ضبابية مستقبل الطاقة تدعو إلى التوسع في الخارج
وسط مخاوف جيوسياسية مقلقة، تفرض الضبابية التي تحيط بمستقبل الطاقة، على الدول المنتجة للنفط، تنفيذ خطط توسعية في وجهات غير تقليدية، بهدف تقليص مدى الخطر الذي قد ينجم عن الاتفاقات الروتينية.وهذا ما فعلته إحدى الدول الأعضاء في منظمة أوبك، عندما قررت استثمار 100 مليار دولار في البنية التحتية وصناعة الطاقة، وهي تسعى إلى تعزيز مركزها في ذلك البلد، الذي يسجل أسرع نمو في الطلب على النفط. من جهة أخرى، فإن وزير الطاقة بذلك البلد، في تصريح نسبته إليه «ستاندرد آند بورز غلوبال بلاتس»، وصف الهند بأنها تشكل الأولوية رقم واحد بالنسبة الى شركات النفط في بلاده، وهو ما يؤكد طريقة التفكير الجديدة في مشاريع الطاقة المستقبلية، والتعويل على مسار جديد في تنويع مصادر الدخل.
وتجتذب الهند استثمارات ضخمة، منها المصافي ومعامل البتروكيماويات في راتناجيري، التي سوف تكون الأكبر في ذلك البلد. ولكن هذه المشاريع على أهميتها قد تخلفت عن مواعيد تنفيذها بسبب اضطرار الشركاء الى البحث عن مواقع جديدة، بعد صدور معارضة شديدة من جانب المزارعين في المناطق التي تم اختيارها أولاً. ونتيجة لهذا التخلف سوف يبدأ العمل بالبناء عام 2021، ويتعين أن يبدأ المشروع في طرح إنتاجه عام 2025 – بحسب تصريح الرئيس التنفيذي لهذا المشروع الرائد لوكالة بلومبيرغ، الأسبوع الماضي.وتقول أوساط مقربة من هذه الخطط إن الاستثمارات التي بدأت ترسم صورة جديدة في التعامل مع الآخرين في قطاع الطاقة لن تقتصر على ما سبق اعلانه، وإن مجالس الادارة في أكثر من موقع تدرس في الوقت الراهن خلق فرص جديدة شبيهة بما تقوم الهند به، وأول هذه الدول هي الصين التي تعول على مسار يبعدها عن اغضاب الولايات المتحدة، ويوفر لها في الوقت ذاته امكانية الاستفادة من موجة التطورات الجديدة في مشاريع الطاقة.وتجدر الإشارة إلى أن الهند تعتبر نقطة محورية بالنسبة الى منتجي النفط. وفي العام الماضي، ارتفع طلبها على الخام بنحو 245 ألف برميل في اليوم، ما يشكل 14 في المئة من نمو الطلب العالمي على النفط. وفي هذه السنة– وبحسب وود ماكنزي– سوف يستمر النمو بقوة. وفي الأجل الطويل، بحسب تقديرات منظمة أوبك، سوف يرتفع الطلب على النفط في الهند بنحو 5.8 ملايين يومياً حتى عام 2040.ويذكر في هذا السياق، أن أسعار النفط ارتفعت الى أعلى مستوياتها يوم الجمعة الماضية، مدفوعة باستمرار خفض منظمة أوبك لمخصصات الإمداد. وقد وصل الارتفاع الى 3 في المئة، ولامس أعلى مستوياته خلال ثلاثة أشهر، مدفوعاً بأمل توصل الولايات المتحدة والصين الى اتفاق قريب حول الحرب التجارية بينهما. ولكن المستويات القياسية من الانتاج النفطي الأميركي أسهم في الحد من هذه المكاسب.وقد وصلت أسعار غرب تكساس الوسيط الآجلة إلى أكثر من 57 دولاراً للبرميل، وهي الأعلى منذ منتصف شهر نوفمبر الماضي.وقال متداولون إن الأسعار ارتفعت نتيجة ظهور مؤشرات على امكانية التوصل الى اتفاق بين واشنطن وبكين، لحل نزاعهما التجاري الذي أثر على النمو الاقتصادي العالمي. ويحرص الجانبان على التوصل الى هذا الاتفاق بحلول الأول من شهر مارس المقبل، وهو الموعد المحدد لنهاية الهدنة بينهما، وفقاً لاتفاق الرئيسين الأميركي والصيني حول هذا الموعد، في وقت متأخر من العام الماضي، وأظهرت المؤشرات أخيراً إمكانية تحقيقه.