• لمَ اخترت "فلفل أسود" عنواناً لديوانك؟- ديواني مقسّم الى أبواب ثلاثة هي: "دنيا مكسورة" و"لون الغياب" و"فلفل أسود". كنت متأرجحة بين هذه العناوين الثلاثة، وبما أنّ الغياب كان طاغياً في حياتي إلى درجةٍ كبيرة، واستُخدم كثيراً في عناوين الكتب، خطر لي هذا العنوان فجأةً لاسيما أنني كنت أعاني منذ فترة من جُرأتي وكان المطلوب أن "أُبهّر" حواراتي كي أجمّل كلامي فالسواد الأعظم من البشر يتحدث بكلامٍ منمّق، وأنا بعيدة من هذا الصنف تحديداً. اخترتُ الفلفل الأسود لأنّه من البهارات التي تُطيّب المأكل وتزيده حلاوةً وحدّةً في آن معاً، كما أنّني سعيت إلى الابتعاد عن الكلاسيكية، وقد وردت العبارة في قصيدتين لي أقول في إحداهما: "لا أجد ما أملأ به روحي وفراغي ولا حتى فلفلاً أسود كافياً لأغيّر طعم هذه الدنيا المُخادعة". بمعنى أنّه حتى هذا النوع من البهارات الذي أضفته على كتاباتي لن يغيّر في حقيقة الدنيا وحالها وإن قرّبك من بعض الأشخاص.
• ما معنى غلاف الكتاب وهو من توقيع الفنان حسن جوني؟ - استوحى الفنان التشكيلي حسن جوني الغلاف من قصيدتي "السلّم الخيالي" ورسمه خصوصاً لكتابي لأنه على معرفةٍ وطيدة بي، وعلى إلمامٍ بالمكانة التي يحتلّها الغياب والرحيل عموماً في حياتي ،فرسم اللوحة وبعثر كلماتي حولها، تقول القصيدة: "إلى أي الجهات أسيرُ وكلّ الجهات رحيلٌ رحيلٌ رحيلٌ طويل". وأجاد جوني فعلاً التعبير عمّا يختلج بداخلي من مشاعر وأحاسيس جيّاشة تماماً كما تعبّر قصائدي عن ذاتي.• ما دور والدك بلال شرارة في تكوين هويّتك الشعرية حتى أنّ البعض اعتبرك امتداداً له؟- أثره بالغٌ طبعاً لأنني تشرّبت من تفكيره وأنا طرية العود. كان يصطحبني إلى الامسيات الثقافية فأدخلني في عالم الفكر والأدب وأنا بعد طفلة. لكنّه آخر من اطّلع على قصائدي، فقد حال خجلي دون إطلاعي إياه على الأمر فعرف أنني أكتب الشعر من الناس وليس منّي. من دون شكّ أحمل لواء الثقافة مثله وأؤمن على غراره تماماً بألا وطن يقوم من دون الثقافة والفنّ والمسرح. لعلّني إذاً أشكّل بذلك امتداداً له ولكن بشكل عصري. كما أن قراءاتي مختلفة فقد دلني إلى بعض النفائس، ثم رحتُ انتقي منها ما يعجبني مشبعةً نهمي في الحقول كافة تارةً محبةً وطوراً لمتطلّباتٍ مهنيّة. أحاول أن آخذ من والدي كل جميل وأضيف إليه لمستي الخاصة.
خيوط وانتشار
• هل من خيطٍ رفيع يجمع بين هذه القصائد كلّها؟- طبعاً، وقد شرحتُ في تمهيدي "ليست مقدمة" هذا الأمر وفسّرت فيه سبب اختياري لتسميات الأبواب الثلاثة. الرابط هو الغياب والرحيل. وفي ديواني الجديد ثمّة ثورة داخلية ومعانٍ جديدة ونصّ جديد مختلف عن قصائدي الصادرة عام 2014، وأنا على ثقة بأنّ هذه من أجمل النصوص النثرية التي كُتبت. أما الموضوعات فمختلفة تتناول الحب والحضور والغياب والدنيا المكسورة ومحاكاة بيني وبين عقلي وبيني وبين قلبي، والموت والمقاهي والنساء الجميلات، وأنا ثائرة في قصائدي فأنا أرفض مقولة "كوني جميلة واسكتي" واستبدلها بـ"كوني جميلة وتكلّمي". وأنا كذلك واقعية وناقدة كما حين أصف المنتصر في قصيدتي كيف يرسم أفراحنا وأتراحنا ويمحو الجغرافيا والتاريخ.• كم استغرق معك تأليف هذا الكتاب؟- لا حدود زمنية لكتابة القصيدة فهي تنزل عليك كالوحي وليست عملاً يخضع لضوابط المُهل. قصائدي مختارات مما كتبت منذ عام 2014 حتى 2018 فجمعتها في خيطٍ مشترك يناسب روح "فلفل أسود".• وقّعت ديوانك في الشارقة وطهران، ماذا يعني لك الانتشار العربي؟- يعني لي الكثير فقد وقعت في الشارقة وطهران وقريباً في سورية في المركز الثقافي العربي في أبو رمانة تحديداً في 31 مارس. جميلٌ أن نتعرّف على الثقافات الأخرى، وأنا لبنانيّة بامتياز لكنني مؤمنة بضرورة قراءة نصوصي الجميلة في البلدان الأخرى، وذلك هدف يصبو إليه الجميع، هذا التلاقح بين الحضارات وإيصال كل جميل الى الآخر أمرٌ رائع.• أي القصائد أقرب الى قلبك؟- بصراحة أحبّها كلها. أحبُ إهدائي إلى الوالد بقولي: "عصاك أنا يا أبي وأنت جهاتي الأربع". أحبُ "سلم الخيال" وأحبّ كلامي عن الغياب: "الغيابُ عكس الماء، عكس خريره وزمجرته وذبوله عندما تشرب شمس الفصول وترابها حلاوة روحه...".• سمعنا أنك تحضّرين لرواية؟- صحيح، إلا أنني لا أستطيع الغوص في تفاصيلها بعد. للرواية نفسٌ مختلف عن الشعر، لكن بما أن اللغة النثرية عندي طاغية فلا شك في أنني سأوفّق فيها، علماً أنّها بحاجة إلى عمل مضن، لكن اللغة هي التي تجمع الفنّين وتعطيهما الألق المطلوب.• المرأة الشاعرة والجميلة مثلك ما التحديات التي تواجهها؟- فعلاً تواجه المرأة الجميلة والمثقفة التحديات أينما ذهبت لأنّ مجتمعنا للأسف لا يرى إلا الصورة، يمكننا لمس ذلك عبر وسائل الإعلام. أدركتُ أنني جميلة منذ نعومة أظفاري، وقد صقلت موهبتي كشاعرة ويهمّني الحفاظ على جمالي وثقافتي وحضوري في آن، فلا أهمل شيئاً على حساب الآخر، فإذا كتبت نصاً جميلاً استمدُّه من جمالي الخارجي والداخلي وأتكامل بهما أما نظرة المجتمع أو بعض الناس الفارغين إلى الصورة فحسب من دون ايلاء أهميّةٍ للمضمون فلا أتوقف عندها أبداً لأنها لا تستحقّ اهتمامي.خوابي الكلام
• برنامجك المميز "خوابي الكلام" ماذا أضاف إلى مسيرتك المهنية؟- أضاف الكثيرـ فهو أول برنامج رسمي لي، ساعةٍ طويلة من الحوار الثقافي، اذ كنت سابقاً أهتم بالأجندة الثقاقية أو كنت مراسلة. صقل البرنامج شخصيتي وزادني نضجاً ثقافياً فكرياً وعرّفني إلى عددٍ كبير من الكبار وحتى على ذاتي وثبّتني في الساحة كإعلاميةٍ مثقفة لا تعتمد على مظهرها الجميل فحسب. أحبّ برنامجي بكل جوارحي، وتعبت كثيراً حتى وصلت الى ما أنا عليه اليوم، تماماً كالولد الصغير الذي ينمو أو النبتة التي تروينها، وبتّ الآن أشعرُ بثقل المسؤولية ورهبتها فإن أردت الانتقال الى مكانٍ آخر لا بدّ من أن يكون أرفع شأناً.• مَن الضيف الذي ترك فيك أثراً بالغاً؟- كلّ ضيف إضافة بالنسبة إليّ خصوصاً أنني كنت أحاول أن أنتزع من ضيوفي شيئاً جديداً. لا أريد الخوض في الأسماء كي لا أنسى أحداً، فقد استقبلت كباراً من المجالات الفكرية والأدبية وحتى الدينية كالمطران جورج خضر مثلاً والشاعر أدونيس، وأشخاصاً كثيرين، ولا أريد أن أنسى أي شخص فلكلّ الشخصيات التي استضفتها كلّ التقدير والمحبة لديّ.• لمن تقرأين من الشعراء؟- أحب كثيراً الشعر العربي وخصوصاً المتنبي، كذلك أحبّ الروايات الروسيّة وجلال الدين الرومي وكلّ ما له علاقة بالتصوّف وأستسيغ روايات يوسف زيدان، وإبراهيم الكوني. ومن الشعر الحديث أحبّ محمود درويش ونزار قباني والأشعار المترجمة.• ما طموحك المستقبلي؟ - لدي فكرة لبرنامجٍ ثقافيّ مهمّ يقرب المسافات بين الأدباء والمثقفين العرب، أتمنى أن يتبنى شخصٌ ما فكرتي هذه، فغالباً ما نسمع أنّ البرامج الثقافية لا تحقق "الرايتينغ" المطلوب تجارياً. أجزم بأنّهم على خطأ فهي أكثر البرامج جاذبيةً إن نفّذت باحترافية. ومن على هذا المنبر أتوجه بالتحية إلى الكويت الحبيبة وشعبها الراقي المنفتح ولي الكثير من المشاهدين الكويتيين الذين يتابعون "خوابي الكلام" دوماً وأمنيتي أن أزور الكويت قريباً وأن أعرض كتابي فيها فعسى أن يتحقّق هذا الحلم يوماً ما!