انتقل الاشتباك بين الرئيس اللبناني ميشال عون وحزب "القوات اللبنانية" من "الاشتباك بالواسطة" عبر وزير الخارجية جبران باسيل، إلى "الاشتباك المباشر"، منهياً فترة الهدنة التي بدأت مع "اتفاق معراب".

وأثار موقف عون من ملف النازحين السوريين حفيظة وزراء حزب "القوات" في جلسة مجلس الوزراء، الخميس الماضي. ولا يخفى على أحد أن هذا السجال كشف إلى العلن عمق الاختلاف الاستراتيجي في النظرة إلى العلاقة مع سورية وملف النازحين.

Ad

وقالت مصادر متابعة إن "حكومة النأي بالنفس تلقت ضربة قاسية، دلت إلى هشاشة الاتفاق السياسي الذي أدى إلى استيلاد الفريق الوزاري بعد طول مماطلة". وأضافت أن "السجال الكلامي تجاوز القفز فوق محاولات عون ضبط إيقاعه في القاعة الحكومية، ليصيب بشظاياه في التفاهمات الحزبية المحلية مقتلا، بدليل حرب الردود والردود المضادة التي انبرى لها التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية".

وكان وزير الشؤون الاجتماعية ريشارد قيومجيان صوّب، خلال الجلسة الحكومية، على المجلس الأعلى اللبناني - السوري ورئيسه نصري خوري، فوصف المجلس بـ"الشيطاني"، وذكّر رئيس الجمهورية بحربه مع السوريين نهاية الثمانينيات.

موقف قيومجيان استدعى رداً حازماً وحاسماً من عون الذي أكّد "اننا ننأى بأنفسنا عما يحدث في سورية، ولكن لا يمكن أن ننأى بأنفسنا عن النازحين السوريين الموجودين في أرضنا"، مشدّداً على أن "سورية جارتنا وموجودة على حدودنا، ومصلحتنا أن ننسق معها".

وختم رئيس الجمهورية بأن أحداً "لا يمكن أن يزايد عليّ في مصلحة لبنان العليا. أنا رئيس الجمهورية وأنا الوحيد الذي أقسم على الدستور"، قبل أن يضرب بمطرقته معلناً انتهاء الجلسة.

ووسط انقسام إزاء مواقف رئيس الجمهورية من ملف النزوح وكيفية معالجته، حط البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي في بعبدا، أمس الأول داعما، فأشاد بموقف رئيس الجمهورية في مجلس الوزراء، واصفا اياه بالـ"مشرّف"، ودعم إشادته بتأكيد أنّه "اذا لم يكن رئيس الجمهورية هو من يحمي الدستور، اي الشعب والمؤسسات والكيان والدولة، فلا احد غيره باستطاعته ذلك"، مشيرا الى "ان المادة 49 من الدستور واضحة، ولطالما كنّا نردد ان رئيس الجمهورية يقسم يمين المحافظة على الدستور وسيادة الوطن ووحدة الشعب وشؤون الدولة اللبنانية، ولم توضع له لا شروط ولا اي قيد مع احد. وهو لم يعتدِ على احد".

وشدد البطريرك الراعي على وجوب "فصل الشأن السياسي عن مسألة عودة النازحين". وقال "انّ ما قام به فخامة الرئيس ممتاز جداً. هو لم يتكلم في كيفية القيام بعلاقات أو بسياسة مع سورية، بل اتى ليقول انّ فوق رأسنا مليون وسبعمئة الف نازح سوري ولا يمكن للبنان، تحمل عبء كهذا، فتعالوا نعمل على حل هذا الموضوع".

في موازاة ذلك، اعتبر نائب رئيس مجلس الوزراء غسان حاصباني، في تصريح أمس، أن "التطبيع مع نظام الأسد يعني ان لبنان بدأ الدخول في لعبة المحاور في المنطقة ويجعل منه طرفا في النزاعات، وهذا ضد مبدأ سياسة النأي بالنفس التي اتفقنا عليها"، مشدداً على "ان الجميع مع عودة النازحين".

وإذ طالب حاصباني بعودة النازحين السوريين بأسرع وقت، أكد أن "العودة لا تعني استغلالهم للتطبيع مع النظام السوري"، لافتا الى أن "للمجتمع الدولي دوراً بارزاً من اجل عودة النازحين، وهناك تجاوب من قبلهم ولدى النازحين هواجس ومخاوف، وخوفهم ليس من داعش فقط، لأن التنظيم لم يعد موجوداً في سورية، بل من النظام السوري، كما ان مجلس الوزراء يعتمد سياسة النأي بالنفس ولا يجوز التواصل مع اطراف الصراع".

وذكّر بأن "رئيس حكومتنا مطلوب من جانب نظام الاسد، وهناك من يذهب نحو التطبيع مع سورية، والعائدون لا يشكّلون 10% من الذين بقوا في لبنان، وتأمين سلامتهم يجب ان يأتي من الامم المتحدة وعبر غطاء دولي"، سائلا: "هل يستطيع وزير الدولة لشؤون النازحين صالح الغريب تأمين عودة آمنة للنازحين، وما هو هدف الزيارة التي قام بها إلى النظام السوري؟".