نظمت منصة الفن المعاصر (كاب)، أمس الأول، معرضا ثريا بأعمال فنية أبدعها الفنان سامي محمد، تحت رعاية النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الشيخ ناصر الصباح، وأناب عنه في الافتتاح والحضور الأمين العام المساعد لقطاع الفنون في المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب د. بدر الدويش.

وبعد جولته، قال د. الدويش: «يُعد معرض الفنان سامي محمد من المعارض المهمة، وتتجاوز الأعمال فيه أكثر من 40 عملا، وتتناول قضايا اجتماعية وإنسانية بفلسفة حقيقية قريبة للتجريدية، التي تعتبر من المدارس المهمة في الفن التشكيلي، وقدم سامي برؤيته الفنية هذه القضايا».

Ad

وأشار د. الدويش إلى أن أعمال الفنان سامي محمد جسَّدت حالة الصراع في بعض مفاهيمه، والمعاناة والآلام الموجودة بالعالم العربي، والقضايا الإنسانية، وما يترتب عليها من آثار سلبية.

وبهذه المناسبة، قال الفنان سامي محمد: «الكل يعرف أنني لستُ كاتبا أو ناقدا، لكنني فنان، وأدواتي التي أعبِّر بها هي الإزميل والفرشاة، وخلال رحلتي الطويلة مع الفن مررت بتجارب عديدة، واكتسبت خبرات كثيرة، منها: تجربة المنحنيات، تجربة السدو، تجربة الصناديق، تجربة المكبلين، تجربة الرماديات، تجربة الإنسانيات، وتجربة اللون الأزرق».

وأضاف: «تنوعت خبراتي بعد ذلك، حتى بدأت عدة محاولات، حيث استوقفتني تجربة أطلقت عليها تجربة الأربطة، والتي حاولت فيها أن تكون وثيقة الصلة بتجاربي الفنية السابقة، فهي تتناول الإنسان والقيم الإنسانية، كما أغلب المراحل الفنية التي قدمتها من قبل، لكنها هنا تتم بطريقة مختلفة، بحيث تتكون خلفية اللوحة من مساحة لونية واحدة أو أكثر، ثم تأتي الأربطة على اللوحة، وبألوان مختلفة، بحيث ترمز الأشرطة مع الألوان إلى الخير أو إلى الشر».

وتابع سامي: «يشرفني أن أقدم هذه التجربة الجديدة بكل الفخر إلى كل محبي فني ومتتبعي تجربتي الفنية، آملا أن تكون مجرد محطة جديدة من محطات خبراتي الفنية، لا أقف عندها، بل أتجاوزها، مستكملا بحثي الدؤوب عن تجارب جديدة، لأن الفن طاقة متجددة لا تقف عند حد معين».

أحدث الأعمال

ويضم المعرض أحدث أعمال الفنان سامي محمد، وفيما اشتهر بمنحوتاته البرونزية التي تتناول مشاعر المعاناة البشرية، فإنه يطوع هنا الخامات والمفاهيم والتكوينات بتحويلها إلى شكل جديد.

وتناولت الأعمال الجديدة في هذا المعرض المفاهيم الراهنة للهجرة، وتتعامل مع الحالة الوجدانية والجسدية التي تترتب على اضطرار الإنسانه للهجرة، للبحث عن ظروف أفضل للحياة، وفي هذه الأعمال يلتقط الفنان لحظات خاصة لمشاعر النازحين.

ويستلهم الفنان سامي محمد، بشكل عام، أعماله التصويرية أو النحتية، من مواقف ورؤى إنسانية مفعمة بالحركة، تلك التي تحكي قصصا وتروي أحداثا، وترصد مشاعر مختلفة تخص الإنسان، ومن ثم برزت هذه الأشكال في أعماله بشكل استثنائي، وبخصوصية ميزتها عن غيرها من الأعمال التي ينتجها فنانون آخرون.

ومن دواعي التقدير لما يقدمه الفنان سامي محمد، أن أعماله الفنية تسير وفق مسارات إنسانية متشعبة، وذات علاقة بالواقع، ففي أشكاله الرمزية يرصد المعاناة التي يتعرض لها الإنسان، من خلال اختراق جدار أو الألم أو الصرخة وغيرها، وهي رموز فنية ساهمت في تنوع الأفكار، وتحويلها من مجرد لوحات أو منحوتات إلى قصة تحكي المعاناة.

وفي معرض الفنان سامي محمد الشخصي، شاهد الحضور أعمالا متنوعة، مخترقة الحواجز، من خلال رصد حالات وأحوال متشابهة عبر الزمان والمكان، وهذه فلسفته في عرضه لأعماله، كونه يختار الفكرة التي لا يمحوها مرور الزمن، ولا يقلل من قيمتها اختلاف المكان، فهي فكرة صامدة معبِّرة خير تعبير عن الزمان الموجودة فيه والمكان الذي يحتويها.

وتميزت مسيرة الفنان سامي محمد الفنية بعدة مراحل، مرت كل منها ببحث دقيق، وابتكارات لها مفاهيم فكرية. ورغم أنه بإمكان المتلقي أن يرى تشابه الموضوعات في هذه المسيرة، لكن اللافت فيها أن تناولها كان يتم بشكل مختلف في كل مرة. وبينما تبدو كل مرحلة منها وكأنها تصل إلى نهاية ما، فإنها في الوقت نفسه تعد ببداية تطوير جديدة للتقنيات والمفاهيم. وفي مراحل سابقة اتسمت أعماله بالقدرة على تجسيد مشاعر المقيدين والمحبوسين ونضالهم، عبر التقاط المعاناة الإنسانية، وتشكيلها في تعبيرات الوجوه والإيماءات الحيوية الديناميكية للجسد البشري.