جو قديح: صراع الحضارات أبدي ولا خروج من الدوامة
«لا أخطط لسنوات قادمة بل أترك الأمور تأتي بتلقائية»
بعد 16 عاماً، أعاد الكاتب والمخرج والممثل جو قديح إحياء مسرحيته «the middle beast»، أو «الشر الأوسط»، التي عُرضت عام 2003 على خشبة مسرح برودواي، وعام 2008 في لبنان. وبأسلوب الكوميديا السوداء عالج الصراع على السلطة والأرض بين الديانات السماوية الثلاث في الشرق، بمحرّك خفيّ يشعل الفتن ويؤجج التعصّب... عن المسرحية وكواليسها تحدث قديح إلى «الجريدة»:
• ما سبب إعادة إحيائك لمسرحية مضى على عرضها 16 عامًا؟- لا يزال موضوع المسرحية معاصرًا، فالصراع الحضاري والطائفي بدأ منذ آلاف السنين، وسيظلّ لآلاف قادمة، وخصوصًا في ظل توافر الميديا ومواقع التواصل التي أججت التعصّبين السياسي والطائفي حول العالم، وليس في لبنان فحسب.
• هل حافظت على النصّ الأساس أم أجريت تعديلات؟- حافظت على جوهر النصّ الأساسي، مضيفاً بعض الأفكار الجديدة.• أي أفكار جددت؟- في النسخة السابقة لم تكن هوية الشخصيات محددة في مكان وزمان معيّنين، فمنحتها في النسخة الجديدة نمطًا معينًّا، فالمسيحي أرمني والمسلم فلسطيني واليهودي إسرائيلي، والأميركية تتحدث لهجة عامة الشعب في المناطق الأميركية النائية. • مضمون المسرحية لم يضاهِ قسوة الواقع؟- طبعًا، لأن الكوميديا التي قدّمتها لا ترتكز على السخرية المبتذلة، بل تحثّ الجمهور على التفكير من خلال هذه السخرية على الواقع، وخصوصاً أن موضوع المسرحية موجع ووضع الشخصيات فيها مزرٍ.• بيار شماسيان وأنطوان بلابان وطلال الجردي، ممثلو مسرح مخضرمون، هل ناقشتهم في مضمون النصّ؟- لقد أضافوا إلى النصّ أفكاراً جديدة، كما أنني أردت الاستفادة من خبرتهم فاسحاً المجال أمامهم للابتكار، وقد راهنت على أن يحظى القسم الذي أدّاه بيار باللغة الأرمنية باهتمام الجمهور أكثر مما يُحكى باللهجة اللبنانية، وهكذا حصل، كما شارك في المسرحية صولانج تراك.
ردود إيجابية
• وفق أي معيار اخترت التعاون معهم؟- أولا من منطلق خبرتهم الفنية، ثانيًا لأنني أعلم طاقتهم على خشبة المسرح، وثالثًا لأنني أعرفهم شخصيًا وتربطنا علاقة صداقة.• كيف تلقّف الجمهور مضمون المسرحية؟- أنا فرح بردود الفعل الإيجابية تجاه المسرحية، لقد عبّر الجمهور عن رضاه وفرحته بما تضمّنته لأن الكوميديا التي طرحتها غير مجّانية، بل لامسنا قضايا صعبة ووضعنا الإصبع على الجرح.• لماذا لم تسمّ شخصياتك المسرحية؟ - صحيح لم أعطهم اسمًا شخصيًا، ولا هوية وطنية أو طائفية، لأنني أردت شخصيات نمطية مبنيّة على تراكمات في رأس الناس من دون أن أضيف بُعدًا سيكولوجيًا، إلا في مشهد واحد حينما كانوا يتحدثون عن نسائهم. • شهدنا في المسرحية تجاذبات وطنية، وسياسية، وطائفية بين الشخصيات الثلاث، ألم تواجه أي انتقاد؟- أبدًا، لأنني لم أجرّح في أحد بل عالجت موضوعًا واقعيًا. أحترم معتقدات كل الأديان ولكل فرد حرية الانتماء السياسي والثقافي والديني. لست هاوي بروباغندا عبر المسّ بالمعتقدات مما يعرّض مسرحيتي لقرار بإيقافها، فأدّعي أمام الجمهور القوّة بهدف التسويق لمسرحيتي أكثر.• هل توّقعت إثارة استفزاز الجمهور بإحدى النقاط المعالجة؟- لا مجال للاستفزاز إلا من يأتي سلفًا بخلفية سلبية بهدف الأذية كما حصل معي سابقًا، إضافة إلى أن مستوى ذكاء المشاهد يحدّد هذا الأمر، وخصوصًا أن الناس باتوا متعصبّين أكثر من السابق.محبة الآخر
• لمَ أنهيت المسرحية من دون حلّ أو مخرج للصراع على الأرض والسلطة بين الديانات السماوية الثلاث؟- برأيي هذا الصراع أبدي، ومن ثم لا حلّ له، ولا يزال الانقسام حاضراً رغم أن الديانات السماوية مبنية على المحبة ومحبة الآخر، فأصبحت ترتكز في تطبيقها على رفض الآخر. • حققت جماهيرية واسعة رغم أنك جريء في انتقادك لسلوكيات المجتمع والطوائف... كيف حققت ذلك؟- أعبّر عما أفكّر به، وبالتالي قد يوافق بعضهم على أفكاري في حين لا يوافق البعض الآخر. أنا منفتح على الجميع، وعلى الانتقاد الصحافي لأعمالي. برأيي مهما حاول الفنان أن يكون موضوعيًا فلابدّ من أن تفلت الأمور من بين يديه ويعبّر عن موقفه الشخصي من القضايا.• ارتباطك بالمسرح وثيق جدًا فأي علاقة تجمعكما؟- إن المسرح مهنة مثل سائر المهن، إلا أنني أعشقه جدًا وهو منزلي الذي أنتمي إليه.• أي جديد على صعيد الـStand up comedy؟- لا مشروع "stand up" في الأفق، بل مسرحية جديدة أتمنى أن أستهلّ كتابتها قريبًا. فلا أفكار معيّنة في بالي والبلد مهترئ أساسًا للأسف.• بفضل سني الخبرة ووفرة الأعمال، هل تتغيّر تطلّعات الكاتب والمخرج المسرحي؟- من الطبيعي أن يكون لكل فنّان توقيعه الخاص ولكن لابدّ من التطوّر، لذا أقف في صراع دائم مع نفسي لهذا الهدف. لكنني لست ممن يخطط لسنوات قادمة بل أترك الأمور تأتي بتلقائية.• ألا تفكّر في توقيع فيلم سينمائي خاص؟- أشارك تمثيلا في فيلم سينمائي مع جوانا وخليل جريج، وسنبدأ التصوير في شهر أبريل المقبل. كما هناك مشروع فيلم سينمائي مع اميل عوّاد.
لا أطرح كوميديا مجانية
لا موضوعية في الفن
لا موضوعية في الفن