هل لمنظمة التعاون الإسلامي دور في الأزمات الهندية-الباكستانية؟
شاركت الهند كـ«ضيف شرف» في الدورة السادسة والأربعين لمجلس وزراء خارجية الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، التي عقدت في أبوظبي، وهذه أول مرة تُدعى الهند إلى أي لقاء لهذه المنظمة كضيف شرف.يبقى هدف هذه المجموعة الأول صون وحماية «مصالح العالم الإسلامي بما يروّج السلام والتناغم الدوليين بين مختلف شعوب العالم».غالبية الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي بلدان معظم سكانها من المسلمين، إلا أن بعض الدول التي تضم أقلية مسلمة كبيرة، مثل روسيا وتايلند، شاركت أيضاً في هذا المنتدى كدول مراقبة، ولكن رغم أن الهند بلد يضم أحد أكبر المجتمعات الإسلامية حول العالم، لم تتمكن نيودلهي حتى اليوم من الانضمام إلى منظمة التعاون الإسلامي بأي صفة، لذلك تعتبر مشاركة الهند في هذه المنظمة كضيف شرف خطوة مهمة من نواحٍ عدة، وخصوصاً بالنسبة إلى علاقة نيودلهي مع إسلام أباد.
تزامنت دعوة منظمة التعاون الإسلامي الهند مع زيارة أخيرة قام بها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان إلى باكستان والهند، وتشير التقارير إلى أن ولي العهد حضّ على ضبط النفس في عدد من المسائل التي تعكّر صفو العلاقات الهندية-الباكستانية، وفي أعقاب اعتداء بولواما الإرهابي في مطلع هذا الشهر، اعتُبر دور المملكة العربية السعودية في التخفيف من التوتر بين البلدين بالغ الأهمية، ومن الممكن أيضاً أن يؤدي ولي العهد السعودي دوراً مهماً في إطلاق قناة تواصل خلفية بين الهند وباكستان بعد اعتداء بولواما.في الماضي تولت الولايات المتحدة تقليدياً دور إدارة الأزمات بين الهند وباكستان بالحض على ضبط النفس والتدخل بفاعلية لنزع فتيل التوتر، ولكن مع تقليص الولايات المتحدة دورها في إدارة الأزمات بين البلدين في عهد ترامب، من اللافت للنظر أن دولاً مثل المملكة العربية السعودية تضطلع بدور فاعل في تشجيع ضبط النفس بين نيودلهي وإسلام أباد، وتقدّم منظمة التعاون الإسلامي في هذا المجال منتدى يتيح لباكستان والهند عرض مواقفهما في عدد من المسائل الشائكة مع السماح خلال هذه العملية لهذا المنتدى بالمشاركة للتخفيف من التصعيد.لا بد من الإشارة إلى أن باكستان لم تنتقد قرار الإمارات العربية المتحدة دعوة الهند كضيف شرف خلال الدورة التالية لمنظمة التعاون الإسلامي. في الماضي سعت باكستان بدأب دوماً لإبقاء الهند خارج هذا المنتدى، حتى أن إسلام أباد استعملت هذا المنتدى لتبرز سياسات نيودلهي العدائية المزعومة في جامو وكشمير، لذلك يعكس امتناع باكستان اليوم عن انتقاد مشاركة الهند في منظمة التعاون الإسلامي وعن مقاطعة الدورة المقبلة نقطتين مهمتين: أولاً، ما كانت الإمارات العربية المتحدة لتدعو الهند من دون تشاور مسبق مع القيادة السعودية الحالية وربما الحصول على موافقتها.بما أن باكستان تبذل جهوداً حثيثة للفوز بدعم دبلوماسي ومالي من الرياض خصوصاً ومنطقة الخليج العربي عموماً، لا يتلاءم انتقاد قرار دعوة نيودلهي مع مصالح إسلام أباد، وكما هو متوقع دعت منظمة التعاون الإسلامي بطلب من باكستان إلى اجتماع طارئ لمجموعة اتصالها بغية مراجعة أعمال نيودلهي بعد اعتداء بالواما في جامو وكشمير. تريد إسلام أباد استغلال مكانتها كعضو دائم في المنتدى لتسلط الضوء على انتهاكات حقوق الإنسان الهندية المزعومة في جامو وكشمير. ثانياً، من المرجح أن إسلام أباد قبلت ضمن إطار منظمة التعاون الإسلامي بدور منطقة الخليج في نزع فتيل التوتر بين الهند وباكستان واحتواء نقص الثقة القائم بين هذين البلدين، فقد أشار بعض التقارير سابقاً إلى أن القيادة الباكستانية ترغب في إقامة علاقة جيدة فاعلة مع الهند.يوم الأحد، أخبر رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي أنه «ملتزم بكلماته بأن إسلام أباد ستتحرك في الحال، إذا قدّمت الهند لباكستان معلومات يمكن العمل على ضوئها» فيما يخص اعتداء 14 فبراير في بولواما، وقد جاء رد خان هذا بعد تصريح مودي بأن رئيس الوزراء الباكستاني وافق على العمل مع الهند للقضاء على الفقر والإرهاب في المنطقة.وإن الضغوط السياسية المحلية التي تتطلب أحياناً «خطاباً شديد اللهجة» من كلا البلدين تواصل تقويض أي تدابير ممكنة قد تكون ضرورية للمصالحة بين البلدين. صحيح أن باكستان اعتبرت مشاركة الهند في منظمة التعاون الإسلامي مصدر إزعاج لمكانتها الدولية، إلا أن إسلام أباد ستسعى إلى المزيد من المنتديات واللاعبين الذين قد يسهلون التواصل خلال أوقات الأزمات.* عمير جمال* «ذي ديبلومات»