بحضور قادة وممثلين عن دول الاتحاد الأوروبي والجامعة العربية، في مقدمتهم سمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد، افتُتحت القمة الأوروبية ــ العربية، الأولى من نوعها، أمس في المركز الدولي للمؤتمرات بمدينة شرم الشيخ المصرية، على أن تختتم اليوم ببيان، سيركز على تعزيز التعاون بين المجموعتين الجارتين في التنسيق لمكافحة الإرهاب، وإيجاد حلول للأزمات التي تعانيها منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، إضافة إلى قضية الهجرة غير الشرعية وملفات التجارة المشتركة والتنمية.

وفي كلمته بالقمة، أكد سمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد أن الدور الأوروبي حيال القضية الفلسطينية متميز ومتقدم، معرباً سموه، في الوقت نفسه، عن تطلعه إلى رؤية تفاعل ومبادرات أكبر وأكثر مع هذه القضية، وسعي إلى جعلها في صدارة اهتمامات المجتمع الدولي.

Ad

وقال سموه إن «ما نراه اليوم من بؤر توتر واحتقان في منطقتنا إنما هو بسبب تجاهل هذه القضية، وعدم الوصول إلى الحل العادل والشامل الذي يتطلع إليه أبناء الشعب الفلسطيني الشقيق، بل وأبناء الأمة العربية بأسرها».

وأضاف سموه: «كلنا يدرك حجم الأخطار والتحديات التي نواجهها، لما نمر به من ظروف أمنية وسياسية واقتصادية صعبة»، مشدداً على أن تلك الظروف «تحتم علينا دعوتكم للعمل معنا لمواجهتها، إيماناً منا بالدور البارز والحيوي الذي تلعبه المجموعة الأوروبية على المستوى الدولي في تعاملها مع العديد من القضايا والمسائل، التي تمثل تحديات مشتركة لنا جميعاً، ولعل من أبرزها قضايا الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط».

وأشار سموه إلى الفضاء المشترك والتواصل الجغرافي بين العرب وأوروبا، وغيرها من العوامل التي تعزز التعاون وتخلق آليات التنسيق، لتحقيق المصالح المشتركة على المستويات الاقتصادية والتعليمية والطاقة والاستثمار.

وفيما يلي نص كلمة سموه:

«فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي، رئيس جمهورية مصر العربية الشقيقة... معالي السيد دونالد توسك رئيس المجلس الأوروبي... أصحاب الجلالة والفخامة والسمو... أصحاب المعالي والسعادة... السلام عليكم ورحمة الله وبركاته...

يسرني في البداية أن أعرب عن بالغ سعادتي لهذا اللقاء التاريخي الأول، الذي ينعقد بين الدول العربية والدول الأوروبية، في هذه المدينة الجميلة، كما أود أن أتقدم بالشكر والتقدير للأشقاء والأصدقاء قادة الدول العربية والأوروبية على تلبيتهم للدعوة لهذا الاجتماع، واستجابتهم بالمشاركة فيه، والتي تعبر عن حرصهم على تحقيق الاهتمام والتطوير للعلاقات العربية الأوروبية، كما لا يفوتني أن أتقدم لأخي فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي رئيس جمهورية مصر العربية الشقيقة بالشكر على دعوته لنا، وعلى الحفاوة وكرم الضيافة التي حظينا بها.

أصحاب الجلالة والفخامة والسمو...

لقد مرت منطقتنا بمراحل تاريخية مختلفة كان التفاعل الحضاري وغيره فيها واضحاً وجلياً، حيث تأثيرات المنطقة العربية واضحة وظاهرة على هياكل الحضارة الأوروبية، وبالمثل نرى بوضوح تأثيرات النهضة الأوروبية والحضارة الأوروبية جلية وواسعة على مؤسسات المنطقة العربية الفكرية والتعليمية والسياسية، كما أن لدينا فضاء مشتركاً وبحاراً مشتركة وتواصلاً جغرافياً على الأرض، وكلها عوامل تعزز من تفاعلنا وتوطد من تعاوننا، وتمكننا من خلق آليات التنسيق والسعي لشراكة نستطيع من خلالها دعم وتطوير علاقاتنا وتوسيع آفاقها، لتحقيق المصالح المشتركة لدولنا على كافة المستويات الاقتصادية والتعليمية والطاقة والاستثمار.

أصحاب الجلالة والفخامة والسمو...

إننا نثق بأن مستقبل تعاوننا واعد، فحجم التبادل التجاري بين دولنا جاوز الثلاثمئة وستة وعشرين مليار دولار ونصف المليار، واليوم نشهد تطوراً وارتقاء بمستوى تعاوننا إلى مستويات أعلى، كما أننا على ثقة أيضا بأننا قادرون على اللحاق بما فاتنا خلال السنوات الماضية من إنجازات على صعيد التعاون المشترك وفي جميع المجالات.

أصحاب الجلالة والفخامة والسمو...

كلنا يدرك حجم الأخطار والتحديات التي نواجهها، لما نمر به من ظروف أمنية وسياسية واقتصادية صعبة، وهي ظروف تحتم علينا دعوتكم للعمل معنا لمواجهتها، إيماناً منا بالدور البارز والحيوي الذي تلعبه المجموعة الأوروبية على المستوى الدولي في تعاملها مع العديد من القضايا والمسائل، التي تمثل تحديات مشتركة لنا جميعاً، ولعل من أبرزها قضايا الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط.

أصحاب الجلالة والفخامة والسمو...

ننظر بإعجاب إلى الدور المتميز الذي تقوم به المجموعة الأوروبية في التصدي للعديد من الملفات الساخنة على الساحة الدولية، حيث إن الدور الأوروبي في مواجهة ظاهرة الإرهاب يعد دوراً مميزاً، وكان لنا شرف التعاون والتفاعل معه، لما يمثله ذلك من تحد مشترك، وتهديد مباشر لأمننا واستقرارنا جميعاً.

كما أن الدور الذي تقوم به المجموعة الأوروبية على الصعيد الإنساني يعد دوراً متقدماً ورائداً، حيث إن عطاء الدول الأوروبية تميز بالسخاء دائماً في تلبية الاحتياجات الإنسانية للمجتمعات البشرية، وقد لمسنا ذلك في المسارعة في تلبية العديد من النداءات التي أطلقتها الأمم المتحدة ومنظماتها المتخصصة في العمل الإنساني، ولقد كان لنا أيضا شرف التعاون، والمشاركة مع المجموعة الأوروبية في تقديم الدعم للعديد من الأوضاع الإنسانية للكوارث والأزمات التي تمر بها دول منطقتنا والمناطق الأخرى في العالم. وفي سياق الحديث عن الدور الأوروبي، لا بد لنا من الإشارة إلى أنه وبرغم الدور المتميز والمتقدم للمجموعة الأوروبية حيال القضية الفلسطينية إلا أننا نتطلع إلى أن نرى تفاعلا ومبادرات أكبر وأكثر مع هذه القضية المركزية، وسعياً إلى جعلها في صدارة اهتمامات المجتمع الدولي، لأننا ندرك أن ما نراه اليوم من بؤر توتر واحتقان في منطقتنا إنما هو بسبب تجاهل هذه القضية وعدم الوصول إلى الحل العادل والشامل، الذي يتطلع إليه أبناء الشعب الفلسطيني الشقيق، بل وأبناء الأمة العربية بأسرها.

وفي الختام، لا يفوتني أن أتقدم بالشكر إلى معالي الأمين العام لجامعة الدول العربية الدكتور أحمد أبوالغيط، وإلى الممثل الأعلى للشؤون السياسية والأمنية ونائب رئيس المفوضية الأوروبية السيدة فديريكا موغريني، وإلى جهازيهما، على ما بذلوه من جهود مقدرة في الإعداد لهذا اللقاء الهام.

أكرر الشكر لكم جميعاً، متمنياً لأعمال لقائنا الأول كل التوفيق والسداد.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته».

وبصفته رئيساً للقمة العربية، ألقى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز كلمة دعا فيها إلى حل القضية الفلسطينية، التي وصفها بأنها القضية الأولى للدول العربية، مجدداً دعم السعودية لحل سياسي للأزمة اليمنية.

واعتبر الملك سلمان أن «الميليشيات الحوثية المدعومة من طهران مسؤولة عن الوضع القائم في اليمن»، مؤكداً ضرورة العمل المشترك لمحاربة الإرهاب، في وقت طالب بموقف دولي موحد «لوقف تدخلات إيران السافرة في شؤون الدول الأخرى».

وفي كلمته الافتتاحية، بصفته رئيساً للقمة العربية - الأوروبية، دعا الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي إلى التعاون الأوروبي ـــ العربي لمكافحة خطر الإرهاب، واحترام حقوق الإنسان، وضرورة حل أزمات المنطقة، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، مشيراً إلى أن «صورة الأوضاع في المنطقة قاتمة».

وطالب السيسي بـ «تحويل الشرق الأوسط من منطقة نزاعات إلى منطقة نجاحات»، طارحاً ثلاثة عناوين تحدد إطار الموقف العربي هي: الحفاظ على الدولة، ومكافحة الإرهاب، وحل النزاعات.

ورأى أن «خطر الإرهاب بات يستشري في العالم كله كالوباء، سواء من خلال انتقال العناصر المتطرفة عبر الحدود من دولة إلى أخرى، أو باتخاذهم بعض الدول ملاذاً آمناً إلى حين عودتهم لممارسة إرهابهم، أو من خلال حصولهم على الدعم والتمويل، مختبئين وراء ستار بعض الجمعيات المشبوهة، وعبر توظيفهم لوسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي؛ لتجنيد عناصر جديدة، والتحريض على العنف والكراهية».

وأضاف: «إننا اليوم في أمس الحاجة لتأكيد وحدتنا وتعاوننا أمام هذا الخطر، والوقوف صفاً واحداً ضد هذا الوباء، الذي لا يمكن تبريره تحت أي مسمى، فالإرهاب مختلف كل الاختلاف عن المعارضة السياسية السلمية التي نقبلها جميعاً».

بدوره، دعا رئيس المجلس الأوروبي، الرئيس المشترك للقمة، دونالد توسك، في كلمته، إلى نقاش مفتوح وصريح، معتبراً أن «التعاون الأوروبي ــــ العربي ليس خياراً بل ضرورة».