بوادر على تقلص العلاقة بين أنقرة والإخوان
أفادت بعض الأخبار أن السلطات التركية سلمت المدعو محمد عبدالحفيظ حسين المتهم بالضلوع في جريمة اغتيال النائب العام المصري المستشار هشام بركات للسلطات المصرية، وكان المتهم وصل إلى تركيا قادما من مقديشو العاصمة الصومالية بتاريخ 16/ 1، حاملا تأشيرة إلكترونية وبالتنسيق مع جماعة الإخوان. وتم ترحيله إلى مصر 5/ 2/ 2019، وأبلغ الشاب سلطات المطار أنه معارض إخواني ومحكوم عليه بالإعدام إلا أن سلطات المطار لم تأبه لطلبه، وتم نشر صورة له وهو مكبل بالأغلال إلى مقعد الطائرة، ولعل هذا يعني أن أنقرة بدأت تستوعب الدرس، وأدركت أنه لا جدوى من توطيد العلاقة مع جماعة متهمة من كثير من الدول العربية بأنها جماعة إرهابية، وكانت تركيا ابتداء من 2011 عند اندلاع الربيع العربي شجعت الثورات العربية. وكان قادة الإخوان يرفعون صور الرئيس التركي في ميدان التحرير، ثم لجؤوا إليه بعد سقوط نظامهم، ووفرت لهم ملاذا آمنا بعد أن فروا من العدالة في دولهم. الإخوان لا يؤمنون بالدولة الوطنية، بل يهدفون إلى إعادة دولة الخلافة، وقد تعاطف حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا مع هذا الفكر، فبعد سقوط دولة المرشد في مصر سمحت أنقرة للتنظيم الدولي للإخوان ومكتب الإرشاد أن يعقد اجتماعاته السرية والعلنية في إسطنبول، كما سمحت لهم بإقامة قنوات تلفزيونية، فبدؤوا من خلال تلك المنصات الإعلامية ينشرون فكرهم وانتقاد سياسة الدول التي يعادونها مثل مصر والسعودية والإمارات.
أدى هذا إلى تدهور العلاقات بين أنقرة وتلك الدول، وهذه هي سياسة الإخوان مع كل أسف، فمنذ نشأتهم قبل قرن تقريبا هم لا يجيدون إلا نشر الفوضى والفتن أينما وجدوا، ولقد سببت لهم تلك السياسة كوارث ومصائب، ولكن لا يستفيدون من تجاربهم بل يكررون الأخطاء نفسها. استطاع حزب العدالة والتنمية في بداية استلامه الحكم في تركيا أن يحقق نجاحات كبيرة، فقد أسهم في التحول الديمقراطي، فوضع نشاطات المؤسسة العسكرية تحت سيطرة السلطة المدنية، وحدّ من تدخل القادة العسكريين في الحياة السياسية، وعزز الرقابة المدنية عبر البرلمان على المؤسسة العسكرية، ووضع حدا لتدخل الجيش في الشأن الداخلي وقرار الحرب، واستطاع أن يحقق معدلات عالية في التنمية الاقتصادية. ولكن بعد ظهور الإخوان على الساحة التركية سرعان ما برز صراع ونزاع حاد بين أنقرة ومحيطها الإقليمي، فكان لذلك تأثير سلبي في التنمية السياسية والاقتصادية، حيث ظهرت مؤشرات تؤكد انخفاض معدلات النمو السياسي والاقتصادي في المجتمع التركي. نأمل أن يكون تسليم تركيا المتهم المصري للسلطات المصرية خطوة إيجابية لتحسين علاقاتها مع محيطها الإقليمي، فتركيا دولة محورية ومهمة وتعاونها مع محيطها الإقليمي سيساهم في نهضتها ونهضة دول الإقليم.