في المقال الماضي نشرت وثيقة نادرة تعود إلى عام 1808م توثّق وقفاً لأسرة الطيري العازمي، وذكرت أن هذا الوقف ربما يكون أقدم وقف في تاريخ الكويت.وقد نبهني بعض الفضلاء ممن قرأوا المقال أن هناك أوقافاً في الكويت قبل ذلك الوقف، منها على سبيل المثال وقف مسجد بن بحر الذي يعتقد بأنه كتب في عام 1675م، ومنها وقف آخر لأسرة القناعات الكريمة كتب في عام 1805م.
وإنني إذ أشكر المتفاعلين مع ما كتبت، أود أن أوضح أنه رغم أن وقف مسجد بن بحر قد ورد في مصادر لا نشك في مصداقيتها، فإنه ليس لدينا وثيقة بين أيدينا توضح هذا الوقف، بل كل ما لدينا هو رواية في كتاب "تحفة النبهاني"، واجتهاد حول تاريخ كتابته.أما وقف القناعات فليس لي تعليق عليه، لأنني لم أطّلع على وثيقته لكي أستطيع أن أوضح رأيي حولها. عموماً، ربما كان من الأجدر بي أن أضع عنواناً آخر لمقال الأسبوع الماضي لإزالة اللبس والفهم الخاطئ. في مقال اليوم أود أن أشير إلى أن بعض أسر قبيلة العوازم الكريمة امتهنت في الماضي مهنة صيد السمك من خلال "الحظور"، وهي مصائد الأسماك قديماً. وهذه الحظور، وهي أملاك قيمة في وقتها، كان لها أسماء ووثائق وتُوَرّث مثل بقية الأملاك، بل ويوصى بها على الذرية أو في أعمال البر والخير.قبل عدة سنوات أهدتني أسرة الختلان (العوازم) الكريمة عدداً من وثائقها القديمة، منها وثائق تتعلق بملكية الحظور وتناقل ملكيتها بين الورثة. أقدم هذه الوثائق ما نشرته في المقال الماضي، والتي يعود تاريخها إلى عام 1808م، وبعضها يعود إلى عام 1873م وبعضها إلى ما بعد ذلك. الوثيقة التي أريد أن أنشرها اليوم يعود تاريخها إلى عام 1318هـ/1900م، وفيها وردت أسماء بعض الحظور. إليكم نص الوثيقة:"السبب الداعي الى تحرير هذه الاحرف الشرعية هو انه قد باع (باعت) رقية وخزنة وقوت بنات حمود الختلان وعايشة بنت علي الختلان من حاملت (حاملة) هذا الكتاب عايشة بنت حمود الختلان وهي ايضا قد اشترت منهم ما هو ملكهم وهو اسهمهم من الحظرة ام القثيد المحدودة قبلتا الولفة وشمالا حضور ابن رمثة وشرقا الولفة وجنوبا حضور الجويسري بثمن قدره وعدده عشرت (عشرة) اريل ونص وسلمة (سلمت) الثمن بتمامه وكماله المشترية المذكورة بيد البايعين المزبورين بيعا صحيحا شرعيا وصارت الحظرة المذكورة ملكا لعايشة المذكورة تتصرف فيها بما شاءت وشهد على البيع وتسليم الثمن ناصر الفنيني وسعد ابن جربان حتى لا يخفى جرا (جرى) وحرر في 26 جماد الاول سنة 1318هـ".من هذه الوثيقة الرائعة يمكننا أن نستنبط عدداً من المعلومات التاريخية منها أن المرأة الكويتية كان يسمح لها أن تمتلك حظرة لصيد السمك، وأن الحظرة تعتبر ملكاً ينتقل بالإرث من المتوفى إلى ذريته، وأن الحظور لها أسماء مثل "أم القثيد" و"الولفة" وغيرها، إضافة إلى أن ملكية الحظور توثق في صكوك ملكية يكتبها القضاة ويشهد عليها الشهود.
أخر كلام
وثيقة لها تاريخ : عايشة حمود الختلان اشترت «أم القثيد» من بنات عمها عام 1900م
29-03-2019