هل حقق ترامب النصر في حربه على التحقيق بشأن روسيا؟
![ذي نيو ريبابليك](/theme_aljarida/images/authorDefault.png)
يعمل ترامب منذ سنوات على عرض وجهات نظره الخاصة عن صلاحيات العفو، ففي شهر أغسطس عام 2017، منح عفواً لشريف أريزونا السابق جو أربايو، الذي أُدين بتهمة بتحقير المحكمة بعد استهدافه عرقياً سائقي السيارات المتحدرين من أصول لاتينية مع أن القاضي أمره بالكف عن ذلك، وفي فصل الصيف الماضي، محا ترامب أيضاً إدانة صانع الأفلام المحافظ دينيش دسوزا لارتكابه انتهاكات مالية في حملته. دعم هذان الرجلان بقوة الرئيس وعزوا سقوطهما إلى تحقيقات مسيّسة. صحيح أن ترامب ليس الرئيس الأول الذي يسيء استعمال سلطة العفو، إلا أن هذين العفوين أوضحا على نحو غريب أنه قد يمنح العفو في سبيل تحقيق مكاسب حزبية لا أكثر.بعدما أدانت هيئة محلفين في فرجينيا مانافورت بتهم عدة في شهر أغسطس الماضي، تبنى ترامب موقفاً أكثر علانية، فقد أثنى على الملأ على مدير حملته السابق لأنه رفض «اختلاق القصص بغية الحصول على «صفقة»، في حين انتقد بشدة مايكل كوهين، محاميه الخاص السابق، للتعاون مع المحققين. وبعد ساعات أكّد رودي جولياني للمراسلين أن الرئيس لن يصدر أي عفو حتى انتهاء التحقيقات، وإذا جمعنا هاتين الرسالتين معاً، نرى أنهما تشيران إلى أن احتمال العفو سيكون مطروحاً على الطاولة إذا التزم مَن قد يتلقونه الصمت، وأفادت صحيفة «نيويورك تايمز» في وقت سابق أن محامي ترامب قدّموا في المجالس الخاصة تطمينات مماثلة. لكن مكتب المحقق الخاص تنبه لهذه الجهود، ففي جلسة استماع مغلقة الشهر الماضي، كشف فريق مولر حافزين دفعَا مانافورت إلى الكذب عليهم في جزء من التحقيقين، حيث غُطي الحافز الأول بخط داكن عريض خلال عملية التنقيح الجزئية التي خضعت لها الوثيقة الرسمية، أما الحافز الثاني فهو أن قول الحقيقية «قد ينعكس سلباً على الحافز الآخر الذي يملكه مانافورت، ألا وهو أن يغزز على الأقل فرصه بنيل عفو».تمحور الجزء الأكبر من المناقشات في التحقيق بشأن روسيا حول خط بالغ الأهمية في تحقيق مولر: ما إذا كانت حملة ترامب قد تآمرت بطريقة غير مشروعة مع الحكومة الروسية في انتخابات عام 2016، ولكن حتى لو يتوصل مولر إلى أدلة تبرهن ذلك، فقد سبق أن أثبت تحقيقه مدى أهميته بكشفه وكر أفاعٍ من أنماط السلوك غير المشروع خلال انتخابات عام 2016. كذلك سلط الضوء على كيفية استخدام العملاء الروس وسائل التواصل الاجتماعي للتلاعب بالرأي العام والتأثير فيه، كذلك أماط مولر اللثام عن روابط مريبة بين عملاء روس ومسؤولي حملة ترامب وأظهر كذبهم لإبقاء هذه الروابط مخفية عن العامة، وربما توصل أيضاً إلى انتهاكات خطيرة ارتكبتها منظمة ترامب ولجنة ترامب الافتتاحية، علماً أن كلتيهما تخضعان راهناً لتحقيق يقوده مدعون فدراليون في نيويورك وواشنطن.يجب ألا ننسى أيضاً مسار التحقيق الآخر الذي يتبعه مولر والذي قد يتبين أنه أكثر أهمية من الناحية القانونية من مسألة التآمر: هل عرقل ترامب مسار العدالة بطرده مدير مكتب التحقيقات الفدرالي جيمس كومي؟ وقد يعزز تقديم ترامب بطريقة مبطنة عفواً لشركائه السابقين في التآمر أي تهم بعرقلة مسار العدالة قد توَجَّه ضده. حتى مَن اختار الرئيس أخيراً ليرأس وزارة العدل أقر بهذه المخاطر القانونية المحتملة، إذ سأل سيناتور فيرمونت باتريك ليهي بار خلال جلسة إقرار تعيينه: «هل تعتقد أن الرئيس يستطيع أن يصدر بطريقة قانونية عفواً مقابل عرض متلقيه عدم تجريمه؟». أجابه المدعي العام: «كلا، هذه جريمة».قد يقدّم هذا بعض العزاء لخصوم ترامب مع انتقال التحقيق الروسي من وزارة العدل إلى أروقة الكونغرس، فقد تسهّل اكتشافات مولر بشأن عرقلة مسار العدالة، في حال قُدّمت للمشرعين، إزالة الرئيس من منصبه، لكن عملية العرقلة ستكون قد أحدثت ضرراً، فبالترويج للعفو مقابل التزام الصمت، حرم ترامب الأميركيين من الجواب الكامل المحتمل عن السؤال الذي يطارد الأمة منذ انطلاق التحقيق في المسألة الروسية: ما حدث؟* مات فورد* «نيو ريبابليك»