فؤاد زكريا «العقل النقدي... الغائب الحاضر» بمركز جابر
الجسمي وعبدالحافظ وبستكي والسيد تحدثوا عنه في الذكرى التاسعة لوفاته
شهدت القاعة المستديرة في مركز جابر الأحمد الثقافي، أمس الأول، فعالية «حديث الاثنين»، ضمن الموسم الثقافي للمركز، متضمنة ندوة عنوانها «د. فؤاد زكريا: العقل النقدي... الغائب الحاضر» بمناسبة الذكرى التاسعة لوفاته.
شارك في الندوة أستاذ ورئيس قسم الفلسفة في جامعة الكويت د. عبد الله الجسمي، وأساتذة الفلسفة في الجامعة د. شفيقة بستكي ود. مجدي عبد الحافظ، ود. محمد السيد، وأدار الحوار الروائي إبراهيم فرغلي.
شارك في الندوة أستاذ ورئيس قسم الفلسفة في جامعة الكويت د. عبد الله الجسمي، وأساتذة الفلسفة في الجامعة د. شفيقة بستكي ود. مجدي عبد الحافظ، ود. محمد السيد، وأدار الحوار الروائي إبراهيم فرغلي.
في بداية الندوة، قال الروائي إبراهيم فرغلي إن هذه الأمسية التي تحتفي بذكرى فؤاد د. زكريا إلى لا تحتفي بالشخص فقط، بل بأفكاره ومواقفه وإنتاجه الفكري والثقافي، لأهميتها الكبيرة من جهة، فضلاً عن أن ما نادى به في الأمس يبدو لنا اليوم ملحا ربما أكثر من أي وقت سبق، إلى جانب أن مواقفه التي عرف بها في مناصرة الحق، وبينها موقفه الصلب في أثناء أزمة غزو الكويت، تمثل علامة مضيئة لما تمتع به من نزاهة علمية، ولذا فإنه يعد نموذجا مشرفا للمثقف ودوره إزاء قضايا مجتمعه وأمته".
تصور الفلسفة
من جانبها، أعطت أستاذ الفلسفة في جامعة الكويت د. شفيقة بستكي تصوراً للفلسفة عند زكريا، وقالت: "أبدأ ببعض الملاحظات العامة التي تشكل أساسيات حول ما أقدمه في هذه الندوة في تخليد ذكرى الزميل العزيز الذي أسهم في رعاية مسيرة الأكاديمية الفلسفية في الكويت بالرغم من الصعوبات والعقبات والعراقيل التي اعترتها. أول هذه الأساسيات أنني أعتمد في مداخلتي على مصدر واحد وهو كتاب نظرية المعرفة والموقف الطبيعي للإنسان، لأنه يبلور التفاعل القائم بين مجالات ثلاثة، قائمة بذاتها، ولكنها متشابكة هي المعرفة في مجال الموقف الطبيعي للإنسان والمعرفة في المجال العلمي ونظرية المعرفة أو الابستمولوجيا كما تتمثل باعتبارها فرعا أساسيا من فروع الفلسفة الأكاديمية عبر تاريخها الطويل". وأضافت د. بستكي: "ثاني هذه الأساسيات هو أن ما أعرضه قائم جزئيا على ما أذكره من حوار تم بيننا خلال تعقيب له على محاضرة لي بعنوان الفلسفة بين العلم والإيديولوجيا قدمتها ضمن الموسم الثقافي في عام 1990، وثالث هذه الأساسيات هو ما ألاحظه من تشابه بين تصور الفسفة الذي أجده عند فؤاد زكريا وتصور ولفرد سلرز للفلسفة في مقال “Philosophy and the Scientific Image of Man" الذي يعتبره الكثيرون تحديدا واضحا لتصور الفلسفة في عصر العلم". أما رئيس قسم الفلسفة في جامعة الكويت د. عبد الله الجسمي، فقال إن د. زكريا نموذج فريد من نوعه، وإن التحليل لديه هو النظرة للحدث وتحليله بطريقة منهجية، وليست ذاتية وعاطفية أو أيديولوجية، لافتا إلى أنه يقوم بالربط بين عناصر الموضوع والمشكلة بطريقة منطقية متسقة لا وجود للتناقض فيها، وأيضا يقوم بالاهتمام بالمقدمات عند تحليل ظاهرة لأنها تؤدي إلى النتائج، بمعنى أن سلامة معالجة الموضوع عند البداية ستؤدي إلى نتائج سليمة، ويقوم بالبحث في أسباب الظواهر والمشكلات. وأشار د. الجسمي إلى أن د. زكريا كان يمتلك الإبداع في توظيف الفلسفة لخدمة الواقع ومشكلاته وتحليلها، مؤكداً أن موقف د. زكريا اتسم بالموضوعية في دفاعه عن الكويت وقضيتها العادلة وكان موضوعيا في طرح آرائه، وأيضا اتسم موقفه بالشجاعة ورفض الابتزاز والتهديدات.
الفلسفة والواقع
وقدم أستاذ الفلسفة الحديثة والمعاصرة في جامعة الكويت د. مجدي عبدالحافظ ورقة بعنوان "فؤاد زكريا: بين الفلسفة والواقع"، حيث قال: "لم يكن فؤاد زكريا يوماً سجيناً لأسوار الجامعة، ولم يكتف لحظة بما كان يحققه في شعاب الفلسفة ودروبها الوعرة من إسهامات أساسية وترجمات مهمة أسهمت في صياغة عقول أكثر من جيل من المثقفين والباحثين والكُتَّاب، فإلى جانب ما أسهم به من دراسات في موضوعات الفلسفة وتقديمه لأهم أعلامها، وجدناه حاضرا دائما، ومشتبكاً بحيويته المعهودة ونصاعة منهجه في حقل الصراعات الأيديولوجية". وأضاف د. عبد الحافظ: "وهو لم يأل يوما جهدا في المتابعة الدقيقة لأحداث الواقع، وتتبع ردود الأفعال، وقراءة ما يُكتب بعناية بالغة وعمق لا يقف عند عمق المتابع المدقق فحسب، وإنما هو عمق الفيلسوف الذي يرصد الظواهر ويربط بينها بنظرة بانورامية شاملة. ولهذا لم يتوقف ـ عند قاعات الدرس، بل خرج إلى الحياة الواسعة، واشتبك مع كثيرين على صفحات الجرائد والمجلات، التي ترأس تحرير البعض منها وأشرف على البعض الآخر، وهي سمة تبدت بصورة أكثر وضوحا في الكتب التنويرية الاشتباكية بعيدا عن التدريس الجامعي وكذلك في اختيار ترجماته ومراجعاته وإشرافه على بعض السلاسل من الكتب". وأكد د. عبد الحافظ أن “فؤاد زكريا قدم على مدى أكثر من خمسين عاما وفي ميادين متعددة من الفكر والثقافة ما يصب ـ في تصوره ـ بضرورة أن يساهم المثقف الحقيقي في الارتقاء بواقعه".من جانبه قدم أستاذ المنطلق وفلسفة العلوم في جامعة الكويت د. محمد السيد ورقة بعنوان "التفكير العلمي في فكر فؤاد زكريا"، وقال: "أعتقد أن لقب فيلسوف ينطبق على المفكر الكبير فؤاد زكريا بمعناه الحرفي والمجازي، أليس الفيلسوف هو ذلك المفكر صاحب الرؤية الموسوعية الشاملة التي تتجاوز حدود التخصصات الضيقة إلى الواقع الخارجي الأكثر رحابة واتساعا؟ أليس الفيلسوف هو المفكر الذي يتخذ من الفكر وسيلة للتغيير وللتنوير؟ أليس هو المفكر المهموم بمشكلات شعبه وأمته؟ كل هذه الصفات وغيرها تنطبق على الدكتور فؤاد زكريا".وأضاف د. السيد: "لقد وقعت مبكراً في سنوات دراستي الجامعية المبكرة تحت تأثير شخصية الدكتور فؤاد زكريا الطاغية من خلال ترجمته لكتابه هانز ريشنباخ، نشأة الفلسفة العلمية، وأيضا من خلال ترجمته لمحاورة الجمهورية لأفلاطون، وانبهرت كثيرا بالبساطة والدقة والعمق، ووضوح الأفكار المطروحة في ترجمته لذلك الكتاب حتى تشعر وكأن الدكتور فؤاد هو مؤلف الكتاب لا مترجمه".
الجسمي: زكريا نموذج فريد والتحليل لديه يمثل نظرة إلى الحدث بطريقة منهجية