في تأكيد لخبر «الجريدة» المنشور 29 أكتوبر الماضي تحت عنوان «ظریف قدم بالفعل استقالته»، فجّر وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف خلافات عميقة داخل أجنحة النظام بتقديمه استقالته رسمياً، تزامناً مع زيارة غير مسبوقة للرئيس السوري بشار الأسد للعاصمة طهران، كانت بمنزلة القشة التي قصمت ظهر البعير.

وغداة تقديم ظريف استقالته، التي أوضح أنها جاءت رداً على تهميش وإقصاء وتخوين لوزارة الخارجية عقب زيارة الأسد، التي علمت «الجريدة» من مصدر مطلع أن قائد «فيلق القدس» التابع لـ «الحرس الثوري» قاسم سليماني هو عرابها ومنسقها، اهتزت أروقة صنع القرار في طهران بتبادل للاتهامات بين أنصار التيارين الإصلاحي والمتشدد.

Ad

وأكد المصدر، وهو مقرب من مستشار لظريف، أن السبب الأساسي للاستقالة هو عدم تنسيق زيارة الأسد، وعدم إعلام الحكومة بها إلا بعد عودة الرئيس السوري إلى دمشق بإشراف كامل من «الحرس»، الذي نجح في التكتم على جميع مراحل الرحلة.

وقال إن «الحرس» أدخل الأسد عبر المطار العسكري خلف مطار مهرآباد الدولي، حيث التقاه المرشد الأعلى علي خامنئي بحضور عدد من أعضاء مكتبه، دون علم رئيس الجمهورية حسن روحاني أو مكتبه أو وزارة الخارجية.

وذكر أنه تم إعلام روحاني بحضور الأسد قبل لقائه بأقل من نصف ساعة، إذ التقى الاثنان بشكل متعجل، ولم تُتح الفرصة لمكتب الرئيس الإيراني للتنسيق مع وزير الخارجية أو أي شخص آخر، إذ علم ظريف بالخطوة بعدما كان الأسد قد عاد إلى دمشق.

وكشف المصدر أن سليماني تحدى ظريف، في اجتماع، أن يستطيع إحضار الرئيس السوري وإعادته إلى دمشق في أي لحظة شريطة ألا يعلم بالرحلة أحد، وهو ما قام به أمس الأول، إذ تمكن من إخفاء الرحلة حتى عن السفير الإيراني في دمشق ونظيره السوري بطهران.

وأشار إلى أن «الخارجية» الإيرانية حاولت منذ 5 سنوات تنسيق زيارة للأسد لطهران، لكنها كانت تواجه بتحجج أمني يرى أن تسريب نبأ غياب الرئيس السوري في ظل الحرب الأهلية قد يتسبب في سقوط النظام لمصلحة المعارضة.

واعتبر المصدر أن قرار ظريف جاء بسبب خطوة سليماني، إضافة إلى الخلافات الحالية بين ظريف و«الحرس» بشأن عدة قضايا، في مقدمتها ملفات سورية والعراق واليمن، ومحاولات «الخارجية» الإيرانية فتح قنوات اتصال سياسية مع السعودية، في حين يعتبر قادة الجهاز العسكري أن السياسة الخارجية الخاصة بالمنطقة يجب أن تكون تحت إشرافهم.

وأكد أن ظريف رأى أن تدبير «الحرس» لعقد لقاء مباشر لبحث مسائل حساسة بين خامنئي والأسد دون علمه يعني سياسياً أنه يعتبره غير جدير بالثقة، وعليه فهم لا يقومون بإطلاعه على المعلومات الحساسة، إضافة إلى أن هناك تحشيداً كبيراً ضد وزير الخارجية بسبب موضوع انضمام إيران إلى معاهدة الـ «FATF»، وتعويل «الخارجية» الإيرانية على الأوروبيين، إذ شهدت جلسة مجلس تشخيص مصلحة النظام الأخيرة تلاسناً كبيراً بين أنصار روحاني ومعارضيهم، ونعت البعض ظريف بأنه عميل للغرب.

وأوضح المصدر أن روحاني، الذي رفض قبول الاستقالة، بدأ استشارات مكثفة مع ظريف لثنيه عن قراره، مضيفاً أن رئيس الجمهورية، الذي دافع خلال كلمة أمس، عن وقوف «ظريف بالخطوط الأولى في مواجهة الولايات المتحدة»، عرض على الوزير أن يصطحبه في زيارة للمرشد، على أن تتم دعوة سليماني لإنهاء الخلافات.

ولاحقاً، صرح مدير مكتب روحاني بأن الرئيس يؤكد أن الجمهورية الإسلامية لديها «وزارة خارجية واحدة ووزير خارجية واحد».

وكانت «الجريدة» نشرت، نقلاً عن مصادر مقربة من ظريف، تأكيده أنه قدم استقالته بالفعل إلى روحاني؛ احتجاجاً على تدخلات الحرس الثوري، واعتباره أن إيران بات لديها عدة وزارات خارجية تعمل بشكل موازٍ مع وزارته.

الأسهم تهبط ألفَي نقطة

قالت وكالة الأنباء الإيرانية إن سوق الأسهم الإيرانية تراجع نحو ألفَي نقطة أمس؛ بفعل أنباء استقالة وزير الخارجية محمد جواد ظريف.

وكان ظريف أعلن استقالته، في تدوينة على «إنستغرام» أمس الأول، غير أن الرئيس حسن روحاني لم يؤكد قبولها.