غداة دعوة قائد الجيش رئيس الأركان الجزائري أحمد قايد صالح إلى تفعيل المادة 102 من الدستور لإعلان شغور منصب رئيس الجمهورية بسبب وضعه الصحي، ساد ترقب بين الجزائريين انتظاراً لقرار "المجلس الدستوري" بشأن وضع بوتفليقة الصحي ورفعه توصية إلى مجلس النواب.

ولم يذكر المجلس الموعد المرتقب للتوصل للقرار الذي يتعين أن يقره مجلسا البرلمان بأغلبية الثلثين في حال وجود مانع صحي يحول دون أداء بوتفليقة لمهامه.

Ad

وفي حالة استمرار المانع الصحي بعد انقضاء 45 يوماً، يُعلَن الشغور بالاستقالة وجوباً، ويتولى رئيس مجلس الأمة مهام رئيس الدولة مدة أقصاها 90 يوماً، تنظم خلالها انتخابات رئاسية.

انقسام جديد

واتسع أمس، الخلاف بمعسكري الموالاة والمعارضة بين مؤيدي ومعارضي خطوة صالح، التي وصفها بأنها أفضل حل لإنهاء أكبر أزمة سياسية في البلاد منذ أن ألغى الجيش انتخابات عام 1992 التي فازت بها جبهة الإنقاذ الإسلامية المحظورة حالياً واندلعت بعدها موجة عنف أدت إلى مقتل ما لا يقل عن 200 ألف شخص.

وفي وقت لم يصدر رد فعل كبير من حزب "جبهة التحرير" الحاكم حول "خطوة صالح المفاجئة"، طالب حزب "التجمع الوطني"، أحد أكبر الأحزاب الموالية لبوتفليقة، الرئيس بالاستقالة من منصبه.

ورحب الحزب بموقف الجيش "الحريص على سلامة الجزائر وبقائها تسير في إطار الدستور"، مطالباً بتعيين عاجل للحكومة من طرف رئيس الجمهورية لاجتناب أي فراغ أو تأويلات حول الجهاز الحكومي في هذه المرحلة الحسّاسة.

ولفت الحزب الذي يرأسه رئيس الحكومة الأسبق أحمد أويحيى في بيان، أمس، إلى أن الاستقالة سيكون من شأنها "تسهيل دخول البلاد في المسار الانتقالي المحدّد في الدستور".

وقال: "التجمع عبر منذ بضعة أيام عن مطالبته السلطة بالمزيد من التنازلات بغية تنفيذ الخطة السياسية التي أفصح عنها رئيس الجمهورية يومي 3 و11 من مارس الجاري غير أنّ الأحداث المسجلة كل يوم، قد أثبتت انسداد الطريق أمام هذا المسعى السياسي".

رفض وتأييد

وعلى صعيد المعارضة، رفض مصطفى بوشاشي أحد قادة الاحتجاجات التي انطلقت في 22 فبراير الماضي ضد استمرار بوتفليقة في السلطة، عرض الجيش، مؤكداً أن "المظاهرات ستستمر حتي يتغير النظام السياسي".

وقال بوشاشي، وهو محام وناشط، إن تطبيق المادة 102 من الدستور تعني أن "رموز النظام" ستشرف على الفترة الانتقالية وتنظم الانتخابات الرئاسية.

في موازاة ذلك، أعلن حزب العمال في اجتماع للمكتب السياسي، استقالة نوابه من البرلمان، وذلك عبر بيان أصدرته التشكيلة السياسية التي تتزعمها لويزة حنون. وكشف الحزب عن رفضه لاقتراح الجيش، أمس.

في المقابل، دعم الاتحاد العام للعمال مبادرة الجيش لإزاحة الرئيس بسبب وضعه الصحي، فيما طالب رئيس حزب "التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية"، محسن بلعباس، رئيس الجمهورية بتقديم استقالته ودعاه إلى إقالة الحكومة والبرلمان قبل رحيله. وفي وقت سابق، أيد حزب التجمع من أجل الإصلاح، أكبر الأحزاب الإسلامية، دعوة صالح لتفعيل المادة 102.

كما أكد رئيس حزب طلائع الحريات، علي بن فليس، أن الأهم في الوضع الراهن هو "استقالة بوتفليقة".

وقال بن فليس في تصريحات أمس: "لابد قبل كل شيء الإعلان عن استقالة الرئيس والباقي هو مضيعة للوقت".

ورأى بن فليس أن "الأدوات الحالية لا تمكن من الخروج من الأزمة الراهنة، لأنها أزمة شرعية".

وطالب رئيس الحزب اليساري بإقالة ومحاكمة صالح، وقال إن "قائد الجيش لا يمكنه الخوض بالسياسة ومخاطبة الأمة، هذا خرق للقوانين يترتب عليه إقالته فوراً، وإحالته على المحكمة العسكرية".

منع ونفي

إلى ذلك، أكدت مصادر لقناة "العربية" أمس، منع السلطات الجزائرية 140 شخصية من بينهم مسؤولون ورجال أعمال من مغادرة البلاد.

وكان البنك المركزي الجزائري نفى ما قال إنها مزاعم عن تحويل رؤوس أموال من النقد الأجنبي عبر البنوك إلى الخارج بالتزامن مع الاحتجاجات المطالبة بإنهاء نظام حكم بوتفليقة، وذلك بعد أن وردت الأنباء عن أن رجال أعمال، ومقربين من محيط الرئاسة، استفادوا من قروض بنكية مفاجئة في الفترة الأخيرة وحولوا جزءاً منها إلى الخارج.

وعلى صعيد ردود الفعل الدولية، دعا "الاتحاد الأوروبي"، لـ"عملية تغيير وانتقال ديمقراطي شفافة وآمنة تشمل جميع أطراف الجتمع" في الجزائر.

وعبر الاتحاد، مساء أمس الأول، عن استعداده، لمساعدة الجزائر في تنظيم انتخابات رئاسية جديدة بعد إرجاء بوتفليقة الانتخابات التي كانت مقررة 18 أبريل المقبل.

وكانت تقارير جزائرية، ذكرت أمس الأول، أن بوتفليقة سيتنحى ويغادر قصر المرادية يوم 28 أبريل المقبل، وهو التاريخ الذي يصادف انتهاء ولايته في العهدة الرئاسية الرابعة، فيما حذر خبراء دستوريون من الفراغ الدستوري الذي سيحدثه التنحي وخطورته على البلاد. وسحب بوتفليقة، الذي يحكم منذ 20 عاماً، ترشحه لعهدة رئاسة خامسة بعد اندلاع احتجاجات شعبية ضخمة ضده، لكنه لم يعلن تنحيه عن الحكم وطرح مبادرة لعقد ندوة وطنية تمهد لتعديل الدستور وإجراء انتخابات جديدة. ولم يوقف ذلك الاحتجاجات ضد النخبة الحاكمة التي ينظر إليها البعض على أنها غائبة عن الواقع.