غضب جماهيري جارف بسبب خروج المنتخب الأولمبي بخفي حنين ومستوى ضعيف من التصفيات المؤهلة لنهائيات كأس آسيا تحت 23 سنة، تبعه المستوى الهزيل والباهت الذي قدمه المنتخب الوطني الأول في مباراتي نيبال التجريبيتين اللتين أقيمتا يومي الخميس الماضي وأمس الأول ضمن أيام الروزنامة الدولية "فيفا داي"، وهو مستوى غير مبشر بالمرة لمستقبل الأزرق في التصفيات المؤهلة لنهائيات كأس العالم 2022 بقطر، وكأس آسيا 2023.

الفشل تلو الآخر يتحمل مسؤوليته مجلس إدارة اتحاد الكرة، الذي وافق من الاساس على التعاقد مع مجموعة مدربين كرواتيين لا يمتلكون سيرة ذاتية ولا خبرة ميدانية، وهو الأمر الذي ترتب عليه عدم نجاحهم قيد أنملة في الارتقاء بمستوى المنتخبات الوطنية، ثم اللجنة الفنية برئاسة عضو مجلس الإدارة، علي حسين الديحاني "المستقيل من منصبه بعد فشل الأولمبي"، والتي خططت أو بالأحرى ادعت التخطيط لبرامج إعداد المنتخبات الوطنية.

Ad

اللافت في الأمر، أن مدرب المنتخب الوطني الأول روميو جوزاك يتحدث بإسهاب عن الخطط الهجومية والدفاعية وما يقدمه اللاعبون وما ينفذونه من تعليمات، وللأسف الشديد يبدو أن هذه الخطط ينسجها من وحي خياله أو أنه يتقمص شخصية مدرب آخر في هذا الشأن، فرجل الشارع الكروي لم يلاحظ أي خطط تطبق على أرض الواقع من شأنها الارتقاء بالمستوى على الإطلاق.

كما أن تصريحه عن ضم لاعبين من المنتخب الأولمبي للمنتخب الأول في الفترة المقبلة، يؤكد بما لا يدع مجالا للشك أنه لا علاقة له بالتدريب من قريب أو بعيد، وهذا الأمر ليس تشكيكا في اللاعبين الذين لم يجدوا من يجهزهم بشكل مثالي للتصفيات بل هو إثبات للتخبط الذي يعيشه جوزاك وصحبه، فمن ناحية يشتكي قلة مشاركة اللاعبين البارزين في المنتخب الأولمبي مع أنديتهم ومن ناحية أخرى يبشر بضم بعضهم ولا ندري كيف سيضم للمنتخب لاعبين لا يشاركون مع فرقهم.

كما أن الاتحاد الذي اطلق العنان لاحتفالاته بتحقيق بطولة "عودة الأولمبي" الودية، وقف موقف المتفرج حينما قام جوزاك بالتنسيق مع اللجنة الفنية على تغيير المدرب راجيك ماجيكو واسناد الهمة لدينكو، وكأن المنتخبات أصبحت حقل تجارب للكروات ومن جلبهم، وكأن المنتخبات أيضاً تشارك كل يوم في بطولات!

ومن يرى أن الأزرق استفاد من المباراتين وفي مقدمتهم جوزاك فهو واهم بكل تأكيد، ومن يرى أن الفريق هاجم وسيطر على مجريات المباراتين فهو واهم أيضا، حيث إن منتخب نيبال ببساطة شديدة يفتقد لأبجديات كرة القدم المتمثلة في الاستلام والتسلم، وهو ما يعني أنه فريق هش وضعيف للغاية، وقد يكون هو المستفيد الوحيد من المباراتين لا الأزرق بكل تأكيد.

قرار خاطئ

ومن المؤكد أن اختيار منتخب مثل نيبال لمواجهة الأزرق من البداية قرار خاطئ وغير مدروس بالمرة، ولا يعبر عن رؤية ثاقبة، فكان من الأجدى مواجهة منتخب متوسط المستوى أو حتى قوي يستفيد منه اللاعبون في المرحلة الحالية، بدلا من منتخب لا يعرف عن كرة القدم إلا التواجد في منطقة دفاعه فقط، من أجل تشتيت الكرة إلى جهة غير معلومة!

هناك عدد من المنتخبات القوية التي تعتمد اعتماداً كلياً على الدفاع، لكنها تعتمد في الوقت ذاته على التحول من الدفاع إلى الهجوم في "لمح البصر"، وذلك عن طريق الهجمات المرتدة التي تمثل خطورة حقيقية على مرمى المنافسين، لكن المنتخب النيبالي لم يشن هجمة واحدة على منتخبنا طوال 180 دقيقة هي زمن المباراتين!

ومن يرى أن الهدف من مواجهتي نيبال هو الارتقاء بمركز الأزرق في التصنيف الشهري الصادر عن الاتحاد الدولي لكرة القدم، فكان من الأجدى مواجهة منتخبات جيدة، حتى لو خسر المنتخب المباراتين وبقي أو تراجع في مركزه، على أن يشارك في الدور التمهيدي لتصفيات المونديال والبطولة القارية، لأن المنتخب سيستفيد كثيرا من مباريات رسمية سترتقي بمركزه في التصنيف أيضا، وبالتالي الاستعدادات بشكل جيد للدور الرئيسي للتصفيات.

باختصار شديد الأزرق لم يهاجم بشكل مثالي سواء من الجانبين أو العمق، وكل الهجمات جاءت عشوائية، وليته امتلك لاعباً قناصاً ليترجم هذه الفرص التي تعامل معها حارس نيبال ومن أمامه خط الدفاع بأريحية تامة.

مصير غامض

وما يعكس مستوى الأزرق الضعيف في المباراتين أمام منافس ضعيف للغاية، ويعكس أيضا أحقية الشارع الكروي في الغضب من المستوى الهزيل، هو عدم الإشادة بلاعب واحد من اللاعبين الذين شاركوا في المباراتين، وهو أمر ينذر بعواقب وخيمة في التصفيات التي تتمنى الجماهير خلالها رؤية الأزرق بمستوى جيد يصول ويجول على ملعبه وخارج ملعبه محققا الانتصار تلو الآخر، لا أن يصبح مصيره كمصير المنتخب الأولمبي!

الجهاز الفني بقيادة روميو جوزاك، لم يجد حلولاً لفك تكتل لاعبي نيبال أمام مرماهم، فلم يغير من طريقة اللعب في المباراتين، ولم يدفع باللاعب القادر على صنع الفارق، وهو ما يعكس عدم قدرته على قيادة الأزرق في المباريات الكبيرة، خصوصا أنه محاضر أو منسق بين الأجهزة الفنية للمنتخبات الوطنية وليس مدربا، والدليل سيرته الذاتية الهشة، والدليل أنه بدلا من إيجاد حلول أو حتى البحث عن حلول حمل الجماهير مسؤولية المستوى الهزيل، ومن المؤكد أنه يعلم جيد أن الجماهير ستدعمه بقوة في المدرجات في حال رأت تقدما في مستوى المنتخب، لا التراجع للخلف.

أما اللجوء إلى طاقم حكام من كرواتيا لإدارة المباراتين، ونجاح الطاقم في احتساب ركلتي جزاء بواقع ركلة في كل مباراة، وصفهما مدرب نيبال السويدي ايوان تاليم بأنهما غير صحيحتين، فلعله أمر يعكس مدى الحالة التي وصلنا لها، بالبحث عن انتصارات وهمية في مباريات ودية على منتخبات في حجم المنتخب النيبالي، لذلك كان من البديهي أن يعرب تاليم عن أمنيته وجاهزيته لمواجهة الأزرق في التصفيات، علما بأن مدرب نيبال الحالي وجميع من سبقوه كانوا يمنون النفس برؤية لاعبيه الأفذاذ في كل الأجيال، وليس مواجهته بشكل رسمي!

العدواني: الصبر مفتاح الفرج

يبقى مدرب النصر لكرة القدم ظاهر العدواني من الأسماء التي تتردد في الفترة الأخيرة لتحمل المسؤولية على صعيد المنتخبات الوطنية، لاسيما أنه نجح في تطوير مستوى العنابي عبر سنوات من العمل المتواصل.

حول هذا الأمر، ورؤيته لمستقبل الكرة الكويتية، وفريق النصر خلال ما تبقى من منافسات الموسم الحالي، كان لـ"الجريدة" وقفة مع العدواني، الذي شدد على أهمية الاختيار الصحيح للأجهزة الفنية للمنتخبات الوطنية وتوفير الدعم الكامل لها، ثم وضع خطة إعداد طويلة الأمد، ومحددة الأهداف.

وقال العدواني: "منتخب الكويت الأولمبي قدم كل ما بوسعه خلال التصفيات الآسيوية الأخيرة، إلا أن فارق الإمكانات الفنية والبدنية صب في مصلحة المنتخبات الأخرى".

واعتبر مدرب النصر أن "الصبر مفتاح الفرج" لتطور الكرة في الكويت، مؤكدا أن الاستعجال في طلب النتائج، والاختيار غير الدقيق للأجهزة الفنية، من أبرز سلبيات الفترة الماضية.

ولفت العدواني إلى أن منتخب قطر من الأمثلة الجيدة على صعيد اعداد المنتخبات، حيث يتم توفير بيئة احترافية كاملة للاعبين، كما يتم اختيار أجهزة فنية بعناية فائقة، إلى جانب وضع خطط على مدار سنوات طويلة، وهو ما يسهل الوصول إلى منصات التتويج.

وبين ان العنابي القطري ودع بطولة الخليج الأخيرة من الأدوار النهائية، ليعود في نهائيات آسيا ويحصد لقب البطولة.