شهدت مدن جزائرية صباح أمس إضرابا جزئيا للمحلات التجارية والمواصلات العامة والمدارس، استجابة لدعوة نشطاء على مواقع التواصل ضد ترشح الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة للانتخابات الرئاسية المقررة 18 أبريل المقبل.

وتباينت استجابة الجزائريين للعصيان المدني، في ظل إصرار السلطات على عدم سحب ترشح بوتفليقة، الذي ترددت أنباء أمس عن استعداده للعودة إلى البلاد من جنيف، ووسط جدل كبير حول جدوى التصعيد ومن يستفيد منه ومن يتضرر.

Ad

وأغلقت عدة محلات ومتاجر أبوابها، وتوقفت شبكة السكك الحديدية بالعاصمة، بينما شارك عمال شركة «سوناطراك» الحكومية للغاز الطبيعي بولاية بجاية في الإضراب.

وتسببت الدعوات في إقبال كبير للجزائريين على السلع والمنتجات في مختلف ولايات البلاد، كما تسببت في طوابير طويلة للمركبات أمام محطات الوقود. ولوحظ توقف الدراسة في ثانويات عامة ومدارس التعليم الابتدائي والمتوسط بالعاصمة كذلك.

وأظهرت فيديوهات وصور نشرت على منصات التواصل استجابات متفاوتة للإضراب بولايات عدة، على غرار جيجل وسطيف وقسنطينة والبويرة وبجاية وتيزي وزو.

في هذه الأثناء، استنكر كثير من الناشطين الدعوة إلى «عصيان مدني»، باعتباره تصعيدا يضر بالحراك السلمي الذي تشهده البلاد، ودخل أسبوعه الثالث، معتبرين أن المتضرر الوحيد من الخطوة هو الشعب وليس مسؤولوه.

ونشر الإعلامي والمدون إيدير دحماني تغريدة على «فيسبوك»، دعا فيها إلى عدم الاستجابة للإضراب الذي ينظم اليوم، أو العصيان المدني، لأن ذلك سيكون كسرا للحراك الشعبي.

في غضون ذلك، تواصلت الاحتجاجات الشعبية في شوارع العاصمة الجزائرية وعدة مدن، للاعتراض على العهدة الخامسة، وفرقت الشرطة مسيرة طلابية بالغاز المسيل للدموع، غداة تبكير السلطات عطلة الجامعات، التي يقود طلابها الاحتجاجات المناهضة لبوتفليقة.

وشهدت عنابة إضرابا شاملا شمل كل المحال التجارية.

الحزب الحاكم

في المقابل، حذر حزب «جبهة التحرير الوطني» الحاكم من الاستجابة لدعوات العصيان المدني والتهور».

ودعا حزب بوتفليقة، في بيان أمس، جميع الأطراف السياسية إلى العمل معا لإنهاء الأزمة السياسية، بعد يومين من أكبر احتجاجات تشهدها البلاد منذ تولي الرئيس السلطة قبل 20 عاما.

وقال الحزب إنه «يعمل مع كل الأطراف السياسية للخروج من الأزمة بأقل ضرر»، مؤكدا أن «الأطراف السياسية، تراعي المصالح الوطنية، والحفاظ على سلمية الحراك لضمان الأمن والاستقرار»، ورأى أن «ما وصل إليه الحراك الشعبي مكسب ومفخرة للشعب الجزائري».

وناشد الجزائريين ضرورة الحفاظ على اليقظة والحيطة من التهور في القرارات، كما طالب بعدم ترك الفرصة لبعض الجهات المتهورة والمجهولة، التي تريد الزج بالبلاد وشعبها نحو المجهول.

وفي وقت سابق، اجتمع مدير حملة الرئيس الانتخابية عبدالغني زعلان بمسؤوليها الإقليميين، تزامنا مع الحديث عن عودة الرئيس.

بيان الجيش

في غضون ذلك، أصدر الجيش الجزائري، أمس، بيانا جديدا هو الثالث لنائب وزير الدفاع قائد الأركان الفريق أحمد صالح، قال فيه إن «هنالك رابطة قوية نابضة بالحياة بين الشعب والجيش».

وأضاف صالح، خلال زيارته للمدرسة الوطنية التحضيرية بالرويبة، أن «الرابطة يشهد على قوتها ومتناتها ذلك التفاعل والتعاطف، الذي ما فتئ يعبر عن نفسه بكل عفوية، من خلال صور التضامن والتلاحم بين الشعب وجيشه في كل الظروف وفي كل الأحوال».

واردف: «الشعب يعرف رهانات عالم لا يرحم بالمتغيرات»، مؤكدا أن «الجيش والشعب بينهما رؤية موحدة نحو المستقبل»، وتابع: «الجيش يفتخر أنه من صلب الشعب الجزائري».

طائرة وتدهور

في سياق مواز، هبطت طائرة حكومية جزائرية في مطار كوينترين بجنيف أمس، بعدما توقع مصدر بالعاصمة الجزائرية عودة الرئيس إلى البلاد عقب قضائه أسبوعين في المستشفى الرئيسي بالمدينة السويسرية. وقال مصدر مطلع إنه يتوقع أن يعود الرئيس إلى البلاد أمس.

ونقل تلفزيون «النهار» الجزائري، أمس، عن مصادر، قولها إن «الرئيس سيعود إلى الجزائر اليوم، قادما من جنيف، بعدما أنهى سلسلة من الفحوصات الطبية الروتينية».

في هذه الأثناء، ذكرت قناة «العربية»، نقلا عن مصادر بالمستشفى السويسري، أن حالة الرئيس الجزائري الصحية دقيقة جدا، وشهدت تدهورا بعدما توقف جهازه الهضمي عن العمل.

ولم يظهر بوتفليقة، 82 عاما، في العلن إلا نادرا منذ إصابته بجلطة دماغية عام 2013.