وثيقة لها تاريخ : أول وقف في تاريخ الكويت أنشأه سلمان بن صقر الطيري العازمي عام 1808م
تاريخ الأوقاف الإسلامية في الكويت يعود إلى بداية الاستقرار بهذه الأرض الطيبة، لكونه جزءاً من تاريخ الناس، ولعلاقته المباشرة بالتشريع الإسلامي. والأوقاف الإسلامية في الكويت تشرف عليها حكومة الدولة، وتقع حالياً تحت مسؤولية الأمانة العامة للأوقاف والشؤون الإسلامية، وتضم مجموعة ضخمة من الأملاك الوقفية تدار وفق قواعد الشريعة الإسلامية. وقد ذكر المؤلفون والمتخصصون بتاريخ الكويت، أن أفراداً من قبيلة العوازم سكنت الكويت قبل أن يُطلق عليها اسم الكويت، وأن هناك شواهد وأدلة عديدة تؤكد هذه الفرضية. في مقال اليوم سنستعرض وثيقة ربما تكون أقدم وثيقة للوقف الإسلامي في الكويت، وهو لأسرة كريمة من أسر قبيلة العوازم العريقة، مما يؤكد وجود بعض العوازم في الكويت منذ أكثر من مئتي سنة، ويؤكد كذلك ممارسة أهل الكويت لأعمال الوقف منذ ذلك التاريخ وما بعده.
تعود الوثيقة إلى عام 1223هـ/1808م، ومصدرها أسرة الختلان الكريمة (العوازم)، الذين أهدوني هذه الوثيقة وغيرها قبل سبع سنوات تقريباً، وقد كتبت بيد قاضٍ أو شخص لم أتمكن من معرفة موقعه أو منصبه في مثل هذه الأمور. فقد كان من المعتاد أن يقوم بهذه الأمور أحد شيوخ العلم من أسرة العدساني الكريمة التي تولت القضاء منذ نهاية الربع الأول من القرن الثامن عشر الميلادي تقريباً، إلا أن وثيقة اليوم كتبها علي بن محمد بن مصطفى، وهو شخصية لم تركز عليها أقلام الباحثين والمؤرخين. تقول الوثيقة، التي شهد عليها عدد من رجال العوازم في الكويت آنذاك: "الموجب لتحريره والداعي لتصديره هو أن الرجل سلمان ابن صقر الطيري العازمي في تمام صحته وكمال عقله ومن غير إقهار ولا إجبار قد أوقف بيته الكاين (الكائن) له في بلد الكويت البيت الشمالي على بناته دلها وعيدة وعلى أمهم مطرة بنت غريّب، وأن هؤلاء المذكورون يعملون اضحية وخير خيرات مما يعود نفعه عليه يوم القيامة، وأن قدروا على حجة يحجون عنه ان كان في أجرته قدر والله على ما نقول وكيل. جرا وحرر في 28 جمادى الأول سنة 1223 من بعد الهجرة النبوية على مهاجرها أفضل الصلاة والسلام وصلى الله على محمد وسلم. حدود البيت المذكور قبلة بيت فريح الصانع وشرقاً بيت سليمان الوهيبي وشمالاً بيت قاسم السهول وجنوباً بيت مطرة بنت غريب زوجة سليمان".وقد وردت أسماء الشهود على هذا الوقف القديم كما يلي: علي بن محمد بن مصطفى (كاتب وشاهد)، ومساعد الغريّب، وسعد بن ختلان، وسعيد... (غير واضح اسمه الثاني).هذه الوثيقة النادرة تحتاج إلى مزيد من التمعن والتحليل، خصوصاً فيما يتعلق بكاتبها علي بن محمد بن مصطفى (علماً بأنه كتب وثائق أخرى موجودة) وبأسماء الشخصيات الموجودة فيها من أسرة الختلان والغريّب (العوازم) والسهول وفريح الصانع وسليمان الوهيبي، لمعرفة امتداد هذه الأسر الكريمة، والتوصل إلى بدايات استقرارها في أرض الكويت الغالية علينا جميعاً. ويبقى أن نقول في ختام هذا المقال القصير إن وثيقة اليوم تؤكد وجود بعض العائلات من قبيلة العوازم في الكويت منذ أكثر من 200 عام، وإن لأسرة الطيري العازمي وقفاً منذ عام 1808م.