تنتهي اليوم مهلة تقديم المرشحين لانتخابات الرئاسة الجزائرية المقررة في 18 أبريل أوراق ترشحهم للمجلس الدستوري، الذي سينظر فيها، ويعلن مدى أهليتهم خلال 10 أيام.وتسود حالة شديدة من الترقب لمعرفة إذا كان الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة، الذي بلغ أمس من العمر 82 عاماً، سيتقدم بأوراق ترشحه، رغم وجوده في جنيف حتى مثول "الجريدة" للطبع.
ولم يعلن الرئيس الموجود في سويسرا منذ ستة أيام رسمياً، لإجراء "فحوص طبية دورية"، موعد عودته إلى البلاد، لكن لا يوجد مسوغ قانوني يجبر المرشح للتقدم شخصياً بملفه إلى المجلس الدستوري. وفي الأيام الماضية، أكد المعسكر الموالي للرئيس، أن الاحتجاجات على ترشحه لولاية خامسة لن تمنع تنظيم الانتخابات في موعدها المقرر، مشدداً على أن ملف ترشح بوتفليقة سيقدم الأحد للمجلس الدستوري.لكن غداة أقوى تظاهرات ضد ترشحه ثارت حالة من اللغط مجدداً حول صحة بوتفليقة.ونقل موقع "روسيا اليوم"، الروسي الحكومي عن مصدر طبي، أن حالة بوتفليقة حرجة جداً، مضيفا أنه كان من المقرر أن يخضع لعملية جراحية، لكن وضعه الصحي لم يسمح بذلك، وأنه موجود بقسم معزول عن باقي أقسام المستشفى.وفي وقت لاحق، نقل الموقع نفسه عن المتحدث باسم مستشفى جنيف الجامعي نفيه صحة الأنباء عن تدهور الحالة الصحية للرئيس الجزائري.وقال المتحدث، إن المستشفى لا علاقة له بأي معلومات تنشر في الإعلام، وهو لا يتبنى مضمون أي خبر مهما كان. ووصل إلى حد القول، إنه لا يمكنه أن يؤكد "حتى وجود الرئيس بوتفليقة في المستشفى أصلاً".ولاحقاً، نفى مقربون من الرئيس الجزائري صحة التقارير عن تدهور صحته.
عودة وطلب
وجاء ذلك، غداة تصريح مصدر أمني جزائري لوكالة "يورونيوز" بأن طائرة بوتفليقة عادت من جنيف إلى الجزائر من دون أن يكون الرئيس بوتفليقة على متنها.ونقلت الوكالة نفسها، عن مصدر رسمي ثان في الحكومة الجزائرية، أن الرئيس استدعى، أمس الأول، مستشاره الدبلوماسي ووزير الخارجية السابق رمطان لعمامرة إلى جنيف، للتفاوض حول إمكانية تعيين الأخير رئيساً لوزراء البلاد.وقال المصدر نفسه للموقع الأوروبي، إن قائد الجيش طلب من الرئيس البقاء في جنيف حتى يوم الثالث من مارس.وكان بوتفليقة، أنهى أشهراً من التخمينات بشأن ترشحه بإعلانه في العاشر من فبراير نيته الترشح، لكن الإعلان أدى إلى حركة احتجاج لا سابق لها منذ توليه الحكم في 1999.تظاهرات تاريخية
ووسط ترقب لعودة بوتفليقة من جنيف لحسم مسألة تقديم أوراق ترشحه للمجلس الدستوري، دعا عشرات الآلاف من المتظاهرين، أمس الأول، في عدة مدن بأنحاء الجزائر الرئيس إلى التنحي في أكبر تظاهرات مناهضة للحكومة منذ احتجاجات الربيع العربي قبل ثماني سنوات.واتسمت الاحتجاجات في معظمهما بالسلمية، لكن مشادات وقعت بين الشرطة ومحتجين قرب القصر الرئاسي بالعاصمة الجزائر.وشارك في المسيرات شباب وأطفال كبار وصغار نساء ومسنون إلى جانب شخصيات سياسية معارضة، وأخرى تاريخية على غرار جميلة بوحيرد الشخصية الثورية ضد فرنسا في الفترة من 1954 حتى 1962 التي تبلغ من العمر الآن 83 عاماً.تظاهرات الجمعة
في غضون ذلك، أفردت الصحافة الجزائرية الصادرة أمس، حيزاً مهماً لمسيرات الجمعة الثانية المناهضة لبوتفليقة، واصفة إياها بـ "التاريخية". ونقلت وسائل إعلام محلية عن مصادر في الشرطة، أن مسيرة العاصمة شهدت مشاركة أكثر من 800 ألف متظاهر.وذكرت وكالة الأنباء الحكومية، أن آلاف الجزائريين خرجوا في العاصمة وعدة ولايات في مسيرات سلمية تطالب بالتغيير وبإصلاحات عميقة في تسيير شؤون البلاد. ولم تشر الوكالة إلى مطالب المحتجين المناهضة لترشح بوتفليقة، رغم أنها تطرقت لذلك في حراك الجمعة الأولى للمسيرات في 22 فبراير الماضي.وفاة واتهامات
وسجلت المسيرات، وفاة حسان بن خدة، 56 عاما، ابن المجاهد ورئيس الحكومة المؤقتة الأولى أثناء الثورة التحريرية، 1958 ــ 1962، بن يوسف بن خدة، بالقرب من فندق الجزائر بالعاصمة.وأعلنت المديرية العامة للأمن الوطني، سقوط 56 جريحاً في صفوف الأمن، و7 آخرين من جهة المتظاهرين وتوقيف 45 متظاهرا عقب اندلاع أعمال شغب محدودة بالعاصمة.وقال وزير الداخلية والجماعات المحلية نورالدين بدوي: "نترحم على روح الفقيد حسان بن خدة، ابن قامة الثورة التحريرية بن يوسف بن خدة، الذي توفي مساء الجمعة. وإذ نتقدم بأخلص تعازينا لأهله وذويه، نؤكد أن التحقيقات الطبية الشرعية ستوضح أسباب وظروف وفاته".من جانبه، روى شقيقه سليم بن خدة تفاصيل وفاة الضحية، قائلا: "بعد أن صلى صلاة العصر في الشارع جماعة على الرصيف بجنب قصر الشعب واصل المسيرة مع الشباب ومنهم أخي الأصغر وأعضاء من العائلة بنية الالتحاق ببيت الوالدة في حيدرة". وتابع: "على مستوى نزل الجزائر وقفت المسيرة التي كانت تجري بكل سلمية، وفجأة تدخلت قوات الأمن بعنف مما أدى إلى ازدحام كبير بين النازلين والصاعدين وفقد الاتصال بالأخ، وحدث هذا بالتزامن مع وصول عدد كبير من البلطجية في عين المكان وترك لهم الميدان للنهب والسلب. وفي الساعة السابعة والنصف اتصل بي موظف في المستشفى ليخبرني بوجود جثة أخي في مصلحة تشريح الجثث".بن فليس ومنافسو الرئيس
إلى ذلك، من المتوقع أن يعلن علي بن فليس منافس بوتفليقة في انتخابات 2004 و2014 بعد أن كان رئيس وزرائه، اليوم إن كان سيترشح أم لا.أما اللواء المتقاعد علي الغديري، الذي دخل فجأة عالم السياسة في نهاية 2018 دون أن يكون لديه حزب، فقد أعلن ترشحه، لكنه متكتم جدا منذ عدة أسابيع.من جهته، رشح أبرز حزب اسلامي "حركة مجتمع السلم"، الذي كان انسحب من الائتلاف الرئاسي في 2012، رئيسه عبدالرزاق مقري للاقتراع.أما رجل الاعمال رشيد نكاز الشديد الحضور على شبكات التواصل الاجتماعي ويجتذب شبابا متحمسا في كل تنقلاته، فيبدو أنه لا يملك كل شروط المرشح.ورغم تأكيده التخلي عن جواز سفره الفرنسي، فإن الدستور الجزائري ينص على أنه لا يمكن للمرشح لمنصب الرئيس أن تكون له جنسية أخرى غير الجزائرية.في سياق متصل، أعلن حزب العمال الجزائري برئاسة لويزة حنون مقاطعته للانتخابات الرئاسية.