الأغلبية الصامتة: صفر الحياء
صفر الحضور هو نفسه صفر الحياء في الدفاع عن الغشاشين والسراق والمتجاوزين وكل النماذج السيئة في المجتمع، صفر الحضور ليس سوى سوسة من جملة السوس الذي ينخر في أساسات أي دولة، وما حصل من غياب جماعي علاجه لن يكون سهلا بالتأكيد ولكنه ليس مستحيلا أيضاً.
على ذمة المصادر التربوية التي كشفت للزميلة "الراي" فإن نسبة حضور الطلبة صفر في المئة في كثير من المدارس، هذا الخبر وغيره الكثير سواء على الصعيد التعليمي والتربوي أو على كل ما يشير إلى جدية "الالتزام" وحقيقة "الإنتاجية"، سيمر مرور الكرام لأن الفعل الجماعي يتم داخل بيئة حاضنة مريحة لا يكدر صفوها سوى القلة من "المجانين" الذين أخذوا الشعارات "جد" وطبقوها في حياتهم اليومية.لم نكن لنحتاج إلى تصريح مباشر أو مستتر لكي نكتشف وجود الفيل الذي يشاركنا الغرفة الصغيرة، فكل المؤشرات تدل على مضمون التصريح، ومن قبل أن تبدأ إجازة الأعياد الوطنية، فإما بالإجازة أو بدونها سيتم ترويض يومي الأربعاء والخميس بالغياب ودون أن يسأل أحد عن دوام الأولاد ومستقبلهم الدراسي!! الشوارع خالية من الزحمة المعتادة ونسبة الحضور في الوزارات والمؤسسات الحكومية تحكي قصة المدارس نفسها لأن التلاميذ لن يسافروا إلا برفقة آبائهم الموظفين.
هذه الظاهرة المتكررة من التراخي في الالتزام، كارثة حقيقية إذا نظرنا إليها من عدة زوايا لأن محركات الغياب أتت من منابع المثل العليا لا من التلاميذ الذين يميلون بحكم أعمارهم الصغيرة إلى اللعب والمرح، ولكن ما الحل إذا قاد الآباء ثورة الغياب؟ وكيف نتعامل مع المدرسين الذين يطلبون من التلاميذ عدم الحضور؟ وكيف تسير الدولة أعمالها وأصحاب شعارات حب الوطن ورفع الرواتب يختفون مع أول هبة ريح؟ صفر الحضور هو نفسه صفر الحياء في الدفاع عن الغشاشين والسراق والمتجاوزين وكل النماذج السيئة في المجتمع، صفر الحضور ليس سوى سوسة من جملة السوس الذي ينخر في أساسات أي دولة، وما حصل من غياب جماعي علاجه لن يكون سهلا بالتأكيد ولكنه ليس مستحيلا أيضاً، فمن يتشطرون على القانون هنا نفسهم يتحولون إلى أشخاص آخرين بمجرد نزولهم إلى أراضي الدول التي لا تخلط الضحك واللعب والحب مع الجد.