قبل أسابيع من موعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في 29 الجاري، ونحو 3 أشهر من انتخابات البرلمان الأوروبي المقررة في 26 مايو، حاول الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، مجدداً تقديم مقترحات لإصلاح الاتحاد الذي يواجه تحديات كبيرة.

وأبرز هذه التحديات، التداعيات المحتملة لـ "بريكست"، وبوادر ركود اقتصادي، وضغوط في علاقته السياسية والتجارية مع إدارة الرئيس دونالد ترامب، وتصاعد التحركات الروسية باتجاه أوروبا نفسها، وكذلك في دول تحضر فيها مصالح أوروبية كبيرة، بالإضافة إلى ازدهار تيارات اليمين المتطرف الأوروبي التي تجنح إلى الشعبوية.

Ad

واستعرض ماكرون الخارج من أزمة "السترات الصفراء" التي أعادت جدولة أولوياته، مقترحاته في مقال بعنوان "من أجل نهضة أوروبية" موجه إلى مواطني الاتحاد، نشرته كبرى الصحف الأوروبية مثل "ذي غارديان" (بريطانيا) و"دي فيلت" (ألمانيا) و"البايس" (اسبانيا) و"كوريري ديلا سيرا" (إيطاليا).

ودعا ماكرون إلى تنظيم "مؤتمر لأوروبا" قبل نهاية العام الجاري، يضم مواطنين وجامعيين وشركاء اجتماعيين، ليحدد خريطة طريق جديدة للاتحاد "بدون محظورات حتى لمراجعة المعاهدات"، مشدداً على أن "أوروبا لم تكن يوماً في خطر كما هي الآن"، ومحذراً من إبقاء "الوضع القائم".

الهجرة

وطالب الرئيس الفرنسي الشاب بـ "إعادة نظر شاملة في فضاء شينغن"، وطرح مجدداً فكرة تشكيل "مكتب أوروبي للهجرة" وقوات انية مشتركة لحماية الحدود، في وقت تظهر الاستطلاعات أن الهجرة ستكون القضية الرئيسية في الانتخابات الأوروبية المقبلة.

وقال في هذا السياق: "على كل الذين يرغبون بالمشاركة في فضاء شينغن أن يكونوا مجبرين على تحمل مسؤوليات، اجراءات مراقبة صارمة على الحدود، وعلى إبداء حس تضامن، سياسة لجوء واحدة مع نفس شروط القبول والرفض".

وفي مجال الدفاع عن الحريات، اقترح إنشاء "وكالة أوروبية لحماية الديمقراطيات"، معبراً عن قلقه من التدخلات الخارجية، داعياً في هذا الإطار إلى "حظر تمويل الأحزاب الأوروبية من قبل قوى أجنبية" في إشارة قوية الى روسيا التي اتُّهمت بتمويل أحزاب يمينية أوروبية بما في ذلك حزب مارين لوبن المرشحة التي نافسته على الرئاسة.

وأشار إلى أن من أبرز الأخطار التي تواجه الاتحاد الأوروبي "ظاهرة الشعبوية"، لأنها "لا تقدم شيئا سوى رفض الآخر"، منتقداً أجواء "الانطواء القومي" التي ربطها بـ "بريكست".

المنافسة

على المستوى الاقتصادي، دعا ماكرون مجدداً إلى تبني حد أدنى أوروبي للأجور، وبناء "درع اجتماعي يضمن الأجر نفسه في مكان العمل نفسه".

واقترح "إصلاح سياسة المنافسة الأوروبية وإعادة تأسيس سياستنا التجارية وتحديد مرجعية أوروبية كما فعل منافسونا الأميركيون والصينيون"، وذلك بعد اعتراض المفوضية الأوروبية على مشروع دمج مجموعتي "سيمنز" و"ألستوم" معتبرة أن عملية الاندماج تخالف قواعد المنافسة.

ودعا إلى معاقبة أو حظر الشركات التي تقوض المصالح الاستراتيجية للاتحاد "مثل المعايير البيئية وحماية البيانات ودفع الضرائب بشكل عادل".

وتحدث ماكرون أيضاً عن ضرورة تنظيم شركات الإنترنت الكبرى، والإشراف على المنصات الكبرى.

ويرغب ماكرون في فرض ضريبة على إيرادات مجموعة "غافا" لعمالقة الإنترنت الأربعة (غوغل وأمازون وفيسبوك وآبل) في فرنسا.

كما اقترح إنشاء مصرف أوروبي للمناخ، لتمويل "الانتقال البيئي" للقارة. وهو يحدد هدفين في مجال البيئة هما "صفر كربون في 2050، ونصف كمية مبيدات الحشرات في 2025".

وحرص على عدم إغلاق الباب في وجه المملكة المتحدة، التي قال انها تبقى شريكا كبيرا خصوصا في مجال الدفاع. وكتب: "في أوروبا هذه ستكون الشعوب قد استعادت فعليا التحكم بمصيرها، في أوروبا هذه، أنا على ثقة بأن المملكة المتحدة ستجد مكانها".

وقالت الرئاسة الفرنسية، إن "الرسالة هي أن ننظر إلى ما يجمعنا. إنها رسالة وحدة"، مضيفة أن هذا المقال ليس بداية لحملة الانتخابات الأوروبية بل "دفع أو وسيلة لرسم المعالم" قبل الاقتراع.

ومع ذلك وبنشره نصاً أشبه ببرنامج، يبدو أن ماكرون يدخل معركة الانتخابات الأوروبية من الباب العريض، بينما تشير استطلاعات الرأي إلى منافسة شديدة بين حزبه "الجمهورية إلى الأمام" وحزب "التجمع الوطني" اليميني المتطرف بزعامة لوبن في نوايا الأصوات.