قال تقرير "الشال" الاقتصادي الأسبوعي، إن محضر اجتماع مجلس الوزراء الكويتي الأسبوع الفائت كان حافلاً بسرد الكثير من قضايا الفساد، منها أزمة تطاير الحصى، وقرار حرمان الشركات المتعثرة والمتأخرة من ممارسة أعمال جديدة، وأهمهما، التحقيق في سلامة نحو 15.514 شهادة علمية.

وعلى الرغم من فداحة تداعيات الفساد في أي موقع، وفق تقرير "الشال"، فإن إصلاحه يبقى وإن كان مؤلماً ومكلفاً، في حدود الممكن، لكن عندما يشمل الخراب الإنسان، يحتاج الإصلاح إلى أجيال، لأن حصاد خراب الإنسان يشمل كل ما عداه من ماديات، وخطورته القصوى تكمن في جيل يتعلم منه أو يقتدي به، أي انتشار عدوى خراب الإنسان علماً وقيماً.

Ad

وفي التفاصيل، فإن المجلس الأعلى للتخطيط والتنمية، وضع إصلاح التعليم أولى أولوياته، وهو أمر طيب، والمجلس الأعلى للتخطيط يضم كل وزراء الاختصاص وهم صلب مجلس الوزراء، والحكومة الثابتة على مر الزمن، هي المسؤولة عن حصاد التعليم الفاسد.

ولا بأس من ذكر بعض الأمثلة، فالقطاع العام يربط بين الشهادة التعليمية والمكافأة المالية، أي الأجر، من دون أدنى علاقة ما بين نوعية التعليم أو مستواه، وتلك المكافأة.

وفي القطاع العام 80.5 في المئة من العمالة المواطنة، نحو 43.7 في المئة ضمنهم من حملة الشهادات الجامعية وما فوق، تلك ربما تكون أعلى نسب العالم، ورغم ذلك، إنتاجية القطاع العام ضعيفة إن لم تكن سالبة بالقياس إلى تكلفتها.

وإضافة إلى ما تقدم، نحو 37.3 في المئة من موظفي القطاع العام المواطنين الآخرين من حملة الشهادات الثانوية وما دون الجامعية، ذلك يعني أن 81 في المئة من موظفي القطاع العام من حملة الشهادات ما بين الثانوية والدكتوراه.

الراتب والشهادة

ولا نعتقد أن أحداً في مؤسسات الحكومة ولجانها ومجالسها انشغل يوماً بالبحث في تكلفة الربط بين الراتب والشهادة، وأثرها على انتشار وباء الشهادات الوهمية على كل مستوى، ولا نعتقد أن أحداً اهتم بالربط بين المستوى التعليمي والإنتاجية في القطاع العام.

ما تقدم كان حول الكم، أما الكيف، فالمؤشرات قاطعة حول تخلف متصل لمستوى التعليم في الكويت، ففي تقرير مستوى التنافسية العالمية الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي "دافوس" طبعة 2017/2018، صنفت الكويت خامسة في مستوى التعليم العام لديها مقارنة مع دول مجلس التعاون الست. ولكن أصل 137 دولة شملها التصنيف، تحتل الكويت المرتبة 89 في نظام التعليم، والمرتبة 106 في تعليم العلوم والرياضيات، والمرتبة 111 في مستوى إدارة المدارس، رغم أنها من أعلى الدول إنفاقاً على التعليم.

وفي التعليم العالي، ليس لديها سوى جامعة واحدة مصنفة، وتصنيفها ما بين 801-1000 طبقاً لتصنيف كيو اس "QS"، وهي جامعة الكويت وعمرها 54 عاماً وتتخلف بتصنيفها بمرور الزمن، ولا عزاء لمعظم الجامعات الخاصة الأخرى.

وتتبنى الكويت رؤية تنموية من أجل صناعة مستقبل مختلف، وتعد الرؤية بخلق ما بين 200-300 ألف وظيفة مواطنة بحلول عام 2035، ما لا نعرفه هو أين تلك النوعية من التعليم التي سوف تخلق الإنسان القادر على المنافسة على فرص العمل الموعودة. علماً أن كثيراً من مخرجات التعليم في المستقبل، سوف يتعلمون على أيادي حملة شهادات مضروبة، وبقيم عمل مضروبة لدى القطاع العام، بقيادات براشوتية، ومحاصصة فيما عداها.

فعلى الرغم من ضخامة الرقم الذي ذكره مجلس الوزراء من تلك الشهادات الخاضعة للتحقيق، فإن الرقم الحقيقي أكبر بكثير، ونتائج تأخر الإصلاح الجذري لنظام التعليم، أخطر بكثير.