«قمة تونس» ترمّم العمل العربي بتوافق ضد إسرائيل

القادة العرب يرفضون الاعتراف الأميركي بإسرائيلية القدس والجولان ويتمسكون بـ «مبادرة السلام»
• الملك سلمان لحل سياسي في اليمن... ووقف سياسات النظام الإيراني العدوانية
• السبسي: لا خيار للعرب غير التآزر
• أبوالغيط: نرفض «تدخلات» إيران وتركيا

نشر في 01-04-2019
آخر تحديث 01-04-2019 | 00:01
انعقدت أمس في تونس القمة الـ 30 للدول العربية، بحضور سمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد، وعدد كبير من القادة العرب في مقدمهم العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز، والرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، والعراقي برهم صالح، واللبناني ميشال عون، والفلسطيني محمود عباس، والعاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، إلى جانب الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي. وأجمعت كلمات القادة العرب على رفض اعتراف إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب بسيادة إسرائيل على الجزء الذي تحتله من الجولان السوري، وجددت رفض اعتراف واشنطن بالقدس عاصمة لإسرائيل، محذرة أي دول أخرى تنوي الحذو حذوه، كما تمسكت الكلمات بالمبادرة العربية للسلام، ورفضت أي حل للقضية الفلسطينية خارج المرجعيات الدولية، فيما بدا أنه رسم لخطوط حمراء عربية قبل إعلان واشنطن المرتقب عن خطتها للسلام المعروفة باسم صفقة القرن بعد الانتخابات الإسرائيلية في 9 الجاري.

كما أجمعت معظم الكلمات على ضرورة إعادة تفعيل العمل العربي المشترك لمواجهة الأزمات، وللحد من التدخلات الخارجية في الشؤون العربية.

العمل المشترك

وشدد البيان الختامي للقمة على "تعزيز العمل العربي المشترك المبني على منهجية واضحة وأسس متينة تحمي امتنا من الأخطار المحدقة بها، وتصون الأمن والاستقرار، وتؤمن مستقبلاً مشرقاً واعداً يحمل الأمل والرخاء للأجيال القادمة"، وأكد "مركزية قضية فلسطين بالنسبة للأمة العربية جمعاء، وعلى الهوية العربية للقدس الشرقية المحتلة، عاصمة دولة فلسطين".

مبادرة السلام

وشدد على "أهمية السلام الشامل والدائم في الشرق الأوسط كخيار عربي استراتيجي تجسده مبادرة السلام العربية التي تبنتها جميع الدول العربية في قمة بيروت في عام 2002، ودعمتها منظمة التعاون الإسلامي التي لاتزال تشكل الخطة الأكثر شمولية لمعالجة جميع قضايا الوضع النهائي، وفي مقدمتها قضية اللاجئين التي توفر الأمن والقبول والسلام لإسرائيل مع جميع الدول العربية، ونؤكد التزامنا بالمبادرة وتمسكنا بجميع بنودها".

القدس

وأكد "بطلان وعدم شرعية القرار الأميركي بشأن الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، مع رفضنا القاطع الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، حيث ستبقى القدس الشرقية عاصمة فلسطين العربية، ونحذر من اتخاذ أي إجراءات من شأنها تغيير الصفة القانونية والسياسية الراهنة للقدس، حيث سيؤدي ذلك إلى تداعيات مؤثرة على الشرق الأوسط كله".

الجولان

و"طالب دول العالم بعدم نقل سفاراتها إلى القدس أو الاعتراف بها عاصمة لإسرائيل".

كما أكد القادة أن "الإعلان الأميركي الذي صدر بالاعتراف بسيادة إسرائيل على الجولان، يعتبر إعلانا باطلا شكلا وموضوعا، ويعكس حالة من الخروج على القانون الدولي، وأن الجولان أرض سورية محتلة ولا يحق لأحد أن يتجاوز ذلك".

إيران

ورفض البيان "التدخلات الإيرانية في الشؤون الداخلية للدول العربية، وندين المحاولات العدوانية الرامية إلى زعزعة الأمن وما تقوم به من تأجيج مذهبي وطائفي في الدول العربية، بما في ذلك دعمها وتسليحها للميليشيات الإرهابية في عدد من الدول العربية، لما تمثله من انتهاك لمبادئ حسن الجوار، ولقواعد العلاقات الدولية، ولمبادئ القانون الدولي، ولميثاق منظمة الأمم المتحدة"، وطالب إيران "بسحب ميليشياتها وعناصرها المسلحة التابعة لها من كل الدول العربية".

سورية

وشدد البيان على "ضرورة إيجاد حل سياسي ينهي الأزمة السورية، بما يحقق طموحات الشعب السوري ويحفظ وحدة سورية، ويحمي سيادتها واستقلالها، وينهي وجود جميع القوات الخارجية والجماعات الإرهابية الطائفية فيها، فلا سبيل لوقف نزيف الدم إلا بالتوصل إلى تسوية سلمية، تحقق انتقالاً حقيقياً إلى واقع سياسي تصوغه وتتوافق عليه كل مكونات الشعب السوري عبر مسار جنيف، الذي يشكل الإطار الوحيد لبحث الحل السلمي".

لبنان والعراق

وجدد القادة العرب "تضامنهم مع لبنان، وحرصهم على استقراره وسلامة أراضيه بوجه الانتهاكات الإسرائيلية المتكررة لسيادته"، كما أعربوا عن "دعمهم له في تحمله للأعباء المترتبة على أزمة النزوح السوري".

وأكد البيان أن "أمن العراق واستقراره وسلامة ووحدة أراضيه حلقة مهمة في سلسلة منظومة الأمن القومي العربي"، وأيد "الجهود الهادفة إلى إعادة الأمن والأمان إلى العراق، وتحقيق المصالحة الوطنية عبر تفعيل عملية سياسية تفضي إلى العدل والمساواة، وصولاً إلى عراق آمن ومستقر".

ليبيا

وشدد على "أهمية دعم المؤسسات الشرعية الليبية، ونؤيد الحوار الرباعي الذي استضافته جامعة الدول العربية بمشاركة الاتحاد الأوروبي والاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة، وكذا دعم جهود التوصل إلى اتفاق ينهي الأزمة من خلال مصالحة وطنية وفقاً لاتفاق الصخيرات، وتحفظ وحدة ليبيا الترابية، وتماسك نسيجها المجتمعي".

الإرهاب

وأكد البيان "الاستمرار في محاربة الإرهاب وإزالة أسبابه والقضاء على داعميه ومنظميه ومموليه في الداخل والخارج، خصوصا في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا، والحرص على منع استغلال الإرهابيين لتقنية المعلومات ووسائل التواصل الاجتماعي في التجنيد والدعاية، ونشر الفكر المتطرف والكراهية التي تشوه صورة الدين الإسلامي الحنيف".

ودان بشدة "محاولات الربط بين الإرهاب والإسلام، وطالب المجتمع الدولي ممثلاً بالأمم المتحدة بإصدار تعريف موحد للإرهاب، فالإرهاب لا دين ولا وطن ولا هوية له"، واستنكر "تشويه بعض الجماعات المتطرفة في العالم لصورة الدين الإسلامي الحنيف من خلال الربط بينه وبين الإرهاب، ومثل هذه المحاولات لا تخدم إلا الإرهاب ذاته".

الملك سلمان

وفي كلمته الافتتاحية، شدد الملك سلمان على أن "القضية الفلسطينية ستظل على رأس اهتمامات المملكة، حتى يحصل الشعب الفلسطيني على جميع حقوقه المشروعة، وعلى رأسها إقامة دولته المستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، استناداً إلى القرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية".

وجدد التأكيد على "الرفض القاطع لأي إجراءات من شأنها المساس بالسيادة السورية على الجولان، وأهمية التوصل إلى حل سياسي للأزمة السورية يضمن أمن سورية ووحدتها وسيادتها، ومنع التدخل الأجنبي".

وفي الشأن اليمني، أكد "دعم جهود الأمم المتحدة للوصول إلى حل سياسي وفق المرجعيات الـ3"، وطالب "المجتمع الدولي بإلزام الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران بوقف ممارساتها العدوانية التي تسببت في معاناة الشعب اليمني، وتهديد أمن واستقرار المنطقة".

وشدد على أن "السياسات العدوانية للنظام الإيراني تشكل انتهاكاً صارخاً لكل المواثيق والمبادئ الدولية، وعلى المجتمع الدولي القيام بمسؤولياته تجاه مواجهة تلك السياسات، ووقف دعم النظام الإيراني للإرهاب في العالم".

بعد ذلك سلّم خادم الحرمين الشريفين رئاسة القمة الحالية للرئيس التونسي الباجي قايد السبسي.

قايد السبسي

من جهته، تطرق السبسي إلى تزايد المشاكل التي تستنزف مقدرات الشعوب العربية من كل الجهات، معتبراً أنه "من غير المقبول أن تتحول المنطقة العربية إلى ساحة للصراعات الخارجية، كما انه من غير المقبول أن تدار قضايانا العربية المرتبطة مباشرة بأمننا القومي خارج أطر العمل العربي المشترك".

ودعا الى "استعادة زمام المبادرة في معالجة أوضاعنا بأيدينا"، وذلك "بتجاوز الخلافات، وتنقية الأجواء العربية، وتنمية أواصر التضامن الفعلي بيننا".

واعتبر أنه "لا خيار للعرب غير التآزر، ومن هذا المنطلق اقترح إطلاق عنوان قمة العزم والتضامن على القمة". كما أكد أن تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة لا يتم إلا بتسوية عادلة للقضية الفلسطينية.

أبوالغيط

وأكد الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبوالغيط، أمس، أن الدول العربية أجمعت على رفض التدخلات الخارجية في شؤونها الداخلية، لاسيما من إيران وتركيا، واستنكار القرار الأميركي الأخير حول هضبة الجولان.

وقال أبوالغيط إن "بعض دولنا العربية مازالت تنزف، وبعض أبنائنا يكابدون مرارات الصراعات في سورية واليمن وليبيا، حيث لاتزال بعض المدن تعيش تحت تهديد الميليشيات والجماعات الطائفية والعصابات الإرهابية".

وشدد على أن "الحلول السياسية هي الكفيلة وحدها بإنهاء النزاعات وجلب الاستقرار فلا غالب في الحروب الأهلية"، محذرا من أن "الأمن القومي العربي تعرض خلال السنوات الماضية الى اخطر التحديات والتهديدات في تاريخه المعاصر، وعلى رأسها الإرهاب وانتشار التشكيلات المسلحة خارج سيطرة الدولة".

ودعا إلى الاتفاق على "مفهوم جامع للأمن القومي العربي والاستقواء بالمظلة العربية في مواجهة اجتراءات بعض جيراننا، والتدخلات الاجنبية في شؤوننا ومخططات جماعات القتل والإرهاب للنيل من استقرارنا"، مشددا على أن "التدخلات الإيرانية والتركية ضاعفت من تعقد الأزمات، ونرفض هذه التدخلات وما تحمله من أطماع ومخططات".

وأوضح أن "التعدي على التكامل الإقليمي للدول العربية ووحدتها الترابية أمر مرفوض عربيا، كما أنه لا مجال لوجود جيوب لقوى اقليمية داخل بعض دولنا العربية تسميها مثلا مناطق آمنة، ومن غير المقبول ان تتدخل قوى اقليمية في شؤوننا الداخلية بدعم فصيل أو آخر تحت غطاء طائفي".

وإذ رفض الإعلان الأميركي حول الجولان، وأشار إلى أن مواقف الادارة الأميركية الأخيرة تشجع الاحتلال الإسرائيلي على المضي قدما في نهج العربدة والاجتراء".

السبسي يقدم السيسي ببيت شعر

كم ذا يكابد عاشق ويلاقي.. في حب مصر كثيرة العشاق".. بهذا البيت من قصيدة، "كم ذا يكابد عاشق ويعاني"، لشاعر النيل حافظ إبراهيم أعطى الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي الكلمة الاحتفالية إلى الرئيس عبد الفتاح السيسي في القمة العربية.

عبدالله الثاني لاستعادة البوصلة

دعا العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني القادة العرب في كلمته امام قمة تونس إلى "استعادة البوصلة وقيادة المجتمعات العربية نحو الأمن والازدهار"، مؤكدا ضرورة الانتقال إلى مفهوم "العمل العربي المشترك". وأكد ضرورة اتفاق القادة العرب على الأولويات "كأمة واحدة ذات هم مشترك وتحديات واحدة".

إعلان حرية الإعلام

أصدرت كل من نقابة الصحافيين التونسيين والاتحاد الدولي للصحافيين واتحاد الصحافيين العرب رسالة اطلق عليها اسم "اعلان حرية الاعلام في العالم العربي" مطالبين القادة العرب بتبنيها ودعمها. وجاء في الوثيقة "نداء عاجل" لكل الدول العربية التي تعتقل صحافيين او تسجنهم بسبب عملهم المهني وبسبب التعبير عن آرائهم لاطلاق سراحهم. كما جاء في النص أيضا أن "المنظومة التشريعية والتنظيمية لقطاع الاعلام في مجملها لا تزال مقيدة لحرية الصحافة وحقوق الصحافيين المهنية".

العراق لن يكون في أي محور

في كلمته أمام قمة تونس، أكد الرئيس العراقي برهم صالح أن العراق يطمح لدور واعد ليكون نقطة لقاء لا نزاع، مشددا على أنه لن يكون طرفا في أي محور، وسيكون في قيادة أي جهد يعمل على ترسيخ السلام والتنمية.

وأشاد صالح بدعم ومساعدة "الأصدقاء والجيران ودول التحالف الدولي" لتحقيق الانتصار ضد "الخلافة المزعومة".

عون: الصفقات أخطر من الحرب

حذر الرئيس اللبناني، العماد ميشال عون، في كلمته أمام القمة العربية من أن «‏الأخطر من الحرب هو المشاريع السياسية والصفقات التي تلوح في الأفق، وما تحمله من تهديد وجودي لدولنا وشعوبنا، فشرذمة المنطقة والفرز الطائفي يمهدان لمشروع إسقاط مفهوم الدولة الواحدة الجامعة لمصلحة كيانات عنصرية طائفية وفرض واقع سياسي وجغرافي جديد يلاقي ويبرر إعلان إسرائيل دولة يهودية».

واعتبر عون أن قرار واشنطن حول الجولان «يهدد أيضا سيادة الدولة اللبنانية التي تمتلك أراضي قضمتها إسرائيل تدريجيا، لا سيما في مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والقسم الشمالي من بلدة الغجر. والملكية اللبنانية لهذه الأراضي مثبتة بالوثائق والخرائط المعترف بها دوليا».

back to top