قال تقرير «الشال» الاقتصادي الأسبوعي، إنه على الرغم من الانخفاض الكبير في أسعار النفط، والضغوط على مستويات إنتاجه من أجل دعم تلك الأسعار، يستمر نمو النفقات العامة التي بلغت في مشروع موازنة السنة المالية 2019/2020 ثاني أعلى مستوياتها عند 22.5 مليار دينار، والمستوى الأعلى كان 23.2 مليار دينار في موازنة السنة المالية 2014/2015، وكان استثنائياً بسبب عجوزات نظام التأمينات الاجتماعية، وفي زمن كان فيه سوق النفط ما زال رائجاً.

ووفق التقرير، فإن الأكثر أهمية هو ما ذكره وزير المالية أخيراً من أن نحو 75 في المئة من نفقاتها بات غير مرن، وهو باب الرواتب والأجور والدعوم وما في حكمها، ذلك يعني، أن الهامش المتبقي لا يكفي لتحسين مستويات التعليم والخدمات العامة، والأهم لا يكفي لتمويل مشروعات تخلق فرص عمل للقادمين الصغار إلى سوق العمل.

Ad

في التفاصيل فإن عدم مرونة النفقات العامة مع حتمية ارتفاعها، وترجيح استقرار أسعار النفط عند 60 في المئة من مستويات عام 2013، واستشراء الفساد والهدر في كل بنود النفقات العامة، عوامل تحتم عدم استدامة المالية العامة.

وقدمت وزارة الداخلية في بند واحد من بنود نفقاتها، بند الضيافة، نموذجاً على فداحة ما وصل إليه مستوى الهدر والفساد، وفقاً لما نشرته جريدة «السياسة» في عددها الصادر في 19 فبراير 2019. وأول مؤشرات ضعف الرقابة المالية أو الاستهتار بها، أن مخالفات فاضحة مثل تلك المخالفات لم تكتشف أو يعلن عنها سوى 3 سنوات بعد حدوثها، والحديث هنا ليس عن صفقات أسلحة أو صيانتها. ومعظمها حدث بعد انهيار أسعار النفط، وبمستويات وطرق فاضحة، حتى أن عدد من استضافتهم الداخلية خلال سنتين ماليتين بلغ 191.050 ضيف بمعدل 262 ضيفاً في اليوم الواحد، شاملاً العطلات الرسمية، يرتفع إلى 354 ضيفاً في كل يـوم عمـل رسمـي. وتـم حجـز فنـادق بأكثـر من طاقتها الاستيعابية، وحجز أكثر من غرفة في ليلة واحدة لضيف واحد.

وبلغ معدل تكلفة وجبة واحدة لضيف نحو 1273 ديناراً كويتياً، وذلك كله حدث في وزارة الداخلية المسؤولة عن تنفيذ الأحكام، وحدث ومازالت فضائح الإيداعات والتحويلات ساخنة، وهي حوادث فساد فاضحة مماثلة، وإن في جهات حكومية أخرى.

وفي خلاصة، وضع الكويت المالي لن يتحسن، والاحتياجات الأساسية للناس تتزايد، والحديث عن عدم مرونة النفقات العامة لا معنى له أمام مثل هذا المستوى الفاضح من الهدر والفساد، ولابد أن الهدر والفساد يشملان حتى بنود الرواتب والأجور والدعوم.

والعجز عن المواجهة يعني اختصار طريق عدم استدامة المالية العامة، ويعني ضمور فرص نجاح أي مشروع تنموي، ويعني موقفاً تفاوضياً حكومياً ضعيفاً في مواجهة أي مطالبات شعبوية، ويعني وصم بلد جميل بسمعة سيئة.