صورة لها تاريخ : «الثاقب» من آل «وطبان» أبناء عمومة آل سعود و«القرش» عملة عثمانية تداولها الكويتيون في الماضي
في المقال السابق استعرضنا وثيقة تاريخية تعود إلى عام 1802م وردت فيها أسماء عديدة لأسر كويتية استقرت في الكويت منذ تلك الفترة حتى وقتنا الحاضر. والوثيقة، بجانب أنها وثقت أسماء تلك الأسر التي أشرنا إليها في مقالنا السابق، وردت فيها معلومات مهمة لم نؤكد عليها في الأسبوع الماضي، لعدم كفاية المساحة المخصصة للمقال، لذلك سنشير إليها في مقالنا اليوم. أولى هذه الملاحظات ما يتعلق بأسرة الثاقب الكريمة، حيث ورد أن المشتري دكان لولوة بنت محمد بن ناجي القناعي هو حمد بن ثاقب آل وطبان. وآل وطبان هم فرع من عشيرة المَرَدة (مفردها المُرَيْدي) التي تنتمي إليها أسرة آل سعود الكرام حكام المملكة العربية السعودية، فهم (أي آل ثاقب بن وطبان) أبناء عمومة لآل سعود يلتقون في جد واحد هو "مرخان". تقول بعض المصادر التاريخية إن وطبان بن ربيعة بن مرخان انتقل مع أبنائه إلى مدينة الزبير عام 1065هـ/1654م، ثم انتقل بعض آل الثاقب بعد عقود من الزمان إلى الكويت واستقروا فيها إلى يومنا هذا. وتؤكد الوثيقة، التي نحن بصددها، هذه الحقيقة التي لا تدع مجالا للشك أن حمد بن ثاقب آل وطبان كان يسكن الكويت في مطلع القرن التاسع عشر أو قبل ذلك، وانه كان يعمل بالتجارة والبيع والشراء. أما آل ثاقب الذين استمروا في العيش في الزبير فأشهرهم إبراهيم بن ثاقب آل وطبان، الذي تولى الحكم في الزبير مدة أربعة وعشرين عاماً في عام 1213هـ/1798م، ثم تولى الحكم فيها أيضاً ابنه محمد بن إبراهيم الثاقب مدة ثلاث فترات متقطعة. ومحمد بن إبراهيم الثاقب هو والد المرحومة لولوة الثاقب (أم الشيوخ محمد ومبارك وجراح الصباح)، التي تزوجها الشيخ صباح (الثاني) بن جابر (العيش) بن عبدالله الصباح. أما الملاحظة الثانية المرتبطة بالوثيقة، فتتعلق بعملة البيع والشراء الواردة فيها وهي "القرش".
من المعروف أن الكويتيين في الماضي لم يكن لهم عملة خاصة بهم سوى عملة واحدة صكها الشيخ عبدالله (الثاني) بن صباح عام 1886م، واستمرت فترة قصيرة ثم اختفت، ولذلك كان الكويتيون يستخدمون عملات أجنبية في حياتهم اليومية منذ نشأة الكويت مثل العملة العثمانية (الليرة)، والعملة الإيرانية (الغران)، والعملة الهندية (الروبية)، والعملة الاحسائية (طويلة الحسا)، والريال النمساوي (ويطلق عليه في الوثائق الريال الفرانسي) وغيرها. في وثيقتنا المشار إليها سابقاً، والتي تعود إلى عام 1802م، يرد اسم "القرش" كعملة مستخدمة في بيع الدكان المذكور، وهذا القرش هو عملة عثمانية يبدو أنها كانت العملة الأكثر شيوعاً في البيع والشراء في نهاية القرن الثامن عشر ومطلع القرن التاسع عشر الميلادي في الكويت. وطبقاً لما أورده الكاتب محمد عبدالهادي جمال في كتابه "تاريخ العملة والنقود في دولة الكويت" الصادر عام 2010م، فإن "الليرة" الذهبية العثمانية تنقسم إلى 100 قرش، والقرش ينقسم إلى 40 "بارة"، والبارة تنقسم إلى ثلاثة "اكشات". ووردت في الكتاب صور لأنواع العملات العثمانية في الكويت وشرح لتواريخها وأسمائها المتداولة. هذا ما لدي لمقال اليوم، وإلى اللقاء في الأسبوع المقبل إن شاء الله تعالى.