الوطنية والتعبير عن حب الوطن شعوران فطريان وحاجة إنسانية للإحساس بالانتماء، وصورة لعرض مشهد جميل يتشارك في رسمه الجميع تجسيداً للعمل الجماعي ويحقق النجاحات والارتقاء بسمعة بلدهم بين أمثاله في العالم.استعراض حب الوطن والانتماء إليه لا يمكن أن يحدّد بتوقيت أو أيام خاصة، لأن هذا النوع من الارتباط حالة وجدانية يفترض أن تكون ثابتة ومتواصلة، إلا أنها تتوّج بمظاهر خاصة من الاحتفالات في أيام مميزة تعرف بالأعياد الوطنية، وهذه الأعياد تعد منعطفات رئيسة في حياة الأمم، كعيد الاستقلال وذكرى الاستقلال الثاني المتمثل بالتحرر من عدوان خارجي سعى يائساً من أجل مسح هويتنا وكياننا الوطني.
بالتأكيد، يستحق بلدنا مثل هذه الاحتفالات والابتهاج بتجددها لأنها ببساطة تعكس دخولها سنة إضافية جديدة من عمرها، وتنتظر خلالها سجلاً لما تم من أداء من جهة، وبرنامجاً للعمل للقادم من أيامها من جهة أخرى.اللوحات الجميلة، وصور التعبير عن الفرحة، وتلقائية المشاعر التي تعكس مكنون ما يختلج في قلوب الصغار والكبار تبعث على الراحة النفسية، وقد تنسينا ولو لأيام معدودة الكم الهائل من المشاكل والهموم، وتجمعنا ككويتيين حول محور واحد هو الوطن الذي يطوي صفحة أخرى من تاريخه، ويستعد لدخول حقبة جديدة، والكل يأمل أن تكون أفضل حالاً وأكثر نجاحاً وتألقاً.مشاهد الاحتفال بالعيد الوطني وعيد التحرير تحمل بدورها تساؤلات مهمة، ومن أهمها: ما الحال التي سنكون عليها لو ترجمنا جميعاً هذا التعبير عن حب الوطن في أعمالنا اليومية وواجباتنا الوظيفية ومشاعرنا تجاه بعضنا مدى أيام السنة، سواءً في الإخلاص عند أداء أعمالنا الإدارية أو ترجمة مفاهيم التسامح وتعزيز الجبهة الوطنية، أو المحافظة على المال العام وثروات بلادنا؟ التساؤلات الأهم هو: هل يشعر كبار المسؤولين في الدولة بحكم وظائفهم ومساحات القرار الممنوحة لهم بقيمة الأعياد الوطنية وحقيقتها؟ وما المطلوب تجاهها؟ وهل تساءل هؤلاء عما تم تقديمه للوطن خلال السنة الفائتة؟ وهل تم الاحتفال بتدشين مشاريع جديدة وافتتاحها بالتزامن مع المناسبة الوطنية الأولى؟ وهل يستشعرون تلقائية المواطنين وهم يحتفلون بالأعياد الكويتية بمن فيهم الصغار من الأطفال وهم يرتدون الملابس المزينة بعلم الكويت، والشباب الذين يرفرف العلم الكويتي من نوافذ سياراتهم، والكبار وهم يرددون الأغاني الكويتية الشعبية؟ وهل فكروا ماذا حققوا لهذا الشعب من خدمات يفترض أن تكون متميزة ومتناسبة مع إمكاناتنا وقدراتنا المالية؟ وهل يمتلكون الخطط والبرامج والرؤى التي من شأنها تأمين حياة كريمة لهذا الجيل الواسع من الأطفال؟ هذه هي العيدية الحقيقية التي يستحقها الوطن في مناسباته الوطنية، وهذه هي الأسئلة نفسها والهموم والتطلعات التي سئم الناس من تريدها عبر سنوات متلاحقة، ولكن ردود الفعل الباهتة والاستمرار في تجاهلها لا تزال سيدة الموقف رغم تعاقب أيامنا الوطنية سنة بعد أخرى!
مقالات
عيدك يا وطن!
27-02-2019