شارك الأتراك، أمس، بكثافة في انتخابات محلية وصفها الرئيس رجب طيب إردوغان بأنها «مسألة حياة أو موت» بالنسبة إلى البلاد، وتعد اختبارا مهما له، بعد 9 أشهر من توليه منصب الرئيس التنفيذي للبلاد بصلاحيات موسعة.

وأدلى أردوغان وزوجته أمينة، بصوتيهما في منطقة أوسكودار بالجانب الآسيوي من إسطنبول.

Ad

وفي تصريح صحافي عقب الاقتراع، أعلن إردوغان: «سأتابع الانتخابات لفترة في إسطنبول، ثم سأعقد مؤتمرا صحافيّاً، وبعدها سأتوجه إلى أنقرة».

من جهته، قال نائب الرئيس فؤاد أوقطاي عقب ادلائه بصوته بولاية جناق قلعة غرب البلاد، إن «اقبالا كبيرا تشهده تركيا في مهرجانها الديمقراطي وإن إرادة الشعب ستنعكس على صناديق الاقتراع».

كما أدلى مرشح «حزب العدالة والتنمية» الحاكم، لرئاسة بلدية اسطنبول بن علي يلدريم وعقيلته بصوتيهما، في حين شارك مرشح «حزب الشعب الجمهوري» المعارض أكرم إمام أوغلو وعقيلته ونجله بأصواتهم في منطقة بيليك دوزو في أنقرة، بينما أدلت زعيمة «حزب إيي» (الخير)، المنتمية ليمين الوسط، المتحالف معه، ميرال اكشينار بصوتها في منطقة أوسكودار بإسطنبول.

وأدلى وزيرا الخارجية مولود تشاووش أوغلو بصوته بولاية أنطاليا، والداخلية سليمان صويلو في منطقة غازي عثمان باشا بإسطنبول.

ومساء، بدأت عمليات فرز الأصوات، على أن تبدأ النتائج بالظهور مع ساعات فجر اليوم.

ويهيمن إردوغان على السياسة منذ ما يربو على 16 عاما، بفضل النمو الاقتصادي القوي ومهاراته الفائقة في الحملات الانتخابية، وقد أصبح أكثر زعماء البلاد شعبية، لكنه أكثرهم أيضا إثارة للانقسام في التاريخ الحديث.

ومع ذلك، قد يتلقى إردوغان (65 عاما) ضربة انتخابية، إذ تشير استطلاعات الرأي إلى أن «العدالة والتنمية» الذي يتزعمه قد يفقد السيطرة على العاصمة أنقرة، وحتى إسطنبول، أكبر مدن البلاد.

ومن شأن الهزيمة في هاتين المدينتين، أن تنهي حكما استمر 25 عاما لـ «العدالة والتنمية» أو أسلافه، وأن توجه ضربة رمزية للزعيم التركي.

أسطورة الرئيس

وإن كان الرئيس القى بكل ثقله في السباق، فذلك لأن هزيمة حزبه «ستقوّض أسطورة الرئيس الذي لا يقهر» المحيطة به، برأي الأستاذ بجامعة بيلجي في إسطنبول إمري إردوغان.

وفي مؤشر إلى أهمية هذه الانتخابات المحلية بالنسبة له، أقام إردوغان نحو 100 تجمّع انتخابي في جميع أنحاء البلاد، وتحدث 14 مرة بمناطق مختلفة في إسطنبول خلال اليومين الماضيين وأكثر من 4 مرات في أنقرة طوال حملته الانتخابية.

وفي بلد يبلغ تعداد سكانه 82 مليون نسمة، وأكثر من 57 مليون شخص يحق لهم التصويت، كان إردوغان حاضرا على كل شاشة تلفزيونية مع كل استطلاع يعلن عنه مقدمو البرامج.

ويقول محللون إن الانتخابات في 81 محافظة تتضمن آلاف رؤساء البلديات والمسؤولين المحليين تعتبر استفتاء على سياساته منذ الانتخابات البرلمانية والرئاسية في يونيو الماضي، عندما وعد بـ «تركيا جديدة».

وفي وقت يؤكد إردوغان أن «بقاء الأمة» على المحك، داعيا إلى «دفن» أعدائها «في صناديق الاقتراع»، دعت المعارضة من جهتها إلى اغتنام هذه الانتخابات الأخيرة قبل استحقاق 2023 لمعاقبة السلطة على سياستها الاقتصادية.

لكن الناخبين قد يعاقبون «العدالة والتنمية» بسبب أزمة الليرة التي بدأت في أغسطس الماضي، وتفاقمت بسبب الركود الاقتصادي الذي حدث في ديسمبر.

وإذا كان أداء حزبه في انتخابات أمس، أسوأ مما كان عليه في عام 2014، فقد يعرّض ذلك تحالفه مع «حزب الحركة» القومية اليميني المتطرف، للخطر.

كما أنه سيعزز المعارضة التي شيطنها إردوغان بوصفها بـ «الإرهابية»، وحذّر من أن مرشح المعارضة إذا فاز في أنقرة، فإن السكان «سيدفعون الثمن».

كليجدار أوغلو

ونفى معارضوه هذه الاتهامات، وتحدوا وصفه للانتخابات بأنها مسألة بقاء، وقالوا إن إردوغان قاد البلاد إلى الوضع الراهن.

وخلال تجمع انتخابي في اسكي شهر، تساءل زعيم «حزب الشعب الجمهوري» كمال كليجدار أوغلو: «ما هي مسألة البقاء؟ إننا ننتخب رؤساء البلديات. ما علاقة هذا ببقاء البلاد؟»

وفي إشارة إلى إردوغان، قال كليجدار أوغلو «إن كانت هناك مسألة بقاء في تركيا، فإنها بسببك».

قتيلان وجرحى

الى ذلك، قال ناطق باسم «حزب السعادة» الإسلامي الصغير إن عضوين بالحزب، وهما مسؤول في مركز للاقتراع ومراقب للانتخابات، قتلا بالرصاص في إقليم ملطية. وأشارت تقارير إعلامية إلى أن السلطات ألقت القبض على 4 أشخاص.

وقدّم إردوغان تعازيه لزعيم «السعادة» تمل قره ملا أوغلو، وأكد أن هذه الواقعة أحزنته وهي قيد التحقيق.

وجرى نشر نحو 553 ألفا من رجال الشرطة وقوات الأمن لتأمين الانتخابات في أنحاء البلاد.

وفي ديار بكر، ذكر مصدر طبي أن شخصين أصيبا وأحدهما في حال حرجة، بعد أن تعرضا للطعن خلال شجار بين مرشحين. وقالت وسائل إعلام إن عشرات الأشخاص أصيبوا في اشتباكات أخرى على صلة بالانتخابات في جنوب شرقي البلاد.

12 حزباً

ويتنافس في الانتخابات 12 حزبا هي: «العدالة والتنمية والشعب الجمهوري والحركة القومية والشعوب الديمقراطي والسعادة وإيي وتركيا المستقلة والاتحاد الكبير والديمقراطي واليسار الديمقراطي والشيوعي التركي والوطن».