رينفيلدات عالمنا
![حسن العيسى](https://www.aljarida.com/uploads/authors/25_1682522445.jpg)
أياً كان تشخيص ونقد مورين القاسي للرئيس ومحاميه السابق، فهذا شأن الدولة الأميركية، لكنه يمكننا أن نتعلم الحجم الهائل لحرية النقد والتعبير في الرأي بالإعلام وغيره في تلك الدولة، فالكاتبة لم تخش من ملاحقة قضائية بنقدها المر لرئيس الدولة، فهناك "حكم القانون"، وسمو حرية التعبير، بما في ذلك حرية الإعلام عندهم، بما كفل لها أن تقول ما شاءت بحق رئيس منتخب، وأيضاً لم تتردد تلك الجريدة أو غيرها عندهم في نشر آراء قاسية، فهناك إيمان عميق تتبناه كل مؤسسات الدولة بقدسية الرأي، وعدم جواز مصادرته أو المساس به.ليس ما سبق هو ما يهم في هذا المقال، فنحن في معظم دول العالم العربي التعس نحسب أنفاسنا حين نتحدث عن السلطات الحاكمة وقداستها الكاذبة، ما يهم حقيقة أن مثل شخصية خادم مصاص الدماء "رينفيلد" ربما تكون محدودة العدد، واستثنائية في دول المؤسسات الديمقراطية، ودائماً سلطة القانون تحدها، يا ترى كم عدد "رينفيلدات" دول النظام العربي؟! هل لنا أن نتصور أي قائد في هذا العالم المبتلى بأنظمته دون مئات الخدم المطيعين الذين يقتاتون على الحشرات، الذين يضحون في المعادلة العربية هم الشعوب؟!مورين داود وصفت هذا الخادم الذليل المتملق الأبدي لسيده، وهو في وضع أسوأ من العبد المستلبة حريته رغماً عنه، "رينفيلد". في دولنا لا يمكن حصر "رينفيلدات" البؤس، والذين نسميهم عادة بحاشية السلطان أو مستشاريه، التي تحيط بالحاكم، وليس لها من عمل غير التزلف لصاحب السلطة، ورفع الجدران العالية بينه وبين الناس، فتحدد من يحق له الاقتراب والشكوى لصاحب الحكم، ومن لا يحق له ذلك، كما تمليه اعتبارات مصالحها. "رينفيلد" رواية برام ستوكر "دراكولا" بائس لم يكن ينتظر غير رضا ومباركة سيده، أما "رينفيلدات" عالمنا فهم قمم الفساد في ابتلاع موارد دولهم، دون حساب لمستقبل وشعوب أوطانهم... كم ابتليت دولنا بشخصيات "رينفيلد" وأشباهها!