سارة السهيل: أدب الطفل يجب أن يكون بسيطاً وبلا غموض

نشر في 31-03-2019
آخر تحديث 31-03-2019 | 00:00
أكدت الكاتبة العراقية سارة السهيل أن الكتابة للطفل يجب أن تمتاز بمواصفات خاصة، أهمها البساطة والبُعد عن الغموض، وقالت في حوار لـ "الجريدة"، في أثناء زيارتها للقاهرة أخيراً، إن الدراسات النقدية تغفل الجوانب الجمالية في قصص الأطفال، وانتقدت أفلام الكرتون الغربية، لأنها تنقل لأطفالنا قيماً اجتماعية سلبية. وإلى نص الحوار:
● ما الذي يميز الكتابة للطفل، الذي يجب أن يتوافر في النص المقدم للصغار؟

- الطفل، كما الطائر، يطير بجناحيه لاكتشاف العالم من حوله وما فيه من ألوان مبهجة وطبيعة خلابة ساحرة، وكل طفل يهوى التحليق عبر حسه الخيالي اللانهائي لمعرفة العالم واللهو والمرح معه أيضاً، والنص المقدم إليه لابد أن يأتي معبّراً عن المعرفة والتحليق معاً.

كما يجب أن يراعي النص في لغته وتراكيبه وصوره وطريقة سرده المراحل العمرية الثلاث للطفولة، وأن يحتفظ النص الأدبي بقدرته على جذب الأطفال، بحيث يعتمد لغة عفوية ومكثّفة موجزة وواضحة وقادرة على توصيل مغزى القصة وما تحمله من قيم عليا بشكل مبسط خال من أي غموض.

● لماذا لا يحظى أدب الطفل باهتمام من جانب النقاد بالشكل الكافي في عالمنا العربي؟

- هناك بعض الاهتمامات النقدية بأدب الطفل، لكن في معظمها يصدر عن دراسات علمية وجامعية، ربما لم تعرف طريقها للشهرة، كما أنها تركّز على تحليل الجوانب النفسية والتربوية لقصص الأطفال، ونادراً ما تهتم بالجانب الجمالي والتذوق الفني. وقد يرجع غياب النقد الحقيقي لأدب الطفل إلى عوامل منها صعوبة نقد أدب الطفل نفسه، ارتباطا بأن الكتابة للأطفال بالأساس صعبة، ومنها النظرة المتعالية من جانب النقاد لأدب الطفل، خاصة أن مردوده المالي في عالمنا العربي ضعيف جدا، ومنها أيضاً قلة عدد الدارسين لمادة أدب الطفل، وعدم الوعي الثقافي والمجتمعي بأهمية الكتابة للأطفال ونقدها، وأعتقد أنه في ظل تنامي حركة التأليف والنشر في أدب الطفل، يجب إنشاء أقسام متخصصة بالجامعات لنقد أدب الطفل، ولتشكيل حركة نقدية واعدة تسهم في إثراء هذا المجال.

● انتشار القنوات الخاصة بالأطفال والكرتون، هل تسبب في تراجع القصص المكتوبة؟

- الطفل بطبيعته يميل إلى كل ما هو سهل وميسر، والقنوات المتلفزة التي تعرض أفلام الكرتون تعد الأسهل في التلقي لدى الطفل، خاصة أنها تقدم قصصاً جذابة تمتزج فيها عناصر التشويق من مغامرة وحركة وألوان وموسيقى في آن واحد، فلا غرابة إذن أن يُقبل عليها الطفل بشراهة، ومن ثم تتراجع معدلات قراءة القصص المكتوبة، ومع الأسف هذا الكرتون رغم جاذبيته، فإنه جعل الطفل مجرد متلقٍ وليس مشاركاً في الحدث عبر خياله، فالنص الأدبي يتيح للطفل التحليق بالخيال، لكن الطامة الكبرى في بعض أنواع أفلام الكرتون الغربية تنقل للطفل قيماً اجتماعية سلبية لم تكن تعرفها مجتمعاتنا العربية، كما تحتوي معظم أفلام الكرتون على قيم سلبية تكرس للعنف والعدوان وخيانة الصداقة والكذب والتفكير الخرافي وغيرها.

ومع الأسف الكثير من الأطفال تشربوا هذه القيم الفاسدة، بسبب كثرة مشاهدتهم لهذه الأعمال، وهو ما أكدته دراسات عملية أثبتت أن مشاهدة التلفزيون يعد أهم ثاني أنشطة الطفل بعد النوم، وأن الرسوم المتحركة تشكل نسبة 88 في المئة مما يشاهده الأطفال، و65 في المئة من هذه المواد مدبلج ومستورد وخال من شخصية عربية كرتونية واحدة.

● ما أهمية تقديم شخصيات ذات طابع عربي في قصص الأطفال؟

- لا شك أننا في أشد الحاجة لوضع خطة عربية متكاملة تتولاها وزارات الثقافة والفنون في الدول العربية لابتكار شخصيات عربية وإنتاجها في أفلام التحريك، مستخدمين أحدث وسائل الجذب والإبهار، وأن تتضمن هذه الخطة القدرة على توظيف أفلام التحريك كوسيلة جاذبة للأطفال في غرس قيمنا العربية الأصيلة.

● برأيك ما أهمية القصة المصورة للطفل وما أهم المواصفات التي يجب أن تكون عليها رسوم أي كتاب من هذا النوع؟

- القصة المصورة تعتمد على الصورة في تشكيلها الفني وفي توصيل المعلومات للصغار في مرحلة رياض الأطفال، باعتبارها وسيلة ترفيهية ومسلية وتعليمية مبسطة أيضاً، هناك أنواع منها يخاطب فئة الطفل من عامين إلى 3 أعوام، وتعتمد على الصورة وصوت الحيوانات والطيور، وتأخذ هذه القصص شكل كتاب مربع مثقوب أوسطه، وقد رُكِّب فيه جهاز يصدر صوتاً يبيِّن الصورة أو الرسمة الموجودة على الورقة، فالورقة سميكة من النوع المقوى مرسوم عليها على سبيل المثال بلبل، فإذا ضغط الطفل أو أمه على الجهاز أصدر ألحان البلبل، وإذا كان الرسم قطة أحدث الصوت مواء.

وهناك قصص مصورة ليس فيها سوى الصورة وتخاطب أطفال الحضانات وتساعدهم في اكتساب مهارات لغوية وتنمية الحواس والإدراك بالصورة والحكاية التي يرويها الآباء ومعلمو مرحلة الروضة.

سلمى والفئران الأربعة.. وقصة بطريقة «برايل» للمكفوفين

تقول سارة السهيل عن تجربتها مع الكتابة للأطفال وأبرز الكتب التي أصدرتها في هذا الإطار: بدأت رحلتي في الكتابة للأطفال بقصة "سلمى والفئران الأربعة" لمرحلة رياض الأطفال، التي صدرت باللغتين العربية والإنكليزية، وقدّم لها الفنان الراحل عبدالمنعم مدبولي، وتحولت إلى عرض مسرحي بطولة النجمة دلال عدالعزيز، وتوالت بعدها أعمالي مثل "نعمان والأرض الطيبة"، ولها طبعة خاصة بطريقة "بْرايَل" لذوي الإعاقة البصرية، و"ليلة الميلاد"، وقدم لها بطريرك الكرازة المرقسية الراحل قداسة البابا شنودة الثالث، و"قمة الجبل"، وقصة "السور الحزين" المستوحاة من أسطورة صينية، وصدرت باللغتين العربية والصينية.

وهناك أيضاً "اللؤلؤ والأرض" مهداة للطفل الفلسطيني المقاوم، و"أميرة البحيرة وقصة ندى وطائر العقاقير"، أما قصتيّ "خالد وسعيد" و"كلُّنا أصدقاء" فقد صدرتا باللغتين العربية والكُردِية، وأيضاً قدمت كتباً للمناهج التعليمية للأطفال في سنوات تعليمهم الأولى.

الدراسات النقدية تغفل الجوانب الجمالية في قصص الأطفال
back to top