في فضيحة مدوية جديدة بوزارة الصحة، أيّدت محكمة الاستئناف الجزائية أخيراً، حكماً ببراءة شخص «بدون» اتهمته الوزارة بالاستيلاء على أكثر من مليون دينار عام 2015 وصرفها عن طريق شيكات من حسابها بالبنك المركزي، بعدما خلصت المحكمة إلى أن التهمة كيدية وملفقة، وهو ما يثير جملة تساؤلات أبرزها: مَن سرق هذه الأموال؟ وأين اختفت؟

حكم «الاستئناف»، الذي صدر برئاسة المستشار عادل الهويدي وعضوية المستشارين عبدالله الصانع وعصام جمعة، عاب على جهة التحقيق عدم استدعائها كبار المسؤولين في «الصحة»، وفي مقدمتهم وكيل الوزارة السابق خالد السهلاوي، لاستكتابه والتأكد من أن التوقيعات- التي ذكرت التحقيقات أنها زُورت من جانب المتهم البدون- لا تخصه، وعاب عليها كذلك عدم استدعائها أحد الوكلاء المساعدين على خلفية سؤاله المتكرر عن القضية رغم ثبوت اطلاعه على ملف المعاملات.

Ad

وشدد الحكم على أن هذا الفساد الإداري في «الصحة» لا يمكن أن يُرمى على المتهم وحده، وأنه لا يضير العدالة إفلات مجرم من العقاب بقدر ما يضيرها الافتئات على حقوق الناس وحرياتهم، مؤكداً عدم جواز إدانة شخص لا علاقة له بالأمر، وخصوصاً أنه ليس موظفاً بالوزارة.

ولفت إلى أن التحقيقات التي أُجريت استندت إلى تحريات أفادت بمراجعة المتهم «البدون» للبنك المركزي وتسلمه مبالغ تزيد على مليون دينار، وهو ما لم تؤكده المستندات، التي أظهرت تسلم آخرين مبالغ من البنك، ومع ذلك لم يحالوا إلى الأدلة الجنائية لاستكتابهم أو فحص حساباتهم البنكية.

وتعود وقائع القضية إلى عام 2015، بحسب تحقيقات النيابة العامة التي رفعتها إلى المحكمة وتفيد بقيام المتهم وآخرين مجهولين، لم تكشف عنهم التحقيقات، بتزوير محررات رسمية بقصد استعمالها على نحو يوهم بمطابقتها للحقيقة، وهي طلبات صرف فواتير علاج بالخارج خاصة بأربعة مواطنين، إلى جانب تزوير كتب منسوب صدورها إلى مكتبي واشنطن وباريس الصحيين، وتوقيع وكيل الوزارة واستمارات الصرف، وتذييلها بخاتم مقلد وتوقيعات مزورة منسوبة إلى المختصين بإدارة العلاج بالخارج.

وأفادت التحقيقات كذلك بقيام المتهم بعرض المستندات المزورة على اللجنة المختصة فاعتمدها أعضاؤها، بحسن نية، لترسل بعد ذلك إلى الإدارة المالية في الوزارة فوافقت عليها وأصدرت الشيكات المالية، فقدمها المتهم إلى البنك المركزي، باعتباره المستفيد الأول، وقام بصرفها.