بعد فشل جميع المبادرات التي أطلقتها السلطات بالجزائر في تهدئة الاحتجاجات الشعبية غير المسبوقة، وتصاعد الخلافات داخل الائتلاف الحاكم، وعدم تَمكُّن المعارضة من تقديم بديل قابل للتحقيق، يبدو أن الجيش الجزائري القوي قرر الإمساك بزمام الأمور، لكن ضمن الأطر الدستورية.

وفي كلمة متلفزة، طالب رئيس أركان الجيش قايد صالح بتفعيل المادة 102 من الدستور، الخاصة بشغور منصب رئيس الجمهورية، مما يعني عملياً إزاحة أو عزل الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة الذي تنتهي عهدته الرابعة في 28 أبريل المقبل.

Ad

وقال صالح، في خطاب بثه التلفزيون الحكومي أمس: "يجب تبني حل يكفل الخروج من الأزمة، ويضمن احترام الدستور وتوافق الرؤى، وهو الحل المنصوص عليه في المادة 102 من الدستور، التي تنص على أنه إذا استحال على رئيس الجمهورية أن يمارس مهامه بسبب مرض خطير ومزمن، يجتمع المجلس الدستوري وجوباً، وبعد أن يتثبّت من حقيقة المانع بكل الوسائل الملائمة، يقترح بالإجماع على البرلمان التصريح بثبوت المانع".

وجاءت خطوة رئيس الأركان في وقت كان حزب بوتفليقة يسعى إلى رصّ صفوفه بعد سلسلة من الخلافات العلنية حول "خريطة الطريق" المقترحة لإنهاء الأزمة وتحقيق انتقال سياسي، وتضمنت عقد ندوة وطنية وإجراء تعديلات دستورية خلال عام، ثم إجراء انتخابات رئاسية لا يترشح فيها الرئيس البالغ من العمر 82 عاماً.

ولاحقاً، ذكرت قناة النهار الجزائرية أنه بموجب الدستور سيتولى رئيس مجلس الأمة عبدالقادر بن صالح منصب القائم بأعمال الرئيس مدة 45 يوماً على الأقل.

وجاء حسم الجيش موقفه بعد ساعات من إصدار حركة جبهة الإنقاذ الإسلامية المحظورة، التي انخرطت في صراع دموي خلال تسعينيات القرن الماضي ضد السلطات، أول بيان لها منذ انطلاق الحراك الشعبي، إذ أكدت أنها ستعمل ميدانياً في هذه اللحظة المفصلية لتأييد "انتفاضة الشعب العارمة".

ولاقى إعلان الجيش ردود فعل سياسية متفاوتة لدى الموالاة والمعارضة، وانقسمت بين من أيّد "التدخل الإيجابي" للجيش، ومن اعتبر أن هذه الخطوة لا تلبي سقف المطالبات.