تتوالى الاستجوابات البرلمانية منذ أكثر من أربع سنوات، والمحصلة واحدة؛ اصطفافات قبلية وعائلية تؤدي إلى فشلها، ومنافع لنواب الخدمات، ومكاسب متنوعة لنواب آخرين، حتى فرغت هذه الأداة من محتواها، وأصبحت أداءً فلكلورياً مسرحياً، وكل نائب يدخل القاعة يوم الاستجواب غير معني بما سيقدِّم من مستندات ومعلومات تدين الوزير، إلا ما ندر، والبقية الغالبة متخذة قرارها بناءً على حساباتها الانتخابية أو العائلية والقبلية والطائفية.ومهما فعل وقال مقدِّم الاستجواب، فهو لا يقدِّم ولا يؤخِّر شيئاً عند أغلبية النواب، حتى لو ضغط الشارع وتذمَّر، فالنائب يرى أن هذا الشارع سيكون في النهاية أسير حساباته العائلية والقبلية والطائفية وحتى المناطقية، ولن يستطيع أن يحاسبه جدياً، ومعظم النواب لديهم تصور بأن المتبقي من عُمر المجلس فيه متسع من الوقت أن يقوموا بكم حركة بهلوانية أو تفجير قضية "صوتية" دون فعل تعيد لهم شعبيتهم وتمحو من "ذاكرة السمكة" التي يمتلكها معظم الناخبين مواقفهم المتخاذلة.
المشكلة أن امتهان أداة الاستجواب الدستورية وجعلها أداة مسرحية بلا فائدة أو ردع للوزير المتجاوز سيهين جميع مواد الدستور، التي أصبحت في غالبها مفرغة من محتواها، في ظل الواقع السياسي الكويتي الحالي وفراغ الساحة من أي قوى سياسية مؤثرة على الأداء السياسي العام في الدولة، فيما عدا حركة الإخوان المسلمين الكويتية (حدس)، الممثلة في هذا البرلمان بعدد من أعضائها، لكنها غارقة في الصفقات مع السُّلطة ورئاسة المجلس دون أي فاعلية لها على صعيد العمل الشعبي، كما أن غياب القوى الوطنية الفاعلة جعل قضايا الفساد والتجاوزات في البلد "حزاوي" يومية للتسلية قبل النوم.لذا نرجو من النواب الذين تقع في أيديهم تجاوزات الوزراء وقضايا الفساد التي تمس السُّلطة التنفيذية أن يطلبوا لجان تحقيق برلمانية، لأن تقديم الاستجوابات وطرح الثقة، الذي سيكون في ظل واقعنا البرلماني الحالي لصالح تجديد الثقة بالوزير بنسبة 99.5 في المئة، سيعطي الوزير كرتاً مفتوحاً ليفعل ما يشاء دون حسيب أو رقيب، كما أن تلك الاستجوابات وطلب طرح الثقة يمثلان "موسم رزق كبير" لنواب الخدمات والمقايضة يعزز مواقعهم في دوائرهم عبر تمرير كمٍّ هائل من "المعاملات" والمنافع الأخرى (....)، لذلك نتمنى أن "يبطل" النواب تقديم مزيد من الاستجوابات في هذه المرحلة من الحياة البرلمانية، لكي لا يهينوا الدستور أكثر، حتى تنزاح الغمة وتتبدل الأوضاع.
أخر كلام
بطلوا استجوابات... لا تهينوا الدستور!
31-03-2019