في وقت تتوسع الاحتجاجات المناهضة لترشح الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة لعهدة خامسة، تعهّد رئيس أركان الجيش الجزائري، الفريق قائد صالح، أمس بأن «يضمن الجيش الأمن والحفاظ على عدم السماح بعودة البلاد إلى سنوات الجمر والألم»، وذلك في أول تعليق له على الاحتجاجات التي تطالب الرئيس الموجود في جنيف لتلقي العلاج بالتنحي.وقال صالح خلال زيارته الأكاديمية العسكرية للضباط في شرشال بولاية تيبازة: «الجيش سيبقى ماسكا بزمام مقاليد إرساء مكسب الأمن الغالي. وهناك من يريد أن تعود الجزائر إلى سنوات الألم والجمر»، مضيفا أن «هناك أطرافا يزعجها استمرار الاستقرار في الجزائر». وتابع: «الشعب الذي أفشل الإرهاب يعرف كيف يتعامل مع ظروف وطنه الحالية».
شلل المترو
إلى ذلك، شلت الاحتجاجات المتصاعدة ضد ترشّح بوتفليقة طرقا حيوية، وتسببت في توقف حركة المترو (قطار الأنفاق) بالعاصمة أمس.وتجددت التظاهرات الطلابية المناهضة للرئيس، في الوقت الذي أعلن الحزب الحاكم، الشعار الرسمي لحملة بوتفليقة.وشهدت منطقة وسط العاصمة تحركات طلابية كبيرة، وتحديدا في ساحة البريد المركزي، مما أدى إلى إغلاق الطرق المؤدية إليها.ونشرت قوات الأمن أعدادا كبيرة من عناصرها، استعدادا لخروج أي تظاهرات كبرى في وسط العاصمة، التي يمنع فيها التظاهر منذ عام 2001.كما أوقفتت السلطات، حركة المترو، والمرور المتجهة إلى الشوارع الرئيسية وسط العاصمة.وتواصلت الاحتجاجات بعد إعلان ترشح بوتفليقة رسمياً لولاية رئاسية خامسة، الأحد الماضي، وذلك بالرغم من التعهدات التي قطعها الرئيس الثمانيني، في رسالة ترشحه، والتي اعتبرها مؤيدوه «استجابة صادقة ومخلصة» لنداءات المتظاهرين، بينما رأى فيها معارضوه مناورة هدفها الالتفاف على حركة الاحتجاج غير المسبوقة التي انطلقت في 22 فبراير الماضي.وخرجت تظاهرات ضخمة في وهران وقسنطينة وبجاية دون تدخل الشرطة.احتجاجات وتساؤلات
في موازاة ذلك، خرج عشرات من الجزائريين بجنيف، في مظاهرة رافضة للعهدة الخامسة.وأظهر فيديو مأخوذ من تقرير بثته قناة فرنسية ناصر بوتفليقة، الشقيق الأصغر للرئيس الجزائري، لأول مرة في مشفى بجنيف، لتبدأ التساؤلات مجدداً حول الوضع الصحي للرئيس. وحسب التقرير فإن الطاقم الطبي يرفض الحديث عن حالة بوتفليقة، وكذلك شقيقه الذي تجاهل المتسائلين.يشار إلى أن بوتفليقة نادراً ما يظهر بصورة علنية، منذ إصابته بجلطة عام 2013، وقد ظهر على كرسي متحرك بالعاصمة الجزائرية في أبريل الماضي.وكان مدير حملة الرئيس، عبدالغني زعلان، نقل عن بوتفليقة عقب تقديم أوراق ترشحه للمجلس الدستوري، تعهده بإجراء انتخابات مبكرة خلال عام لا يكون مرشحا فيها في حال أعيد انتخابه. وذكر أن «الانتخابات الرئاسية المبكرة ستعتمد أجندة الحوار الوطني».امتداد الانقسام
وغداة استقالة وزير الفلاحة السابق، سيدي فروخي، من عضوية البرلمان ومن حزب جبهة التحرير الوطني الحاكم، في دلالة نادرة على الاستياء داخل النخبة الحاكمة التي تتعرض لضغوط لم يسبق لها مثيل، كشف عن استقالة نادية مداسي، مقدمة النشرة على القناة العمومية الجزائرية الناطقة باللغة الفرنسية «كنال ألجيري» عقب تقديمها نشرة السابعة مساء الأحد الماضي، بسبب غضبها من منحها رسالة خطية للرئيس بوتفليقة في آخر لحظة، لقراءتها على الهواء مباشرة.وذكر أحد زملاء مقدمة الأخبار على القناة الرسمية طوال 15 سنة أن إدارة القناة فرضت على مداسي الرســـــــــــالــــــــــة في تجربـــــــــة وصفـــهـــــا بـ «السيئة للغاية».وأكد أنها رفضت عقب ذلك الدخول إلى غرفة التحرير، حيث تشتكي أغلب هيئات التحرير بالصحف والقنوات الحكومية من التضييق على تغطية الاحتجاجات ضد بوتفليقة.المجلس الدستوري
في غضون ذلك، أفادت وكالة الأنباء الرسمية بأن المجلس الدستوري شرع في دراسة ملفات الترشيحات للانتخابات الرئاسية، تمهيدا لإعلان القائمة النهائية للمرشحين، مشيرة إلى أن عدد ملفات الترشح التي تم إيداعها على مستوى المجلس بلغ 21 ملفا. وأوضحت الوكالة أن المجلس تسلم الملفات وفق مقتضيات احترام المادة 139 من القانون المتعلق بنظام الانتخابات والمادة 20 من النظام الداخلي للمجلس الدستوري المستقل.وينتهي «المجلس الدستوري» من دراسة ملفات المرشحين خلال مدة أقصاها 10 أيام ابتداء من أمس، عملا بأحكام المواد 29، 30 و31 من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري.إطلاق مدوّن
في سياق آخر، أعلن محامي مدوّن جزائري، دينَ بجرم «التخابر مع جهة خارجية»، عقب نشره مقابلة مع مسؤول إسرائيلي، أنّ موكّله أطلق سراحه أمس الأول، بعدما خفّضت عقوبته في الاستئناف إلى السجن خمس سنوات، بينها اثنتان مع النفاذ قضاهما في التوقيف الاحتياطي.وقال المحامي صالح دبوز إنّ موكّله مرزوق تواتي، (30 عاما)، الذي أوقف في يناير 2017 عقب نشره على مدوّنته مقابلة مع متحدث باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية ودعوته إلى تظاهرات، خرج من السجن.وكانت محكمة بداية قضت في مايو الماضي بسجن تواتي 10 سنوات، قبل أن تخفّض محكمة استئناف في الشهر التالي العقوبة إلى 7 سنوات، ثم تنقض المحكمة العليا في يناير الحكم وتحيل القضية مجدّداً إلى محكمة استئناف في سكيكدة.وأمس الأول، أصدرت المحكمة عقوبة «السجن 5 سنوات بينها اثنتان مع النفاذ»، مشيراً إلى أنّ الفترة التي قضاها موكّله خلف القضبان خلال فترة التوقيف الاحتياطي تزيد على سنتين، الأمر الذي أدّى إلى «إطلاق سراحه».