بدّدت بروكسل كل أمل في التوصل إلى حل وسط بشأن «بريكست»، أمس، معتبرة أنها قدمت تنازلات كافية، وأن الأمر متروك الآن للبريطانيين لاتخاذ الخطوات اللازمة لكسر الجمود.

وصرّح كبير مفاوضي الاتحاد الأوروبي في ملف «بريكست» ميشال بارنييه، لدى وصوله إلى مقر الاتحاد الأوروبي في بروكسل، لمناقشة «بريكست» مع سفراء 27 دولة أعضاء في الاتحاد «قدمنا مقترحات بناءة»، مضيفا «أجرينا محادثات نهاية الأسبوع، والمفاوضات باتت الآن بين الحكومة والبرلمان في لندن».

Ad

ويعتبر الأوروبيون أنهم قدموا كل التنازلات الممكنة للحكومة البريطانية لتمكينها من إقناع النواب بالمصادقة على الاتفاق المبرم بين بروكسل ولندن، خلال تصويتهم المقرر هذا الأسبوع.

وعرض بارنييه مساء الجمعة الماضي، في سلسلة تغريدات آخر المقترحات الأوروبية. وأشار خصوصاً الى استعداد الاتحاد الأوروبي لإضفاء «طابع ملزم» على التعهدات الواردة في رسالة كان وقعها رئيسا المجلس الأوروبي والمفوضية الأوروبية.

وهي رسالة نصت على ضمان الطابع المؤقت لشبكة الأمان الواردة في اتفاق «بريكست»، بهدف تفادي عودة الحدود فعليا بين جمهورية إيرلندا العضو في الاتحاد الأوروبي ومقاطعة إيرلندا الشمالية البريطانية، بغرض الحفاظ على اتفاق السلام في إيرلندا الموقع عام 1998.

ويرى الكثير من النواب البريطانيين في هذا الإجراء «فخا» يبقي المملكة ضمن الاتحاد رغم «بريكست».

في هذه الأثناء، كشفت رئيسة الحكومة المحافظة تيريزا ماي، مساء أمس، نتيجة محادثاتها في بروكسل عشية تصويت حاسم للنواب قبل اقل من ثلاثة أسابيع من الموعد المقرر للخروج من الاتحاد الأوروبي.

وكان مجلس العموم رفض قبل شهرين بأغلبية ساحقة الاتفاق الذي توصلت اليه زعيمة حزب المحافظين أواخر نوفمبر 2018 مع بروكسل، ما أعاده إلى طاولة المفاوضات.

لكن في حين يستعد النواب للتصويت مرة ثانية على النص، يبدو أكثر فأكثر أنه ليس لدى ماي الكثير لتقدمه لهم، ما يمهد الطريق امام هزيمة مذلة أخرى.

وذكرت هيئة الإذاعة البريطانية (BBC) أن الاتفاق «في ورطة... في ورطة فعلا».

وفي وقت سابق، قال متحدث باسم ماي، إنها لا تنوي «في الوقت الراهن» التوجه الى بروكسل لوضع اللمسات النهائية على أي تغييرات في اللحظة الأخيرة.

كما قال إن التصويت سيجري اليوم، في حين تسري التكهنات في لندن، نظرا لعدم وجود نتائج ملموسة، بشأن تأجيل التصويت أو التصويت على الاتفاق.

وإذا تم رفض النص مرة أخرى اليوم، فإن ماي قررت إجراء تصويت غدا، حول إمكانية المغادرة من دون اتفاق.

وإذا رفض النواب هذا الخيار فسيصوتون الخميس على اقتراح بتأجيل «محدود» للخروج من الاتحاد الأوروبي بعد 29 مارس. لكن يتعين الحصول على موافقة دول الاتحاد الأوروبي السبع والعشرين، فقد حذر القادة الأوروبيون من أن أي تأجيل يجب أن يكون مبررا حتى يوافقوا عليه.

من جانبها، أشارت صحيفة «ديلي تليغراف» الى أن التأجيل قد يكلف المملكة المتحدة غاليا، متحدثة عن فاتورة اضافية بقيمة مليار جنيه استرليني لكل شهر تأجيل.

وفي بلدة بيتيغو الواقعة على شطري الحدود الإيرلندية، يتلقى مكتب البريد وابلا من طلبات الجنسية الإيرلندية مع اقتراب موعد «بريكست».

ويؤكد المسؤول عن مكتب البريد جيمس غالاغر، أن هذا النوع من الطلبات بدأ يتضاعف سنة تلو الأخرى، بعيد التصويت لمصلحة الانسحاب، في الاستفتاء الذي أقيم في يونيو 2016. ويردف الرجل الستيني، وهو يحيّي الزبائن من خلف مكتبه «شهدنا ارتفاعا كبيرا في الأشهر الأخيرة. منذ مطلع العام الجديد، بلغ هذا الازدياد نحو 50 في المئة مقارنة بالعام الماضي».

ويحقّ لسكان مقاطعة إيرلندا الشمالية التابعة للمملكة المتحدة الاستحصال على الجنسية الإيرلندية بموجب اتفاقات السلام المبرمة سنة 1998، والتي وضعت حداً لثلاثة عقود من أعمال عنف مزّقت المنطقة.