لم تفلح وعود قطعها الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة، في رسالة تلاها نيابة عنه مدير حملته الانتخابية عبدالغني زعلان، مساء أمس الأول، في إخماد التظاهرات الاحتجاجية ضد سعيه لـ «العهدة الخامسة».

وخرجت تظاهرات ليل الأحد - الاثنين في العاصمة الجزائر ومدن أخرى من بينها البويرة وتيزي وزو وبوفاريك وعنابة، رددت هاتفات مناهضة للحكومة والنظام، بعد ساعات من تقديم زعلان أوراق ترشح بوتفليقة، الموجود في جنيف منذ أسبوع للعلاج، للمجلس الدستوري، قبل إغلاق باب تلقي طلبات الترشح للانتخابات المقررة في 18 أبريل المقبل، وسط لغط حول قانونية الخطوة.

Ad

وتجددت التظاهرات الطلابية، صباح أمس، في عدد من الجامعات الجزائرية تنديداً بترشح بوتفليقة.

وأعلن الطلبة في جامعة هواري بومدين بالعاصمة، العصيان المدني، ولم يلتحقوا بالجامعة.

وعود الرسالة

ووعد بوتفليقة، الذي وصل إلى السلطة عام 1999، في رسالته بتعديل الدستور وتغيير النظام حال انتخابه عبر استفتاء شعبي، وذلك في إطار حزمة إصلاحات سياسية واقتصادية. وقال في رسالة ترشحه إن «الدستور الجديد سيكرس ميلاد جمهورية جزائرية جديدة».

وتضمنت الوعود الدعوة إلى إجراء انتخابات مبكرة، قبل انتهاء العام الأول من عهدته الجديدة، في حال أعيد انتخابه، وتسليم المشعل والانسحاب.

وانتهى منتصف الليلة الماضية الموعد القانوني للترشح للانتخابات الرئاسية الجزائرية، حيث تسلّم المجلس الدستوري طلبات الترشح من 20 مرشحا.

وذكرت وكالة الأنباء الجزائرية، أمس، أن المرشحين هم الرئيس بوتفليقة، ورئيس «جبهة المستقبل» عبدالعزيز بلعيد، ورئيس «حركة البناء الإسلامي» الوزير السابق عبدالقادر بن قرينة، ورئيس «حركة الانفتاح» عمر بوعشة، ورئيس حزب «النصر الوطني» عدول محفوظ، ورئيس حزب «التجمع» علي زغدود، ورئيس «جبهة الشباب الديمقراطي للمواطنة» أحمد قوراية، ورئيس حزب «عهد 54» علي فوزي رباعين، ورئيس حزب «جبهة الحكم الراشد» عيسى بلهادي، إضافة إلى المرشحين المستقلين عبدالحكيم حمادي، واللواء المتقاعد علي غديري ورشيد نكاز وعبدالشفيق صنهاجي وعلي سكوري ومحمد بوفراش وعمارة محسن وبن طبي فرحات ولوط بوناطيرو وشعبان رزوق وعايب رؤوف.

ووفق القانون الانتخابي، سيعلن المجلس قبل يوم 13 الجاري القائمة النهائية للمرشحين للسباق الرئاسي، على أن تبدأ الحملة الانتخابية يوم 23 منه.

لائق صحياً

في هذه الأثناء، دافع السفير الجزائري في فرنسا عبدالقادر مسدوة عن لياقة بوتفليقة الصحية، وقال إنه حي يرزق، وأنه هو الذي قرر الترشح لعهدة خامسة بنفسه.

وقال مسدوة، للقناة الإخبارية الفرنسية «سي نيوز» أمس: «أقول لكم إن الرئيس بوتفليقة على قيد الحياة فعلا، ليس النظام من قرر مكانه، بل هو من قرر بكل حرية الترشح لعهدة أخرى، بعد تقييمه للوضع». وأضاف: «يعاني الرئيس متاعب صحية، لم يعد يتمتع بصحة العشرين سنة، لكنه لا يزال لديه رأسه، إنه لائقاً بدنياً، هو دائما من يتخذ القرارات».

وبرر مسدوة قرار ترشح بوتفليقة، لاعتقاده بأنه لا يزال لديه شيء يقدمه لجعل الجزائر منطقة آمنة، لافتاً إلى أن العديد من السياسيين في العالم يعانون مشاكل صحية، وليس بوتفليقة فقط.

كما اعتبر أن بوتفليقة، الذي لديه أنصاره في الجزائر، هو الأكثر ملاءمة لمرافقة انتقال هادئ وسلمي للجمهورية الثانية، مبدياً قناعته بإعادة انتخابه بالنظر لشخصيته وحصيلته.

وأكد السفير أن الانتخابات الرئاسية ستجرى بشفافية ونظام، وسيكون هناك مراقبون من الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي.

وعلّق على الاحتجاجات غير المسبوقة التي تشهدها البلاد منذ 22 فبرار الماضي ضد استمرار بوتفليقة في الحكم، بالقول إنها «تعكس الممارسة الديمقراطية، وهي علامة صحية للديمقراطية في الجزائر، وتبرز النضج والوعي السياسي للجزائريين».

في السياق، أعربت «الخارجية» الفرنسية عن أملها في إجراء انتخابات جزائرية بأفضل ظروف ممكنة، وقالت إنها أخذت علما بترشيح بوتفليقة.

بن فليس

من جهته، اعتبر رئيس الوزراء الجزائري الأسبق والمرشح المنسحب من انتخابات الرئاسة، علي بن فليس، أن رسالة بوتفليقة «استخفاف بالجزائريين»، وحذر من أن ترشحه لعهدة خامسة سيشعل الجزائر.

وقال بن فليس: «إن الجزائر على مشارف المجهول والانزلاقات»، مضيفا أن «الجزائريين حطموا جدار الخوف والاستسلام للواقع». وتابع رئيس حزب طلائع الكرامة إنه اقترح تشكيل حكومة كفاءات وطنية تضمن انتخابات نزيهة.

ورأى أن ترشح بوتفليقة بحالته الصحية الحالية أمر غير دستوري.

وتابع: «لن نشارك في مهزلة»، مشيرا إلى أنه لا مخرج من الأزمة الحالية إلا باستبعاد العهدة الخامسة.

في موازاة ذلك، وصف رئيس «جبهة المستقبل» عبدالعزيز بلعيد المؤسسة العسكرية الجزائرية بـ «العامود الفقري للدولة»، مشددا على ضرورة أن تبقى على مسافة واحدة من كل الأحزاب.

وقال المرشح المحتمل لخوض السباق الرئاسي، في تصريحات أمس، إن «السيناريو السوري لن يتكرر، ولن يكون هناك أي تدخل خارجي في الجزائر».

وأكد بلعيد أنه «جرى التزوير في طريقة إيداع الملفات من جانب حملة بوتفليقة». ولفت إلى أنه سيدرس مع قادة حزبه الانسحاب من الانتخابات.