تمكنت بعثة أثرية تعمل في منطقة تل آثار "أبوصيفي" في محافظة شمال سيناء، من الكشف عن بقايا مبنى أثري مشيَّد من الحجر الجيري، عبارة عن ورشة لإصلاح المراكب والسفن ترجع إلى العصر البطلمي والروماني.

من جانبه، أوضح الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار في مصر، مصطفى وزيري، أن الورشة تتكون من أحواض جافة لإصلاح وبناء السفن، عبارة عن حوضين منفصلين بينهما مبنى مستطيل، يقع الحوض الأكبر إلى الشرق، ويتكون من بقايا جدارين متوازيين يمثلان جسم الحوض بعرض ستة أمتار، حيث يتم سحب السفن داخل الحوض للإصلاح، ويمتد كلا الجدارين نحو الجنوب تجاه مياه البحيرة القديم فيما يقرب من 25 متراً.

Ad

في السياق ذاته، قالت رئيسة الإدارة المركزية لآثار وجه بحري، نادية خضر، إن معظم الأحجار الجيرية الضخمة المكونة للورشة تم اقتلاعها من أماكنها الأصلية، لإعادة استخدامها بأغراض أخرى في عصور أثرية لاحقة، بعد انتهاء وظيفة الميناء وجفاف البحيرة وفرع النيل الذي كان يغذي المكان.

وأضافت خضر في تصريحات لها، أنه تم الكشف أيضاً عن بقايا أخشاب متحللة متراصة بطريقة منتظمة داخل الحوض الكبير في شكل طبقات، ربما كانت تستخدم في عمليات إصلاح السفن، أو كانت عبارة عن بقايا قارب أو طوف، إضافة إلى العديد من المسامير المصنوعة من البرونز والحديد مختلفة الأشكال والأحجام، كانت تستخدم في بناء وإصلاح القوارب.

إلى ذلك، قال المدير العام لآثار شمال سيناء، هشام حسين، إنه تم العثور أيضاً على بقايا عظام لأسماك نيلية، كانت تشتهر بها المنطقة خلال العصور القديمة، حيث كان يمر أحد فروع النيل إلى الجنوب من تل أبوصيفي، إضافة إلى العثور على كميات من الفخار.

وأوضح حسين أن أعمال هذا الموسم للبعثة الأثرية المصرية في منطقة تل أبوصيفي تعد استكمالا لأعمال مشروع الكشف عن ميناء تل أبوصيفي القديم، الذي انطلق بداية في تسعينيات القرن الماضي، كما أنها جزء من خطة مشروع تطوير آثار شمال سيناء، والتي تشمل عمل عدد من البعثات الأثرية المصرية التي تقوم بإجراء أعمال الحفائر والاكتشافات الأثرية بشمال سيناء.

ترحيب الباحثين

إلى ذلك، رحب باحثون في مجال التاريخ بالكشف الأثري الجديد، واعتبروه فرصة ذهبية لدراسة تاريخ الملاحة في مصر، والتعرف على الطرق التي كانت معتمدة قديماً لتصنيع وإصلاح السفن والمراكب، من خلال الورشة المكتشفة في أرض الفيروز، وقال الباحث أشرف محمود إن "أي اكتشاف أثري جديد تكمن أهميته في إلقاء الضوء على منطقة معتمة من تاريخنا، وبالتالي يساعد الباحثين في الوصول إلى أسرار الأزمنة البعيدة".

بينما دشن باحثون وسماً بعنوان "ورشة أرض الفيروز"، وثمنوا هذا الاكتشاف الجديد، وقال أحد المعلقين على الوسم: "يؤكد هذا الاكتشاف مكانة مصر الملاحية تاريخياً، وعلى المتخصصين في مصر أن يدرسوا بعناية كل تفاصيل هذه الورشة الأثرية"، لافتا إلى أن الحضارة المصرية ظلت لغزاً، حتى جاء العالم الفرنسي شامبليون، وفك رموز اللغة الهيروغليفية على حجر رشيد، وبدأتتكشف.

تل أبوصيفي

يُشار إلى أن تل أبوصيفي يقع جنوب مدينة القنطرة شرق، وكان موقع الحصن الروماني "سيلا"، وتم اكتشاف قلعة بطلمية وأخرى رومانية بها، وسُميت هذه المنطقة باسم "التل الأحمر"، نظراً للون القرميد الأحمر الذي يميز بقايا مبانيها وأحجارها الأثرية. كما توجد به بقايا هيكل من بناء الملكين سيتي الأول ورمسيس الثاني للإله حورس وبقايا معسكر روماني وجدت به كتابات باللاتينية للإمبراطورين ديومكيشيان ومكسيميان. وفي عام 1907 عثر على حجر عليه نص هيروغليفي وحجر طحن كبير، كما عثر قرب القنطرة شرق على حجر من الصوان الأحمر مليء بالكتابة الهيروغليفية، وفي عام 1911 تم العثور على بقايا جبانة قديمة بداخلها توابيت من الحجر عليها كتابات هيروغليفية.

أشهر المعالم الأثرية في شبه الجزيرة المصرية

إلى جانب تل أبوصيفي تزخر شبه جزيرة سيناء بالعديد من المعالم الأثرية المهمة، التي يقصدها السائحون من دول العالم المختلفة، وأشهرها ما يلي:

- منطقة آثار بيلوزيوم:

يعتبر أهم المواقع الأثرية في سيناء، ومازال يحتفظ ببقايا معمارية أثرية، ويشمل عدداً من التلال الأثرية، إلى جانب المنطقة الرئيسة التي تقع بها المدينة الأثرية، والتي كشفت الحفائر الحديثة بها عن مجموعة من الحمامات ومسرح كبير يرجع إلى العصر الروماني وقلعة رومانية.

- قلعة العريش:

تعتبر الأثر الوحيد الباقي في مدينة العريش، وكان بداخل القلعة بئر وحديقة ومساكن للجنود، وشهدت أحداثا تاريخية مهمة، أبرزها توقيع معاهدة العريش عام 1800م، بين الأتراك والحملة الفرنسية على مصر.

- تل حبوة:

من أهم الآثار المكتشفة به قلعة فرعونية من عصر الدولة الحديثة، مشيَّدة بالطوب اللبن، وبها أبراج، وتشبه مدينة محصنة، حيث كشف حولها عن مخازن ومنازل ومئات القطع الأثرية والأختام بأسماء ملوك مصر، مثل: تحتمس الثالث ورمسيس الثاني.

- عين القديرات:

تقع في واد خصيب يروى بواسطة عين القديرات، وتعكس الآثار المكتشفة أهمية هذه المنطقة، ودورها المركزي في العصور الفرعونية المبكرة، حيث أنشئت بها العديد من الحصون، بقي منها «القلعة الوسطي».