رسالتان من السيستاني إلى المرشد الإيراني لتصحيح العلاقات بين بغداد وطهران
بينما انشغل الرأي العام العراقي بمداراة قلقه من اتفاقيات قديمة وجديدة جرى إحياؤها أو إبرامها في زيارة طويلة بدأها الرئيس الإيراني لبغداد الاثنين، نجحت الدبلوماسية الإيرانية في عقد لقاء وصف بالتاريخي مع المرجع الأعلى علي السيستاني في النجف، رغم أنه يرفض منذ سنوات استقبال الساسة، ويقصر محادثاته المباشرة على رؤساء البعثات الدولية والمنظمات غير الحكومية.لكن الزيارة، حسب مصادر مطلعة في بغداد والنجف، حملت خلاصة لرسائل عراقية مهمة، تختصرها عبارة تتردد منذ سنوات في العراق هي «ضرورة تصحيح العلاقات المختلة بين العراق وإيران».وجاء روحاني مع وزير خارجيته جواد ظريف، الذي يعاديه الجناح المتشدد في إيران، إلى درجة أنه استقال من منصبه مؤخراً، وتراجع بعد ضغوط، في رسالة مفادها أن الجناح الإصلاحي الإيراني يمكنه أخيراً أن يساهم في صوغ علاقة جديدة مع العراق، بعد توتر شديد وصل إلى إحراق المتظاهرين في البصرة لقنصلية إيران الخريف الماضي، محملين الجار الشرقي مسؤولية تفشي الفساد وفوضى السلاح ودعم أحزاب وميليشيات عراقية تثير الانقسام وتنتهك سيادة الدولة.
وجرى تصعيد التوتر مع إيران مراراً، عبر قوى عراقية متنوعة الانتماء، على رأسها تحالف علماني إسلامي يقوده مقتدى الصدر وأياد علاوي ومجموعات اليسار، ومعهم حيدر العبادي رئيس الحكومة السابق وآخرون، يوصفون بأنهم مقربون إلى النجف والأجنحة المعتدلة المتحالفة لدى الأكراد والسنة، وبلغ الأمر ذروته حين امتنع هذا الجناح عن تلبية مطالب جنرال حرس الثورة الإيراني قاسم سليماني، الذي يدير ملف العراق منذ سنوات.وقرأ الخبراء العراقيون زيارة روحاني وظريف على أنها قبول من مرشد الثورة علي خامنئي بنقل ملف العراق من حرس الثورة إلى الحكومة الإيرانية، وهو طلب عراقي قديم سبق أن أثاره رئيس الوزراء الأسبق أياد علاوي، وكثير من القوى المعتدلة في بغداد، قائلين إن تدخل حرس الثورة يخل بميزان العلاقة الثنائية التي تتطلب تصحيحاً.وفي بيان نشره الموقع الرسمي لآية الله علي السيستاني في النجف، والمعروف برفضه التواصل مع مرشد الثورة الإيرانية علي خامنئي، وردت رسالتان أثارتا اهتمام المراقبين المحليين، حيث أوضح السيستاني لضيفه حسن روحاني في أولاهما أن العراق مهتم جداً بحصر السلاح بيد الدولة، في إشارة إلى ضرورة أن تتوقف طهران عن دعم الميليشيات التي تثير فوضى السلاح بالعراق، وهي أقوى إشارة في مجالها تصدر من المرجع الديني حتى الآن.أما الرسالة الثانية فوصفت بأنها نقد مباشر لسياسة مرشد الثورة الإيرانية، حيث شدد السيستاني، وهو أهم مرجع شيعي في العالم، له نفوذ دولي، «على ضرورة أن تتسم السياسات الإقليمية والدولية في هذه المنطقة الحساسة بالتوازن والاعتدال، لتجنب شعوبها مزيداً من المآسي والأضرار»، حسب بيان مكتبه.ويعرف عن السيستاني أنه دعم بقوة التطوع لقتال تنظيم داعش، لكنه لم يدعم تدخل إيران والقوى الشيعية الأخرى في الملفين السوري واليمني، كما عارض تدخلات إيران في العراق، وخصوصاً تشكيل حكومة ٢٠١٤، التي شهدت تنحية نوري المالكي رئيس الوزراء الأسبق المدعوم من طهران.