جلسة «الخريجين»: محاولات من السلطتين لتعطيل استقلال القضاء

العبدالله: استقلاله مالياً وإدارياً ضرورة يحتمها الواقع العملي

نشر في 20-03-2019
آخر تحديث 20-03-2019 | 00:02
المتحدثون في الجلسة
المتحدثون في الجلسة
أقامت جمعية الخريجين مساء أمس الأول جلسة حوارية بعنوان «استقلال القضاء وموقف السلطات»، تحدث فيها المحامي والزميل حسين العبدالله، والأكاديمي وأستاذ القانون د. مساعد العنزي، وأدارها نائب رئيس الجمعية أستاذ القانون د. محمد الفيلي.
دعا المشاركون في الجلسة الحوارية التي نظمتها جمعية الخريجين إلى إنشاء جهاز يكون بمثابة «أمانة عامة للقضاء» على غرار الأمانة العامة لمجلس الوزراء والأمانة العامة لمجلس الأمة للقيام بالأعمال الإدارية والتحضيرية لمجلس القضاء.

وتساءل المشاركون عن الطرق التي يمارس بها مجلس القضاء أعماله دون وجود مثل هذه الأمانة العامة، في ظل وجود مهام كثيرة تقع على عاتقه، معقبين: «إذا كنا نتحدث عن سلطة قضائية مستقلة بموجب الدستور، فكيف لهذه السلطة أن تعمل بدون جدول أعمال ولا إدارات فاعلة ولا تحضير إداري لأعمالها؟».

وتطرقوا إلى أن هناك محاولات حكومية وبرلمانية لتعطيل فكرة استقلال القضاء، ماليا وإداريا، مطالبين بإعادة النظر في تطبيق ما يتردد دائما بأن القضاء سلطة مستقلة.

مسار العدالة

وأكد د. محمد الفيلي أن استقلال القضاء موضوع قديم جدا وهو عنوان يجر إلى عناوين أخرى، مشيرا إلى أنه عندما نتحدث عن استقلال القضاء ونبدأ بالدستور نجد أن النص الذي ورد في تعبير الدستور يقول إنه «لا سلطان لأي جهة على القاضي في قضائه»، وهو ما يعني استقلاله في مواجهة أي جهة، ومن المشروع أن نتساءل عن هذا الاستقلال حتى في مواجهة القضاء ذاته.

وأشار الفيلي، الذي ادار الجلسة، إلى أن هناك نصا في الدستور يشير إلى أنه لا يجوز بحال التدخل في سير العدالة، أي أن القانون يكفل استقلال القضاء، متطرقا إلى الإطار والغاية والهدف من استقلال القضاء. وقال إن استقلال القاضي يقتضي مقومات وظيفية، تنعكس بالفعل على مرفق القضاء، وهذا الاستقلال يجب أن تكون غايته حسن سير العدالة، مبيناً أن القضاء يتصل بالسلطتين القضائية والتنفيذية.

وأضاف أن «القاضي إنسان، والقضاء موجود لحسن سير الجماعة مثله في ذلك مثل البرلمان والحكومة»، لافتا إلى أن الدستور الكويتي لا يتضمن فقط مبدأ الفصل بين السلطات ولكنه قام على عدد من المبادئ مثل فكرة الديمقراطية.

إدارة لا سلطة

من جانبه، أكد المحامي والزميل حسين العبدالله أن القضاء في الكويت يعامل اليوم كإدارة تتبع وزارة العدل وليس كسلطة مستقلة أو مرفق، لافتا إلى أن هناك قرارات عديدة صدرت عن وزير العدل لم يؤخذ فيها رأي القضاة ورؤساء المحاكم.

وأكد العبدالله أنه من المعيب في بعض المهمات الرسمية أن يكون رئيس السلطة القضائية عضواً في وفد رسمي برئاسة وزير العدل، وهي مفارقة تتطلب إعادة النظر فيها، مشيرا إلى أن القضاء عاش عزلة ومن كان مسؤولا عنها هو المجلس الأعلى للقضاء. وأوضح أن القضاة يتألمون ويعانون من عدم اهتمام الدولة لهم، لافتا إلى أنه لم يحدث في تاريخ الكويت أن يجتمع 120 قاضيا في إحدى المحاكم للمطالبة بحقوقهم.

الفصل في المخاصمة

وحول من سيفصل في المخاصمة والمنازعة بين القاضي والمتقاضي، أكد العبدالله أن مشروع القانون يشير إلى أن هذه المهمة أوكلت إلى القضاء نفسه، مبددا المخاوف من أن القاضي قد يقف مع زميله القاضي ضد المتقاضي، مشددا على أن ذلك غير صحيح وغير موجودة عمليا.

وأشار إلى أن المحاكم تتفرغ من موظفيها بسبب تدخل وزارة العدل في ندب ونقل الموظفين وغيرهم. وتساءل عما إذا كان الدستور الكويتي يعتبر القضاء سلطة شأنها شأن السلطتين التشريعية والتنفيذية أم أنه مجرد مرفق، لافتا إلى أن القضاء داخل الكويت ماليا وإداريا يمثل إدارة تتبع وزارة العدل.

وأوضح أن من يتولى الإشراف على السلطة القضائية هو وزير لسلطة أخرى هي السلطة التنفيذية وهو وزير العدل، مطالباً بإعادة النظر في هذا الواقع وتطبيق معنى أن القضاء يمثل سلطة مستقلة وهي السلطة القضائية.

وشدد على وجود محاولات حكومية وبرلمانية لتعطيل فكرة استقلال القضاء ماليا وإداريا، مشيرا إلى أن هناك مسألة إدارية تعوق عمل القضاء وهي وجود وكيل وزارة العدل داخل المجلس الأعلى للقضاء، حيث إن ربط عضوية وكيل وزارة العدل بالمجلس الأعلى للقضاء يعطل فكرة الاستقلال الإداري للقضاء.

استقلال مالي وإداري

وشدد على أهمية الاستقلال المالي والإداري للقضاة، حيث إن ذلك يعد مطلبا هاما وضروريا، لافتا إلى أنه يتم مراقبة القضاة عبر جهازين داخل السلطة القضائية، هما معهد الكويت للدراسات القضائية وإدارة التفتيش القضائي.

واقترح العبد الله إنشاء وحدة لمراقبة جودة وكفاءة الأحكام القضائية بمختلف المحاكم للتأكد من سلامة المسلك الفني للقضاة، لافتاً إلى ازدياد حالات الخصومة والدعاوى القضائية ضد القضاة خلال الفترة الأخيرة.

وأشار إلى أن القضاء يريد الاستقلال المالي لأن الوضع العملي يجسد مبررات لذلك، من بينها أوجه الصرف والمكافآت وتوفير الحاجات الخاصة بالسلطة القضائية، ضاربا مثلا بأن صرف أوراق وأقلام للمحاكم يتطلب موافقة وزارة العدل، كما أن عقد الجلسات المسائية يتطلب تخصيص موظفين، ولذا تتعطل هذه الجلسات بسبب روتين الوزارة في عدم تخصيص موظفين.

وأوضح أنه يتم التأخر شهوراً طويلة في صرف مكافآت القضاة الذين يتولون الإشراف على العملية الانتخابية، مبيناً أن المعارضين لاستقلال القضاء ماليا يذهبون إلى أن ذلك يضر بسلامة ومسلك وسمعة القضاء وهو شيء مجاف للحقيقة.

واقع أم شعارات؟

بدوره، أكد د. مساعد العنزي أن أغلب دساتير العالم تنص على مبادئ استقلال القضاء، ولكن السؤال: هل تطبق هذه الاستقلالية على أرض الواقع أم أنها مجرد شعارات رنانة فقط.

وأشار إلى أن المادة 62 من الدستور تشير إلى «استقلال القضاء، وأن القضاء والعدل هما أساس الملك، وهو ضمان للحقوق والحريات»، مضيفاً أنه مع وجود الدولة المدنية أصبح القضاء يمارس من خلال جهاز وهو السلطة القضائية، وأصبح القاضي يحكم باسم الله سبحانه وتعالى ولا سلطان عليه سوى ضميره والقانون.

وأوضح العنزي أن هناك تعاوناً بين السلطات مع الفصل بينها بحيث تقوم كل سلطة بعملها وفقا للدستور، لافتا إلى أن المادة 163 من الدستور تشير إلى أنه «لا سلطة لأي جهة على القاضي في قضائه» والنص يتحدث عن استقلال القاضي، فمتى ما ضمنت استقلال القاضي ضمنت استقلال القضاء.

وأكد أن القانون يكفل استقلال القضاء، لافتا إلى أن استقلاله كرس في الدستور أكثر من استقلال مرفق القضاء، مشيراً إلى أن المشرع أوجد للشخص العادي الطعن، وأوجد للقاضي ضمانات معينة وحصانات لعمله.

وبيَّن أنه لا وجود في القانون الكويتي لما يسمى بمخاصمة القاضي، مشددا على أنه متى ما وجد حياد واستقلال للقاضي ضمنا استقلال القضاء. وأشار إلى أن مشروع قانون مخاصمة القضاء مقدم منذ عام 2015، وبسبب عدم موافقة كل الأطرف عليه، لا يزال مشروع القانون قيد النظر من مختلف الأطراف.

وأوضح أن عدم الحياد يعد أبرز المواد المتعلقة بمخاصمة القاضي وهي قواعد تتعلق بعدم صلاحية القاضي، لافتا إلى أن استقلال القضاء عليه بعض المثالب، والمقصود مخاصمة القاضي مدنيا لا جنائيا.

وذكر أن أول مرة وردت فيها كلمة مخاصمة القضاء كانت منذ أكثر من 500 سنة في فرنسا، موضحاً أن تأخر العدالة يعد إنكارا للعدالة، وحصول العدالة بعد فترة طويلة ليس له معنى.

المليفي: لماذا لا يجلس رئيس السلطة القضائية على المنصة؟

تساءل رئيس جمعية الخريجين إبراهيم المليفي عن الأسباب التي لا تجعل رئيس مجلس القضاء يجلس على المنصة الرئيسية وقت افتتاح دور الانعقاد في مجلس الأمة بصفته رئيسا للسلطة القضائية، مثل رئيس الحكومة ورئيس البرلمان بصفتهما رئيسين للسلطتين التنفيذية والتشريعية.

ورد عليه د. محمد الفيلي بأن النصوص الحالية لا تسمح بوجود رئيس مجلس القضاء على المنصة خلال افتتاح دور الانعقاد وفقا للدستور، مشيراً إلى أن صاحب السمو الأمير يفتتح دور الانعقاد في وجود رئيس مجلس الوزراء بصفته عضواً في مجلس الأمة.

ورأى الفيلي أن جلوس رئيس مجلس القضاء على المنصة الرئيسية وقت افتتاح دور الانعقاد في مجلس الأمة فكرة لطيفة من حيث الشكل والبروتوكول، ولكنها تحتاج إلى تعديل في النص.

الفيلي: القضاة بشر ولا يجوز التدخل في سير العدالة

العنزي: القاضي يحكم باسم الله ولا سلطان عليه سوى ضميره والقانون
back to top