كيف نساعد الفنزويليين في إطاحة مادورو؟
ولّد انهيار شبكة الكهرباء الفنزويلية هذا الشهر صراعاً على الطاقة الكهربائية بسبب حاكم مستبد يحمي تجار المخدرات، نيكولاس مادورو، وجعل 30 مليون نسمة يناضلون في سبيل الحصول على الطعام والماء.يبرز انقطاع الكهرباء هذا حجم الأزمة الإنسانية الفنزويلية والخطر الذي يشكّله مادورو على الاستقرار الإقليمي، فضلاً عن شعبه الخاص، ونتيجة لذلك تحتاج الولايات المتحدة إلى خطة عمل أكثر تشدداً للإطاحة به.منذ شهر يناير عمل فريق ترامب للأمن القومي على حشد الدعم الغربي وراء خوان غوايدو، الرئيس الانتقالي الشرعي الذي انتخبته الجمعية الوطنية الديمقراطية، كذلك فرضت وزارة الخزانة الأميركية العقوبات على عشرات من أعوان مادورو وأوقفت الدفعات المالية الأميركية مقابل النفط الفنزويلي، وقد جاء توجيه التهم لطارق العصامي، رجل مادورو الأول الذي تجمعه روابط بحزب الله، في 8 مارس لتعزز استراتيجية التعامل بشدة مع مادورو التي يتبعها ترامب.
رغم ذلك لم يتزحزح مادورو من منصبه، وساهمت كوبا، وروسيا، والصين في مساعدته على الصمود، كذلك رفض القادة العسكريون أمر غوايدو بالإطاحة بمادورو مقابل حصولهم على عفو، قد تدوم حالة الجمود هذه لأشهر مع بقاء البنى التحتية الأساسية في غرفة الإنعاش. يعتمد الفنزويليون على توربينات الكهرباء المائية في سد غوري البعيد للحصول على نحو 80% من كهربائهم، أما الباقي فيأتي من محطات الطاقة الحرارية حول المدن الكبرى.في 7 مارس، أدى حريق شب قرب خطوط النقل الممتدة من منشأة غوري إلى تعطل القواطع الكهربائية، مما أغرق الأمة في الظلام، وتسبب المديرون المتهورون، الذين حاولوا إعادة تشغيل النظام، بالمزيد من الضرر الدائم في الشبكة المتداعية، ونتيجة لذلك يعيش الفنزويليون اليوم بنصف الطاقة التي يحتاجون إليها من نظام مترنح. بات الشعب بأسره مهدداً، فخلال عمليات انقطاع الكهرباء المتكررة تواجه المستشفيات المعاناة الكبرى، كذلك لا يمكن تزويد مولدات الطاقة، وشاحنات إيصال الغذاء، والسيارات بالوقود من دون المضخات الكهربائية، ولا يُضخ أيضاً ماء الشرب في خطوط الإمداد أو إلى أعلى الأبنية المرتفعة، وهكذا، بعدما باتت كراكاس اليوم الأزمة الأكثر خطورة في العالم، قد تصبح قريباً الجحيم على الأرض بالنسبة إلى ثلاثة ملايين هم عدد قاطنيها. سيُضطر النظام المفلس كحل على الأمد القصير إلى العثور على التمويل والوقود بغية تعزيز الإنتاج في محطات الطاقة الحرارية التي تعمل راهناً بأقل من 10% من قدرتها، أما إصلاح نظام الإمداد والتوزيع الذي ينقل الطاقة من غوري، فيتطلب مقداراً أكبر من المال، والوقت، والكفاءة الهندسية.ولكن حتى قبل عملية انقطاع الكهرباء الكبيرة هذه، ولّدت سياسات مادورو الكارثية عدم الاستقرار والجوع في فنزويلا، مما دفع بملايين اللاجئين إلى الهرب إلى الدول المجاورة، وكلما طال بقاء مادورو في السلطة ازداد تدفق اللاجئين. ينبغي لواشنطن أن تتبنى استراتيجية أكثر إلحاحاً، مدركة الحاجة إلى إرغام مادورو على التخلي عن السلطة.استبعد غوايدو استخدام القوة، وخصوصاً بعدما رفضت أمم أميركية لاتينية أساسية، بدعم ضمني من دبلوماسيين أميركيين، أي تدخل أجنبي، ولكن من المؤكد أن من حق الفنزويليين أنفسهم حمل السلاح لإنهاء حالة البؤس والموت التي سببها حكم استبدادي ماركسي مجرم. يجب أن يدعو غوايدو الجنود والمواطنين إلى الدفاع عن أنفسهم وأن يؤمن لهم السبل إلى ذلك، ويشمل ذلك الاستعانة بالقوات المسلحة، علماً أن معظم عناصرها لا يدعمون مادورو، ولكن على غوايدو الكف عن محاولة استمالة قادة مادورو وإقناعهم بالإطاحة به، فهؤلاء الجنرالات الذين يحمون تجارة المخدرات قلما يأبهون بفعل الصواب. على العكس يجب أن يبحث عن ضباط نزيهين بدءاً بالجنرالات المتقاعدين المحترمين الذين قد يتواصلون شخصياً مع مسؤولين عسكريين برتبة نقيب، أو رائد، أو ملازم يتمتعون بصيت حسن بغية تشكيل مجموعة من القادة الجدد تقود بدورها القوات المسلحة من الجنود والمواطنين بهدف الإطاحة بالحاكم المستبد وإنقاذ الأرواح.تستطيع الولايات المتحدة المساعدة، حيث يسمح الدستور الفنزويلي صراحةً بالمهمات العسكرية الأجنبية، ويمنح هذا البند شرعية قانونية لقوة تتألف من جنود ومواطنين فنزويليين وجنود أجانب تساهم في حفظ السلام، أما القوات الأميركية فتستطيع، من دون التورط في حملة مطوّلة، الانتشار في المناطق التي يحررها الفنزويليون بغية اعتقال قادة النظام الذين وجهت إليهم المحاكم الأميركية تهماً عدة. وبإمكان المدعين العامين الاضطلاع بدورهم بتوجيهم التهم ضدهم أو نشرها، ولا شك أن المكافآت الكبيرة ستصعّب عليهم الاختباء. علاوة على ذلك بإصدار الأمر لوزارة الخزانة بتحرير أموال فنزويلا المجمدة بغية استخدامها لدعم النضال المسلح، يستطيع ترامب أن ينسب لنفسه الفضل في المساهمة في تحرير فنزويلا، ولكن سيكون على الشعب الفنزويلي نفسه تحمل العبء الأكبر ودفع الثمن. * «روجر نورييغا»