مشكلة يعانيها كل بيت في الكويت طرحت نفسها بمناسبة الانتخابات التكميلية في ديوان الشطي في القادسية، حيث تكلم أكثر من واحد عن مشكلة ابنه الذي تخرج وكله أمل أن يتعين في إحدى الجهات ذات الكادر، لأن رواتب هذه الجهات تبلغ ضعف رواتب الجهات الأخرى. وأضاف أحد الحاضرين فقال: تصوروا أن الجهة الفلانية تجري مقابلات حالياً لأكثر من ثلاثة آلاف متقدم لأن كادرها مغرٍ والجهة طلبت تسعين موظفاً فقط، وقال آخر: كل الجهات ذات الكادر تحتاج إلى وساطة ويا بخت من له معرفة بالنائب الحوت لكي يضمن تعيين فلذة كبده فيها، فقال ثالث: أما من سترفضه هذه الجهة فيظل طوال عمره متبرماً ويشعر بالظلم ويلوم الحكومة والمجلس، فقال الرابع تصوروا أن ابنتي تخرجت وتنتظر التعيين منذ سنتين؟
فأجاب الخامس أكيد يوجد فائض من شهاداتها لأن التخصصات المطلوبة غير متوافرة، والدليل تلك المستشفيات التي لم تقدر الحكومة على تشغيلها لعدم وجود كوادر كويتية، أما السادس فنقل قصة أخوين يحملان الشهادة نفسها تعين أحدهما في جهة ذات كادر والآخر في إحدى الوزارات، وهذا الثاني يشكو الآن من وطأة القروض لأن زوجته وأولاده ينظرون إلى عمهم وزوجته وأولاده ويطالبون بالمستوى نفسه من المعيشة والسفر والسيارة والماركات المعروفة. هذه كانت قطعة من صورة الجريمة التي تمت في الكويت باسم الكوادر، وعدم ربط التعليم بمتطلبات سوق العمل. وعندما طلب الجلوس في الديوانية رأيي قلت: الوساطة لن تنجح بالتأكيد في تلبية رغبات الجميع، وهذا مشاهد لأن العدد المقبول في الجهات الكادرية أقل بكثير من المتقدمين، وسيظل الغاضبون أكثر من الراضين، وسيزداد الغضب الشعبي، لذلك لا بد من إصلاح الخلل في الرواتب الذي تحول إلى فوضى ونقمة على الشعب الكويتي وشبابه بالذات، وإصلاح الخلل لا يكون إلا بتغيير نظام الرواتب الحكومي، وهو ما يعرف بالبديل الاستراتيجي الذي أعدته شركة متخصصة، وعرض علينا في مجلس التخطيط قبل نحو ثلاث سنوات، والذي من شأنه تحقيق قدر كبير من المساواة بين المتماثلين في العمل، بحيث لا يتم التمييز بين رواتبهم إلا على أُسس موضوعية مثل الندرة والحاجة للعمل وخطورته وطول ساعات الدوام وبعده عن مكان السكن وهكذا. وهذا البديل لن يمس المعينين قبل إقراره، إذ إنهم سيحتفظون بعقودهم ودرجاتهم، كما أن إحلال النظام البديل سيستغرق نحو خمسة عشر عاماً يتم خلالها التعيين على النظام الجديد، كما يتم فيها تعديل وزيادة أصحاب الرواتب المتدنية المعينين قبل إقرار هذا البديل، وتدريجيا ستختفي الفروقات الهائلة في الرواتب في جميع الجهات الحكومية وستتلاشى أو تنحصر نقمة الشباب على الحكومة والمجلس. ولكن هذا البديل مجمد منذ أكثر من سنتين في اللجنة المالية في مجلس الأمة بعد أن تقدمت به الحكومة، والمجلس مشغول بالصراعات والاقتراحات التي تزيد مشكلات البلاد ولا تحلها، والحكومة لم تستطع تقديم هذا البديل في جدول الأعمال أو إعطاءه الأولوية. وفي نهاية الحوار اتفق الجميع في الديوانية أن الأجدى والأفضل لأبنائنا المقبلين على العمل هو مطالبة الحكومة والمجلس وكل المرشحين الذين يزورونهم في الدواوين بالإسراع في إقرار البديل الاستراتيجي، بدلاً من البحث عن وساطة نائب لا تحقق العدالة وتفرق بين أبناء البلد الواحد.
مقالات
رياح وأوتاد: صرخة مدوية من ديوانية للحكومة والمجلس
04-03-2019