرات انبعاثات الميثان مبالغ فيها بصورة كبيرة جداً". ويستحق هذا الاستنتاج التكرار. وخطة الطاقة النظيفة وهي في صلب مشاركة الولايات المتحدة في اتفاقية باريس للمناخ أقل تأثيراً بالنسبة الى انبعاثات غازات البيوت الدفيئة من المستوى الدقيق لانتاج النفط والغاز. وبصيغة أخرى يمكن القول، إن عقوبة المناخ هي سيناريو اندفاعي يستمر فيه انتاج النفط الصخري الأميركي في الارتفاع خلال العقد المقبل بأكثر من تقويض فوائد اغلاق حفنة من مصانع الفحم. والسبب الرئيسي وراء ذلك ليس ثاني أكسيد الكربون بل الميثان، وليس قيام الناس باحراق مزيد من البنزين في سياراتهم بسبب الانتاج الأعلى للنفط في ظل طلب يتسم بعدم المرونة في الولايات المتحدة. وبدلاً من ذلك تأتي عقوبة المناخ الرئيسية من انبعاثات الميثان الأعلى المرتبطة بتدفق الانتاج. وتظل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون ضخمة ومشكلة يصعب حلها، ولكن هذه الانبعاثات لا تتغير كثيراً. وتقفز انبعاثات الميثان بشدة بمجرد تجاوز انتاج النفط والغاز خط الأساس.ويحذر ريمي من أنه "وفقاً لسيناريو يشتمل على مستويات عالية من إنتاج النفط والغاز الطبيعي يحتمل أن تقايض انبعاثات الميثان الزائدة تأثيرات سياسة البيوت الدفيئة، مثل خطة الطاقة النظيفة ما لم يتم خفض انبعاثات الميثان بصورة دراماتيكية الى أقل من المستويات الحالية". وفي غضون ذلك، توجد للإنتاج الأعلى من النفط الأميركي تأثيرات عالمية في خفض الأسعار وتحسين الطلب، ويصعب تحديد هذه التأثيرات، ولكن بحلول عام 2030 سيستهلك العالم 1.6 مليون برميل يومياً أكثر من استهلاكه، وفقاً لسيناريو الانتاج الأعلى في الولايات المتحدة، ويتم تصدير النفط الأميركي الى الخارج مما يؤدي الى خفض الأسعار ومن ثم حفز الطلب. وسينتهي العالم عندئذ الى اطلاق ما بين 200 و250 مليون طن متري اضافي من ثاني أكسيد الكربون مما كان سيطلق وفق التوقع السابق بحسب موارد المستقبل. وفي هذا السياق قدرت انبعاثات البرازيل بنحو 417 مليون طن متري في سنة 2016. وبكلمات أخرى يمكن أن يضيف الانتاج الأعلى من النفط والغاز في الولايات المتحدة كمية أخرى تعادل غازات البرازيل من البيوت الدفيئة بحلول عام 2030.* نك كننغهام - أويل برايس