غريب عجيب أمر بعض الأجهزة الحكومية التي ترفع شعار الباب المفتوح وكأنه ضحك على ذقون الآخرين، لأن الشعار لا ينطبق على الواقع بل لا يمتّ له بصلة، خصوصا تلك الأجهزة التي أصبحت تستخدم التكنولوجيا بهدف إغلاق أبوابها في وجه المراجعين بعد أن أصبحت بمعزل تام عنهم، حيث طبقت بطاقات خاصة لفتح الأبواب للموظفين فقط أو من يرغب المسؤول في استقباله فقط على حسب مزاجيته، أو إذا كان من ربع الديوانية أو من ذوي الوساطات القوية. فضلا عن فتح الأبواب أمام النائب ومن يتبعه، فتجدهم يتكدسون عند أحد مكاتب القياديين، ومن لا يحمل هذه الامتيازات مصيره يكون عند البوابة الرئيسة لمبنى الوزارة بانتظار المنقذ أو أي مسؤول قد تجمع بينهما المصادفة أو الحب من أول نظرة، لكسب وده والسماح له بالدخول وتمرير معاملته، قد تكون الأسوار المحصنة هي السياسة الفعلية للحكومة التي يبدو أنها تعيش خلف المكاتب المغلقة، لإيهام الناس بشعاراتها الإصلاحية التي مللنا سماعها، ولولا تلك الشعارات لما أصبحت شوارعنا ومناطقنا بحالة يرثى لها وتدمع العيون على مأساتها.
وعودة الى سياسة «الباب المفتوح» المغلق على أرض الواقع، فإن هذه الأجهزة ذات المباني التكنولوجية الشاهقة لم تلتفت إلى تعليمات رئيس الحكومة الذي شدد في أكثر من مناسبة على ذلك، وكذلك بعض وزرائه، فضلا عن البالونات وفقاعات التهديدات النيابية التي تستخدم من باب الترويج الإعلامي والبهرجة الخادعة بمحاسبة الوزراء والقياديين والمسؤولين الذين يغلقون أبوابهم في وجوه المراجعين، والسؤال هل يعلم هؤلاء النواب هذا الواقع أم أنهم سيتجاهلون الأمر وفقا للمثل القائل «أذن من طين وأذن من عجين»؟الحكومات التي تحترم عقول شعوبها استخدمت التكنولوجيا من أجل تبسيط الإجراءات ومنع وصول المراجع إلى مبنى الوزارة لأنه لن يحتاج إلى ذلك بفضل إنجاز المعاملات إلكترونياً أو توصيلها إلى مسكنه، وهناك حكومات منعت الأبواب في المكاتب، أي مبان بلا أبواب من أجل خدمة المراجعين لأن المسؤول والقيادي والوزير وضع لخدمة الناس لا تعطيل مصالحهم.دائما ننتقد الآخرين ونبرر فشلنا بالمقارنة ببعض الدول التي لا تزال تئن تحت وطأة الجهل والتخلف، في حين لا ننظر إلى الدول التي تخطتنا في الكثير من المراحل، بل أصبحت لا تنظر إلى خدماتنا الحكومية بشيء لأننا لا نزال من وجهة نظرها تحت جلباب خدمات حكومية متخلفة.نتمنى من مجلس الأمة أن يتحرك نوابه الأفاضل ويلتفتوا إلى هذا الواقع المأساوي، ويصدروا تشريعا لخلع أبواب الأجهزة الحكومية، وخلع كل من يرفض تطبيق هذا التوجه، فضلا عن خلع كل نائب لا يزال تفكيره «على طمام المرحوم» لأن استمرار التصويت وفقا لإشارة المعزب باتت مكشوفة ومعروفة، والشعب أصبح أكثر إدراكاً لبعض المسرحيات والألاعيب، وعلى مجلس الوزراء أن يبادر في توجيه الأجهزة الحكومية بمنع تعميم مثل هذه الأفكار حتى لا تصبح واقعا يفرض في مختلف الوزارات.
مقالات - اضافات
شوشرة: اخلعوا أبوابهم
01-03-2019