يواجه مجمع تشخيص مصلحة النظام في إيران، الذي يعتبر مؤسسة استشارية للمرشد الأعلى، انشقاقين كبيرين بين أعضائه: الأول، بين مؤيدي ومعارضي تعيين صادق عاملي لاريجاني رئيساً للمجمع، والثاني بين مؤيدي ومعارضي انضمام ايران إلى «مجموعة العمل المالي لمحاربة غسل الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب المعروفة» بـ FATF.

وأكد أحد اعضاء المجمع لـ«الجريدة»، طالباً عدم نشر اسمه، أن الرئيس حسن روحاني والرئيس السابق محمود احمدي نجاد لا يزالان يتغيبان عن اجتماعات هذا المجمع اعتراضاً على تعيين لاريجاني رغم محاولات الأخير اقناعهم بان سياساته سوف تكون مختلفة عما كانت عليه كرئيس للسلطة القضائية.

Ad

وأشار المصدر الى أن غالبية أعضاء المجمع لا يزالون يرفضون انضمام ايران الى معاهدة FATF، رغم تهديد أكثر من 7 وزراء في حكومة روحاني بالاستقالة اذا لم تقر الاتفاقية. وكان مقرراً ان يتم التصويت امس الأول على الاتفاقية لكن بسبب الخلافات تقرر تأجيل الأمر الى ما بعد عيد رأس السنة الايرانية (النوروز)، اي لأكثر من شهر.

وكشف عن محاولات حثيثة قامت بها حكومة روحاني لإقناع اعضاء المجمع بإقرار الاتفاقية تضمنت إغراءهم بامتيازات لكنها فشلت جميعا، مضيفاً أن وزير الخارجية محمد جواد ظريف قرر التغييب عن اجتماع أمس الأول لتفادي انتقادات كانت ستوجه اليه على خلفية دفاعه عن الاتفاقية.

وأوضح المصدر أن سبب تأجيل التصويت في مجمع تشخيص مصلحة النظام امس الأول على FATF هو إعطاء فرصة جديدة لوزارة الخارجية الايرانية للدخول في مفاوضات مع الاتحاد الاوروبي والتوصل الى «اتفاق فاعل لتنفيذ تعهدات الاتحاد الاوروبي الاقتصادية حسب الاتفاق النووي بشكل كامل وليس حسب مقترح INSTEX»، وكذلك التفاوض مع «مجموعة العمل المالي لمحاربة غسل الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب» على شروط إيرانية مقابل الانضمام الى المعاهدة.

ولفت إلى أن أحد أهم الشروط المطروحة من قبل أعضاء المجمع المعارضين لإقرار المعاهدة هو ألا تجبر إيران على تبني لائحة الإرهاب التي تعتمدها المجموعة بل ان تطبق بنود المعاهدة على لائحة الإرهاب الخاصة بها لأن هناك تخوفا كبيرا من ان تتم معاقبة طهران أو الضغط عليها مستقبلاً أو حتى وضع عقوبات عليها بسبب دعمها لحزب الله اللبناني أو حماس مثلا.

وأضاف أن أعضاء المجمع يطالبون الحكومة كذلك بالحصول على ضمانات أوروبية لفتح القنوات المالية الأوروبية والعالمية لإيران عبر اوروبا وبدء العمل بهذه القنوات قبل اقرار الاتفاقية.

وحسب المصدر، فإن أعضاء المجمع كانوا غاضبين من كلمة روحاني الأخيرة التي أكد فيها أن المرشد الأعلى علي خامنئي لا يعارض انضمام ايران الى FATF، وعلقوا قائلين إن خامنئي كان باستطاعاته إعلان موافقته على المعاهدة وحسم الموضوع بدل اعادتها الى مجمع تشخيص مصلحة النظام للتصويت عليها.

إلى ذلك، أكد عضو لجنة الأمن والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني علي رضا رحيمي، أن وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف يخضع للمراقبة والتنصت.

وكتب رحيمي على «تويتر»: «ظريف يعلم أن بريده الإلكتروني مخترق وتم التنصت على رسالة استقالته التي بعثها لرئيس الجمهورية حسن روحاني ونشرها في عدة مواقع، لكنه لا يقول شيئا لأنه اعتاد ذلك ولا يعتبر ذلك أمراً هاماً».

وكانت عدة مواقع إيرانية، وكذلك «الجريدة»، حصلت على تسريب من رسالة ظريف لروحاني التي احتج فيها على تهميشه خلال زيارة الرئيس بشار الأسد الى طهران وأعلن فيها استقالته التي رفضها روحاني. وكتب ظريف: ‏»لو افترضنا أن زيارة الأسد كانت مفاجئة بالنسبة لكم، فقد كان باستطاعتكم أن تحترموا منصب وزارة الخارجية وتخبروني ببساطة... مكتبي يبعد عن قصر الرئاسة خمس دقائق لا أكثر».

وعلق المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية بهرام قاسمي على ما أعلنه رحيمي بالقول إن «ما تم نشره الأسبوع الماضي في بعض المواقع عن نص استقالة وزير الخارجية محمد جواد ظريف هو أجزاء انتقائية، وتم التلاعب بها وتفتقر إلى المصداقية. حتى الآن، لم ينشر النص الكامل والدقيق للاستقالة».

في سياق، حذّر أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي شمخاني «حلفاء الولايات المتحدة في الشرق الأوسط» من أنهم قد يواجهون «انتفاضة من مواطنيهم المهانين» في حال واصلوا اعتمادهم على واشنطن. وأثار شمخاني سخرية على وسائل التواصل كونه يتجاهل الاحتجاجات في بلاده، وكذلك تحذيرات المسؤولين الإيرانيين من أن النظام الايراني في خطر بسبب الغضب الشعبي.

في الأثناء، أعلنت السلطات المحلية الايرانية أمس مصرع خمسة اشخاص من بينهم ثلاثة من قوات حرس الحدود واصابة 20 آخرين جراء سيول اجتاحت محافظة سيستان وبلوشستان.

وهاجم قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني من يدعون إلى «اتفاق 2» مع واشنطن ووصفهم بالأعداء، قائلا إن من يسعون إليه هدفهم «تجفيف التيارات الإسلامية».

وكان روحاني أول من استخدم عبارة «اتفاق 2» في مناسبات سابقة. وأوضح سليماني بمدينة كرمان أن فكرة «اتفاق 2 واتفاق 3 كانت ضمن خطة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، لكن الآن وبعد انسحابه من الاتفاق يسعى دونالد ترامب لتحقيق نفس الخطة والأهداف بأسرع وقت».