يواصل المعهد العالي للفنون المسرحية نهجه في تكريم واستذكار مبدعي المسرح الكويتي، فمنذ أيام قليلة عرض "مسك" عن سيرة الأديب والمؤلف المسرحي الراحل إسماعيل فهد إسماعيل في القاعة المستديرة بمركز الشيخ جابر الأحمد الثقافي، وأمس الأول قدّم لمسة وفاء أخرى من خلال عرض "الصقر" عن سيرة الفنان والمؤلف والمخرج المسرحي المبدع صقر الرشود، على خشبة مسرح حمد الرجيب بالمعهد، بحضور بنات الراحل، وهو ما يحسب لإدارة المعهد الجديدة، وعميدها د. علي العنزي. وقبيل العرض، استقبل الجمهور المعرض الخاص بمقتنيات الراحل صقر، الذي أشرفت عليه ابنته فاطمة الرشود، ومن بينها بعض الصور النادر التي تجمعه بالفنانة فايزة أحمد، وعبدالله غيث، وأعماله المسرحية، وبعض المستندات مثل شهادة الجنسية الكويتية ودفتر الشيكات، وشهادة البكالوريوس في العلوم السياسية من جامعة الكويت بتقدير جيد جداً، وبطاقة عضويته التي حملت رقم (69) في فرقة المسرح الشعبي عام 1960، وقرار تعيينه خبيراً مسرحياً عام 1977 في الإمارات بموافقة مجلس الوزراء، وبراتب قدره 10 آلاف درهم.
بدأ العرض ببروفات مسرحية يقودها المخرج الرشود، الذي يفسر سبب إطلاق "مسرح المعقدين" على فرقة مسرح الخليج العربي التي أسسها مع زملائه حياة الفهد وعبدالله خلف وسالم الفقعان ومنصور المنصور وغيرهم، ونفيه الشائعات التي أطلقها البعض عن خلافه مع الرائد المسرحي العربي زكي طليمات، بقوله إنه من رشحه لإحدى الدورات في مصر، وليس هناك أي خلاف، ورغم انتقاده لطريقته الكلاسيكية لكنه يقدر دوره في نهضة المسرح بالكويت، وكذلك شائعة خلافه مع د. سعيد خطاب عندما رفض قبوله في معهد الفنون المسرحية بمصر، موضحاً أنه لم يكن حاصلاً حينها على الثانوية العامة، وهو ما أدى إلى أن يكمل تعليمه وصولاً إلى الجامعة بتخصص علوم سياسية، ليبرهن على أن الموهبة هي الأساس قبل الشهادة.وعرج العرض على محطات مهمة ومنجزات للرشود، ومنها حصول عمله "علي جناح التبريزي وتابعه قفه"، الذي أخرجه وهو من تأليف ألفريد فرج، على أفضل عرض في مهرجان دمشق المسرحي، وكيف أخفى موت ابنه "فراس" عن فريق العمل.كما بيّن العمل العلاقة التي تجمع بين الكاتب عبدالعزيز السريع والناقد الصحافي محبوب العبدالله والرشود، إضافة إلى العلاقة الوطيدة بينه وبين الناقدين خالد الريس وبلال عبدالله. وتطرق العمل إلى محطات أخرى منها فترة الكتابة الثنائية مع السريع في مسرح الخليج، واستعانة الكاتبة عواطف البدر بالرشود لإخراج أول عمل مسرحي للأطفال في الكويت تحت عنوان "السندباد البحري" للكاتب محفوظ عبدالرحمن، إلا أنه رفض العرض ورشح لها منصور المنصور. وأخيراً تطرق العمل إلى مرحلة انتقال الرشود إلى الإمارات كخبير مسرحي، والتي أخرج فيها مسرحية "الأول تحول"، وفيها نجوم من الممثلين الإماراتيين، منهم الراحلان سلطان الشاعر ومحمد الجناحي، لتنتهي المسرحية مع أغنية "يا صقر" التي اختصرت مسيرته في كلماتها بلحن جميل. ما قام به الكاتب المبدع علاء الجابر في تأليف هذا العرض، الذي تناول سيرة الرشود ليس بغريب عليه، وخاصة أنه يحمل ملكة الكتابة منذ فترة طويلة، ونعي تماماً الجهد المبذول في كيفية اختزال محطات وإنجازات الراحل التي صدرت عنها كتب ومقالات طويلة في الدوريات الثقافية والدراسات الأكاديمية في 45 دقيقة، ولن نقول إلا أن الجابر يستحق رفع القبعة له على هذا الجهد المثمر.ولن ننسى عمل طلبة المعهد وأداءهم التمثيلي، فهم يستحقون التحية لاسيما أنها أول إطلالة لهم على خشبة المسرح أمام جمهور حقيقي، وخاصة عبدالله البلوشي في أدائه لشخصية صقر الرشود، كما كان هناك جهد رائع لمخرج العمل د. حسين الحكم.
فريق العمل
العمل من تأليف علاء الجابر، وإخراج د. حسين الحكم، وتمثيل طلبة السنة الأولى بالمعهد: عبدالله البلوشي (صقر الرشود)، ومشاري السعيدان، ومحسن النجدي، وهيا السعيد، وشهد ياسين، وغدير الشريفي، وعبدالعزيز العنزي، وغدير حسن، وأحمد بن خميس، وشهاب المشايخي، ومشاركة خاصة من الفنان ومقدم البرامج عبدالرحمن الديّن، وعزف العود: عماد يحيى، وعزف الإيقاع: شملان القطان وعبدالله العمير، وأزياء: زينب عبدالسلام، وديكور: أحمد السناسيري، ومكياج: خالد الشطي، ومخرج مساعد: عدنان بالعيس، ومتابعة: د. سعداء الدعاس، وإشراف: د. علي العنزي، وكلمات وألحان أغنية "يا صقر": علاء الجابر، وغناء: الفنان عادل الرويشد.يذكر أن نخبة من الفنانين والكتاب والأدباء حضروا العرض، ومنهم: محمد المنصور، وعواطف البدر، وليلى العثمان، ود. خليفة الوقيان، ود. سليمان الشطي، وعبدالله خلف، وطالب الرفاعي، وبدر محارب، وعبدالناصر الزاير، وميس العثمان، وعقيل عيدان، وطارق العلي، ونجف جمال.