استقبل سمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد، بحضور سمو ولي العهد الشيخ نواف الأحمد، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الشيخ صباح الخالد، ووزير خارجية روسيا الاتحادية سيرغي لافروف والوفد المرافق، وذلك بمناسبة زيارته للبلاد.

وحمله سموه تحياته وتقديره لرئيس روسيا الاتحادية فلاديمير بوتين وتمنياته له بدوام الصحة والعافية ولشعب روسيا الاتحادية الصديقة المزيد من التقدم والازدهار.

Ad

حضر المقابلة نائب وزير شؤون الديوان الأميري الشيخ محمد العبدالله.

من جهته، اعتبر نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية صباح الخالد أن بدء العملية السياسية وعودة سورية إلى حياتها الطبيعية وإلى أسرتها العربية سيسعدنا في الكويت، مشددا على أن سورية دولة محورية ومهمة لأمن المنطقة واستقرارها.

وقال الخالد، خلال المؤتمر الصحافي المشترك مع نظيره الروسي سيرغي لافروف بمقر وزارة الخارجية، بعد ظهر أمس، إنه خلال الأسبوع القادم سيكون مر 8 سنوات على الدمار الذي حدث في سورية، وتلك الـ8 سنوات خلّفت دمارا كبيرا، وحرمت الأجيال من التعليم ومن الرعاية الصحية، آملا أن تنطلق العملية السياسية في سورية، ومشاركة السوريين في رسم مستقبلهم، وإخراج بلدهم من تلك الفوضى التي استمرت طوال سنوات.

وفي كلمته التي ألقاها في مستهل المؤتمر، رحب الخالد بوزير خارجية روسيا الاتحادية والوفد المرافق له في هذه الزيارة المهمة إلى الكويت، التي تعد الثانية للوزير الروسي خلال عامين، وما تحمله من دلالة واضحة على ما تعول عليه روسيا في العلاقات الثنائية بين البلدين الصديقين، في إطار العلاقة التاريخية العميقة التي تعد الأولى في المنطقة منذ عام 1963، ولكونها أيضا تأتي في ظل متغيرات دولية وظروف وتطورات إقليمية حساسة، وتبرز حجم الدور المحوري لروسيا الاتحادية في المنطقة.

وأضاف الخالد: تربط الكويت وروسيا وشعبيهما الصديقين علاقات تاريخية مميزة، حيث مضى على إقامة العلاقات الدبلوماسية بينهما أكثر من 56 عاما، تشكل امتدادا لعلاقات أعرق وأرسخ، وقد أصبحت تلك الروابط مثالا يقتدى به في العلاقات التاريخية الناجحة والمتينة، مستذكرين موقف روسيا الاتحادية خلال الاحتلال العراقي للكويت عام 1990، ودعمها للشرعية الكويتية، ومساندتها لكل قرارات مجلس الأمن الدولية ذات الصلة بتحرير الكويت.

توجيهات ومباحثات

وأضاف الخالد: تشرفنا اليوم (أمس) ولافروف بلقاء سمو أمير البلاد، حيث استمعنا لتوجيهات سموه الحكيمة ولنصائحه النيّرة حول القضايا الإقليمية والدولية، وإلى كل ما من شأنه أن يعزز العلاقات المشتركة بين بلدينا الصديقين، مستذكرين زيارة سموه إلى مدينة سوتشي في نوفمبر 2015 وما نتج عنها من التوقيع على اتفاقيات محورية عدة بين البلدين الصديقين في مختلف المجالات الحيوية والمهمة.

كما أجرينا مباحثات ثنائية معمقة ومستفيضة تناولت مختلف المواضيع الرامية الى تطوير آليات التعاون والشراكة بين البلدين الصديقين في المجالات كافة، وأبرزها العلاقات الاقتصادية المتنامية، كما تناولنا في المباحثات مجمل القضايا الإقليمية والدولية والأوضاع الأمنية والسياسية والجهود المشتركة الرامية لإعادة الأمن والاستقرار في المنطقة.

وأضاف: "فيما يتعلق بالأزمة الخليجية، فإننا نقدّر لروسيا الاتحادية جهودها التي تبذلها لحل هذه الأزمة ولدعمها الكامل لجهود الوساطة التي يقودها سمو أمير البلاد، كما نعرب عن عظيم الاعتزاز بمستوى التعاون والتنسيق الكبيرين، بين البلدين الصديقين في مجلس الأمن، وبمدى متانة العمل المشترك بين وفدي البلدين لدى الأمم المتحدة، خاصة فيما يتعلق بقضايا المنطقة والموضوعات المطروحة على جدول أعمال المنظمة.

تفعيل الاتفاقيات

من جانبه، أشاد وزير خارجية روسيا بنتائج اللقاء مع سمو الأمير، لافتا إلى أن المباحثات الثنائية المهمة والمكثفة التي أجراها مع الخالد تناولت تفعيل الاتفاقيات التي أبرمت بين البلدين خلال زيارة سمو الأمير إلى روسيا عام 2015، والرؤية المشتركة لتعزيز العلاقات في جميع المجالات.

وأضاف أن الاجتماع السادس للجنة المشتركة الاقتصادية والتجارية، التي عقدت على هامش زيارته إلى الكويت، تسهم في توطيد العلاقات والاستثمار بين البلدين، مشيرا إلى أن صندوق الاستثمارات الروسي، والهيئة العامة للاستثمار الكويتية، يبحثان في مشروعات استثمارية تقدر بنحو 200 مليون دولار، مشيرا إلى أن موسكو تدعم التعاون العسكري مع الكويت، ولافتا في الوقت نفسه إلى أن مشاركة وفد عسكري كويتي في معرض التسليح الروسي العام الماضي، فضلا عن ترحيبه بتعزيز العلاقات الاجتماعية والثقافية بين البلدين. ولفت إلى أنه تم خلال المباحثات والمناقشات، إعادة إحياء الجلسات المشتركة بين روسيا ودول الخليج.

وأشار لافروف إلى التعاون البرلماني بين البلدين، حيث إن هناك زيارة مرتقبة لرئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم إلى موسكو خلال الفترة القادمة، لتعزيز التعاون والتنسيق بين برلماني البلدين حول مختلف القضايا ذات الاهتمام المشترك.

التطورات الإقليمية

وأضاف وزير الخارجية الروسي أن مباحثاته في الكويت تناولت الحوار السياسي حول القضايا الإقليمية والدولية، والتعاون بشأنها في مجلس الأمن الدولي، حيث توجد اتصالات بين بعثتي الدولتين في المنظمة الدولية، إضافة الى بحث التطورات في اليمن، وسورية، والعراق، وليبيا، والدعوة الملحة لحلحلة هذه القضايا من خلال الوسائل السلمية، عبر الحوار المباشر، مع ضرورة إعادة إطلاق المباحثات الفلسطينية – الإسرائيلية وفق قرارات الأمم المتحدة، والمبادرة العربية للسلام، مع توحيد الصفوف الفلسطينية.

وفيما يتعلق بالأزمة الخليجية، قال لافروف إن مباحثاته في الكويت تطرقت إلى التطورات في منطقة الخليج، والاقتراح الروسي بشأن ضمان أمن المنطقة واستقرارها، وبين دول مجلس التعاون الخليجي وإيران.

وردا على سؤال حول ما إذا ما كانت زيارته للمنطقة، تحمل مبادرة روسية لحل الأزمة الخليجية، أوضح أن زيارته تأتي في إطار الزيارات الاعتيادية لتبادل التشاور حول أبرز التطورات في المنطقة، مشيرا إلى أن الأزمة الخليجية كانت حاضرة في المناقشات والمحادثات، معربا عن تأييد موسكو لكل جهود الكويت، وترحيبها بأي جهود أخرى للحفاظ على وحدة كيان مجلس التعاون الخليجي، مشددا في الوقت نفسه على أن روسيا ليست لديها أي مبادرات جديدة في هذا الصدد.

الرياض والأزمة السورية

وحول لقاءاته في الرياض بشأن سورية تحديدا، قال لافروف: "إن اجتماعنا مع خادم الحرمين الشريفين، ووزير الخارجية، ووزير الدولة للشؤون الخارجية، أكد تطابق في المواقف بين موسكو والرياض حول هذا الملف، والقضاء على الإرهاب في سورية، وايصال المساعدات الإنسانية، وإيجاد المناخ الملائم لعودة اللاجئين السوريين، مع توفير مقومات الحياة من طاقة ومياه وخدمات اجتماعية متنوعة.

وأضاف أن روسيا تدعم جهود الحكومة السورية، لإعادة اللاجئين إلى منازلهم، من خلال العمل على ضمان فتح ممرات آمنة لعودتهم، لافتا في الوقت نفسه إلى أن السعودية ترى أنه من الضروري سرعة تفعيل اللجنة الدستورية السورية، التي يشارك فيها نحو 50 معارضا، و50 من السلطة السورية، واصفا اجتماعه مع رئيس هيئة المفاوضات السورية نصر الحريري في مطار الرياض، بـ "البنّاء"؛ حيث دعا المعارضة السورية إلى التصرف وفقا لقرار مجلس الأمن رقم 2254، الذي يعد أساس العملية السلمية والحوار بين السوريين بعضهم البعض.

«صفقة القرن»

وحول التطورات الخاصة بما يسمى بـ "صفقة القرن"، وما ذكره في تصريحات سابقة عن وجود "تبادلات مريبة"، قال وزير الخارجية الروسي "نود أن نسمع تفاصيل أكثر حول "صفقة القرن"، خاصة أن ما نسمعه من الأميركيين يقلقنا بصورة شديدة، إذا كان هذا أمرا صحيحا، خاصة أن هذه الصفقة إن صح ما يشاع عنها، ستُفشل كل ما كان في الأفق حول حل القضية الفلسطينية، وقيام دولة فلسطينية مستقلة"، مشيرا إلى أن ما يثير قلق موسكو أيضا، أن المبادرة العربية للسلام، تتعرض حاليا للاتهامات والهجوم، وقد أطلقت السعودية هذه المبادرة، وتنص على تطبيع العلاقات بين العالم العربي وإسرائيل، بعد تحقيق مبدأ الدولتين، مؤكدا في الوقت نفسه أن روسيا سيكون لها موقف بعد الإعلان الكامل عن هذه الصفقة.

الأميركيون و«الركبان»

وحول اتهام روسيا الولايات المتحدة بعرقلة خروج اللاجئين السوريين من مخيم الركبان قال لافروف: لدينا اتصالات لا تزال قائمة مع الولايات المتحدة، وكان هناك اتصالات بين وزارتي الدفاع بشأن تخفيف التصعيد، وهناك اتصالات بشكل أوسع من أجل التسوية الشاملة في سورية، وهذا أمر مهم وله فائدة، أخذا في الاعتبار أن الولايات المتحدة موجودة على الأرض في سورية، وهذا الوجود غير شرعي ولها مصالح.

وأضاف: وبالنسبة إلى مخيم الركبان، هو موجود بطول 55 كيلومترا، وهناك منطقة أنشأها الأميركان بشكل غير شرعي، بالقرب من المخيم، والأميركان يقدمون استراحة للمقاتلين والمتطرفين في هذه المنطقة.

وأشار إلى أنه خلال إرسال قافلة مساعدات تم استفتاء اللاجئين في المخيم، وكانت نتائج ذلك الاستفتاء أن 95 في المئة من اللاجئين يرغبون في العودة إلى بيوتهم، لافتا إلى أن السلطات السورية أكدت أنها تعمل على إنشاء بيوت وإعادة السوريين اللاجئين إلى بيوتهم مرة أخرى، لكن الأميركان قالوا إنهم سيمنعون خروح اللاجئين من هذا المخيم.

وقال إن الأميركان يسعون إلى استغلال هذا المخيم ووضعه كذريعة لتبرير وجودهم غير الشرعي في هذه المنطقة، ولدينا شكوك بأن الأميركان يريدون إنشاء دويلة في شرق سورية، أو على الأقل لا يريدون إعادة هذه المنطقة تحت سيطرة السلطات الرسمية في دمشق، وروسيا ستسعى إلى وضع حد من أجل خروج اللاجئين من هذا المخيم.

الروسيّة الموقوفة... وتوفير الضمانات

استأثر موضوع المواطنة الروسية لازاريفا، المحكوم عليها في إحدى القضايا المالية في الكويت، بجانب من المباحثات، وقال لافروف: "تناولنا هذا الموضوع وفقا للقانون الكويتي، وعبّرنا عن أملنا في توفير الضمانات والحقوق لها، حسب الاتفاقيات الدولية؛ حيث إن الكويت عضو في هذه الاتفاقيات.

بدوره، قال الخالد إن الكويت تحترم الاتفاقيات الدولية، ومبدأ الفصل بين السلطات حسب الدستور، مؤكدا متابعة هذه القضية بحكم الصداقة، وأعرب عن أمله في أن يتضح الأمر بصورة أكبر خلال جلسة محكمة الاستئناف القادمة.

مباحثات رسمية... ولجنة مشتركة

عقد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الشيخ صباح الخالد جلسة مباحثات رسمية مع وزير خارجية روسيا الاتحادية سيرغي لافروف أمس، في ديوان عام وزارة الخارجية، بمناسبة زيارته الرسمية للكويت، في يوم يعد يوما روسيا بالبلاد، لما شهده أيضا من عقد أعمال الدورة السادسة للجنة المشتركة الكويتية الروسية للتعاون التجاري والاقتصادي والعلمي والفني، برئاسة وزير النفط وزير الكهرباء والماء د. خالد الفاضل عن الجانب الكويتي، ووزير روسيا الاتحادية لشؤون شمال القوقاز سيرغي تشيبوتاروف عن الجانب الروسي، والتي تابعت أعمالها على مدار الأيام الثلاثة الماضية.

وتناول وزيرا خارجية البلدين، خلال جلسة المباحثات الرسمية، بحث أطر تعزيز العلاقات الثنائية المتينة التي تربط الكويت وروسيا الاتحادية، واستعرضا أوجه التعاون الوثيق بين البلدين الصديقين في مختلف المجالات.

كما تم تبادل وجهات النظر حيال التطورات الجارية على الساحتين الإقليمية والدولية، إضافة إلى مناقشة آليات التعاون المشترك في سياق عضوية البلدين بمجلس الأمن، علاوة على بحث الأحداث الراهنة في سورية والمستجدات المتعلقة بالجهود الدولية الرامية نحو إيجاد حل للأزمة فيها وفي المنطقة.