رغم محاولات خفض حدة التصعيد بين الهند وخصمها اللدود باكستان، التي أفرجت عن طيار أسرته الأسبوع الماضي في "مبادرة سلام" حيال نيودلهي، بعد ثلاثة أيام من أزمة حادة بين القوتين النوويتين، استمرّ التوتّر أمس، بعد مقتل خمسة من رجال الأمن الهندي و3 مدنيين بعمليتين مختلفتين في حين قتل من الجانب الباكستاني في ولاية جامو وكشمير، 4 بينهم جنديان وأصيب ثلاثة آخرون بإطلاق نار هندي.
تواصل القصف
وتواصل القصف، أمس، على جانبي خط المراقبة، الذي يفصل بين الجزء الواقع تحت سيطرة الهند من كشمير والجزء الواقع تحت سيطرة باكستان، وهو ما تكرر على مدى الأسابيع الماضية.وذكرت مصادر دفاعية هندية، أن خمسة من رجال الأمن قتلوا وأصيب أربعة آخرون بنيران المسلحين في محافظة كوبوارا الحدودية بولاية جامو وكشمير شمال البلاد.كما ذكرت الشرطة الهندية أمس، أن امرأة وطفليها قتلوا في قرية سالوتري بقطاع كريشنا غاتي من محافظة بونش قرب خط السيطرة إثر انفجار قذيفة أطلقها الجيش الباكستاني داخل منزلهم، مساء أمس الأول، كما أصيب اربعة آخرون بينهم جنديان في القصف الباكستاني وإطلاق النيران.وفي الجانب الباكستاني من كشمير، أعلن الجيش الباكستاني، أمس، أن "سلاحي الجو والبحرية ما زالا في حالة تأهب وحذر"، مع مقتل اثنين من جنوده ومدنيّين بينهما صبي وإصابة ثلاثة آخرين، خلال تبادل كثيف لإطلاق النار مع قوات هندية في منطقة كوتلي بمحاذاة خط المراقبة في وقت متأخر من مساء أمس الأول، أضاف الجيش، أن باكستان أطلقت قذائف هاون عبر الخط.تسليم الطيار
ويأتي هذا التصعيد، بعد ساعات على تسليم إسلام آباد الطيار الهندي اللفتنانت كولونيل أبهيناندان فارتهامان، وسط جهود من قوى عالمية لمنع نشوب حرب بين الجارتين المسلحتين نووياً.وفي مراسم تسليم رفيعة المستوى، عبر فارتهامان، الذي صار رمزاً لأقوى اشتباك بين الهند وباكستان على مدى سنوات، الحدود عائداً إلى بلده مساء أمس الأول.وعبر الكولونيل فارتهامان، إلى الهند عند نقطة واغا الحدودية، برفقة جنود باكستانيين ودبلوماسيين هنود سيراً على الأقدام، بعد تأخر ساعات، وبدا مصاباً في إحدى عينيه.وسوّقت باكستان إطلاق الطيار الأسير على أنه "بادرة على حسن النية بهدف خفض التوتر المتصاعد مع الهند" والمستمر منذ أسابيع مما هدد بنشوب حرب بين البلدين اللذين تبادلا شن الضربات الجوية قبل أيام.وأثار هذا التصعيد قلق قوى عالمية منها الصين والولايات المتحدة اللتان حضّتا الهند وباكستان على ضبط النفس لتجنّب نشوب صراع آخر بين الجارتين اللتين خاضتا ثلاث حروب منذ الاستقلال عن بريطانيا عام 1947.وتصاعد التوتر بينهما سريعاً بعد تفجير في 14 فبراير لسيارة ملغومة مما أسفر عن مقتل 40 من قوات الأمن الهندية على الأقل في الشطر الواقع تحت سيطرة الهند من كشمير.واتهمت الهند باكستان بتوفير ملاذ لجماعة "جيش محمد" التي كانت وراء هذا الهجوم، وهو ما نفته باكستان، وتوعد رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي برد قوي.مودي
وأعرب مودي، من ناحية أخرى عن إعجابه بالطيار، وكتب على "تويتر": "مرحباً بك يا قائد الجناح أبهيناندان. الأمة فخورة بشجاعتك النموذجية". وأضاف: "قواتنا المسلحة مصدر إلهام لـ 1.3 مليار هندي".ووضع هذا الهجوم رئيس الوزراء الهندي، الذي يقدم نفسه على أنه رجل البلاد القوي، تحت ضغط الرأي العام والمعلقين المطالبين بالانتقام، بينما سيترشح في انتخابات الربيع لولاية ثانية.نوبل
من جهته قدم وزير الإعلام والإذاعة الباكستاني فؤاد حسين شودري، طلباً للجنة نوبل النرويجية لترشيح رئيس وزراء بلاده عمران خان لجائزة نوبل للسلام 2020، لجهوده في إدارة الأزمة مع الهند.ونقلت قناة "جيو نيوز" الباكستانية الطلب المقدم إلى لجنة نوبل، وجاء فيه إن "خان جدير بالحصول على الجائزة لعام 2020 نظراً لجهوده الحثيثة في حل صراعات المنطقة الآسيوية المختلفة، ومنها التي وقعت مع الهند أو أفغانستان أو دول أخرى".وأشار الطلب إلى أن "مساهمات خان ستحقق الاعتراف الدولي بها ومنحه نوبل للسلام في عام 2020. كما يجب أن يتم الاعتراف بأهدافه المتمثلة في ضمان السلام الدائم في المنطقة وإحباط إحياء النزعة العسكرية وتقديرها إلى حد كبير".فتح جزئي
في السياق، أعادت باكستان فتح مجالها الجوي بشكل جزئي، أمس، بعد يومين من الوقف الكامل لكافة الرحلات التجارية.وأكدت هيئة الطيران المدني الباكستاني، أن ذلك تمهيداً لإعادة فتحه بالكامل بحلول يوم غد.إرهاب بيئي
من ناحية أخرى، قال مالك أسلم الوزير المكلف بملف التغير المناخي بالحكومة الباكستانية، إن بلاده تستعد لتقديم شكوى في الأمم المتحدة ضد الهند، تتهمها فيها بـ "الإرهاب البيئي"، بعد أن شنّت الطائرات الهندية غارات ألحقت أضراراً بـ"محمية غابات أشجار الصنوبر".فيديو «مقيت» للطيار المحرّر
أثار شريط فيديو للطيار الهندي الذي أفرجت عنه باكستان، أمس الأول، ويظهر فيه موجهاً الشكر إلى السلطات الباكستانية ومتهماً وسائل الإعلام الهندية بالتضخيم، غضباً في الهند، أمس.وكان اللفتانت-كولونيل الهندي ابهينندان فرتهامان، الذي تم إسقاط طائرته الميغ الأربعاء الماضي، حين كان يطارد مقاتلات باكستانية فوق كشمير، عبَرَ فجر أمس الأول، مركز واغاه الحدودي بعد ساعات تأخير عن الموعد المقرر سلفاً.وبعد عودته، أجريت له على الفور فحوصات طبية قبل الاستماع له من الأجهزة العسكرية والمخابرات.وحسب وسائل إعلام هندية، فإن عودة الطيار تأخرت بسبب إجباره على قبول تسجيل شريط الفيديو مقابل الإفراج عنه.وشكر الطيار في الفيديو الجيش الباكستاني على مهنيته. واتهم وسائل الإعلام الهندية بإشاعة هستيريا حربية بين البلدين.ووصفت وسائل الإعلام الهندية الشريط بأنه "مقيت" وينتهك المعايير الدولية لأسرى الحرب.