الفن واستشراف المستقبل
استشراف المستقبل يعني التطلّع إليه أو الحدس به. واصطلاحاً: مجموعة الدراسات والبحوث التي تكشف عن مشكلات محتملة في المستقبل، وتتنبأ بالأولويات التي يمكن أن تحددها بوصفها حلولا لمواجهة هذه المشكلات. فاستشراف المستقبل هو علم المستقبل Futurology أو دراسة أموره المستقبلية Future study، وقد تتم هذه الأحداث أو ربما لا تحدث. فالإنسان مفطور ومهتم بعلم المستقبل، وهذا الشغف تجده في أغلب الحقول العلمية والأدبية، لأن الفرد أو المجتمع أو البشر بشكل عام صورة للمستقبل لأجل التطور، لذا نجد أن بعض الأشخاص لديهم القدرة على التنبؤ بالمستقبل، واستشرافه، أي معرفة ما سيحدث في السنين القادمة، وعلى سبيل المثال في المجال الأدبي نجد رواية "1984" لكاتبها البريطاني جورج أورويل المنشورة في 1949 من أشهر روايات التي تتنبأ بمستقبل السياسي الغارق في الاستبداد والجهل، وكذلك رواية "فئران أمي حصة" للروائي الكويتي سعود السنعوسي التي تنبأ فيها بصراع الهويات وإثارة الحروب الطائفية والاختلاف والخلاف. وإذا أتينا على مستوى التمثيل نجد مسلسلات ومسرحيات استشرفت المستقبل، كمسلسل "الدكتور" سنة 1979 للكاتب طارق عثمان وتمثيل حياة الفهد وجاسم النبهان والعبيد وغيرهم، الذي تحدث عن شراء الشهادات العليا وتزويرها، وفي وقتنا الحالي نجد هذه الظاهرة بدأت تتفشى في المجتمع. أما المسرح الكويتي فاستشرف في مسرحياته المستقبل، نذكر منها مسرحية "كويت 2000" عام 1965 من تأليف سعد الفرج التي تحدثت عن فصل الدين عن الدولة لكي لا يصل البلد الى التعصب والمنع، وأمر البترول الذي اعتمد عليه اعتمادا كليا دون توافر للصناعات إذا ما انتهى النفط، وفي مسرحية "الدرجة الرابعة" للكاتب عبدالعزيز السريع عام 1971 وتنبيهنا إلى أن البيت المستقل سيجرّ على العائلة الكثير من الهموم والصراعات بين العادات والتقاليد والحداثة والتحرر والتفكك الأسري، وهناك مسرحيات أخرى كـ"حامي الديار" و"دقت الساعة" وغيرهما لا يمكننا حصرها.
رسالة:إن لاستشراف المستقبل في الفن دورا مهما في تنبيه المجتمع وعلاجه وإصلاحه وإنقاذ البلد مما سيأتي، فإن لم نتعظ من السابق فستعود إلينا الويلات كما أتت الآن.