سعى مجلس العموم (البرلمان) البريطاني، أمس، إلى وضع استراتيجية جديدة للخروج من الاتحاد الأوروبي، بعد تهميشه رئيسة الوزراء تيريزا ماي، وإمساكه بزمام الأمور في تصويت تاريخي، وسط مخاوف من الخروج "من دون اتفاق".

وأقر "العموم" مساء أمس الأول، تعديلا يمنح النواب دوراً أكبر في تحديد مسار "بريكست"، بعد فشل جهود بريطانيا في إيجاد سبيل للخروج من الاتحاد الأوروبي بعد ثلاث سنوات من النقاشات والمفاوضات.

Ad

والتعديل الذي أقرّ بغالبية 329 صوتاً مقابل 302، يتيح للنواب أن ينظموا اليوم، سلسلة عمليات تصويت بشأن الخيارات الممكنة بشأن خروج المملكة من الاتحاد الأوروبي.

استقالة 3 وزراء

وما إن صوّت المجلس على هذا التعديل، حتى أعلن 3 وزراء من حكومة ماي استقالتهم من مناصبهم احتجاجا على طريقة إدارتها ملف "بريكست"، لينضموا إلى 27 من المعارضين من داخل حزب المحافظين.

والأعضاء الثلاثة الذين استقالوا هم وزير الدولة لشؤون الصناعة ريتشارد هارينغتون، ووزير الدولة لشؤون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا آليستر بورت، ووزير الدولة لشؤون الصحة ستيف براين.

وكتبت صحيفة "تايمز"، أن التصويت تسبب في "إذلال ماي، ووضعها في مواجهة انتخابات عامة مبكرة". أما "فاينانشال تايمز" فقالت إن ماي تواجه الآن "خطر فقدان السيطرة على بريكست".

وصوّت لمصلحة التعديل بشكل أساسي النواب المؤيدون للبقاء في الاتحاد الأوروبي الذين يرغبون إما في إلغاء "بريكست"، أو الإبقاء على علاقات اقتصادية قوية مع بقية دول الاتحاد الأوروبي الـ27.

إلا أنه لا أحد يعلم ما الذي سيفعله البرلمان في إطار دوره الجديد في الأسبوع الذي كان مقررا أن تنتهي فيه عضوية بريطانيا بالاتحاد الأوروبي.

وقرر قادة الاتحاد الأوروبي السماح لبريطانيا بتأجيل خروجها حتى 12 أبريل بعد لقائهم مع ماي في بروكسل الأسبوع الماضي، وإقرارهم بأن بريطانيا لا تعرف بعد ما الذي تريده.

وأكبر مخاوف ماي هي خطة مقترحة بأن يحكم البرلمان قبضته خلال الأيام المقبلة على أجندة "بريكست"، من خلال تمرير قانون يقيد الحكومة.

وستكون سلسلة عمليات تصويت البرلمان بمنزلة توجيهات غير ملزمة لا تحمل سوى ثقل سياسي.

وأوضحت ماي أنها قد تتجاهل عمليات التصويت إذا تناقضت مع أجندة حزب المحافظين الانتخابية لعام 2017.

موعد الاستقالة

وبعد ضغوط شديدة لتحديد موعد تنحيها عن رئاسة الوزراء، ذكرت افتتاحية صحيفة "صن" أنه من المتوقع أن تحدد ماي موعد استقالتها عندما تلقي كلمة أمام نواب حزب المحافظين بعد ظهر اليوم. وأضافت: "التوقعات‭‭ ‬‬بين كبار الشخصيات في حزب المحافظين أن ماي ستنتهز الفرصة لتحدد موعدا لاستقالتها".

وقال نائب عن حزب المحافظين طلب عدم كشف هويته لـ "رويترز"، إن "تحديد ماي موعدا استقالتها غدا (اليوم) احتمال وارد بالتأكيد”.

«بريكست» جديد

ويفكر البرلمان فعلياً الآن في إعادة التفكير في كيفية تنفيذ عملية "بريكست" من جديد.

وعادت كل الحلول مطروحة على الطاولة، وأصبحت خطة ماي، التي رفضها البرلمان مرتين بغالبية ساحقة هذا العام، واحدة من نحو 6 مقترحات قد تطرح للنقاش.

ومن المتوقع أن تتضمن عمليات التصويت الاسترشادية إجراء استفتاء ثان، واتفاقات من شأنها أن تجعل بريطانيا تحتفظ بعلاقات أوثق بكثير مع الاتحاد الأوروبي، مقارنة بتلك التي تفاوضت عليها ماي.

كوربين

وكتب جيريمي كوربين، زعيم حزب العمال المعارض، أمس، على "تويتر"، "أينما تفشل الحكومة، فأنا أعتقد أن البرلمان سيكون قادرا وسينجح".

إلا أن وزير الصحة مات هانكوك، قال لـ "هيئة الإذاعة البريطانية" BBC، إنه لا يزال يؤمن بأن "الطريق الوحيد للوصول إلى خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي هو التصويت لمصلحة اتفاق رئيسة الوزراء".

ومن المتوقع أن تطرح ماي خطتها للتصويت عليها للمرة الثالثة هذا الأسبوع، بعدما رفضها البرلمان في تصويتين سابقين بهامش كبير في الأصوات.

وأقرت ماي أمس الأول، أنه "وبأسف كبير" فإنه لا يوجد عدد من الأصوات في مجلس العموم يكفي لطرح خطتها للتصويت مرة ثالثة.

وفشلت جهودها في استقطاب المتمردين من حزبها المناهضين للبقاء في الاتحاد الأوروبي، رغم أشهر من المحادثات.

لكن هناك تلميحات إلى أن التغيير السياسي الحالي قد يخيف بعض المتمردين ويعيدهم إلى صفوف الحزب.

وكتب جاكوب ريس موغ، المنادي المتشدد بالخروج من الاتحاد الأوروبي، على "تويتر": "يبدو أن الخيار هو إما خطة ماي أو لا بريكست".

إلا أن "الحزب الوحدوي الديمقراطي" الإيرلندي الشمالي الصغير الذي يؤيد ماي في البرلمان، يواصل معارضته اتفاق "بريكست"، ولا يزال من غير الواضح متى أو ربما إذا ما كانت ماي ستطرح الاتفاق للتصويت مرة أخرى.

وإذا خالف البرلمان جميع التوقعات وصوّت لمصلحة الاتفاق، فإن بريطانيا ستغادر الاتحاد الأوروبي في 22 مايو.

80 ألف وظيفة

وأفاد تقرير اقتصادي شاركت في إعداده الحكومة الايرلندية أمس، بأن "بريكست" سيكون له تأثير "كبير" على أيرلندا، مع احتمال شطب 80 ألف وظيفة، سواء تم الانسحاب باتفاق أو من دون اتفاق.