ما من مرشح سيحقق نصراً واضحاً مع 50% في الانتخابات الرئاسية الأوكرانية اليوم، إذ يقود الممثل الفكاهي فلاديمير زيلينسكسي استطلاعات الرأي، ولا شك أنه سيصل إلى الجولة النهائية من الانتخابات في 21 أبريل، لكن السؤال الأكبر الذي ينشأ: هل يواجه الرئيسَ الحالي بيترو بوروشنكو أم رئيسة الوزراء السابقة يوليا تيموشنكو؟ يتفوق بوروشنكو على تيموشنكو بأقل من 2%، والسباق بينهما محتدم.يعتمد بوروشنكو على مسائل عدة قد تساعده في بلوغ الجولة النهائية.
أولاً، يهدف ظهور "مرشحين تكتيكيين" إلى إرباك الناخبين، فمن المفترض لهذين الدخيلين إلى عالم السياسة، الجندي المتطوع يوري تيموشنكو والصحافية التلفزيونية يوليا ليتفينينكو، أن يسلبَا يوليا تيموشنكو الأصوات يوم الانتخابات، ولا شك أن لكل مواطن أوكراني الحق في الترشح للانتخابات، ورغم ذلك يُعتبر هذان المرشحان غير ذي شأن، حتى إنهما لا يُذكران في معظم استطلاعات الرأي، فضلاً عن أنهما لا يملكان أي حملة أو حركة سياسية تدعمهما، لكن ظهور هذين الاسمين على ورقة الاقتراع محاولة واضحة لتضليل مَن يودون انتخاب يوليا تيموشنكو. فلا شك أن عدداً من الناخبين سيختارون سهواً الخط الخطأ، معطين صوتهم ليوري تيموشنكو أو يوليا ليتفينينكو مع أنهم يودون التصويت ليوليا تيموشنكو.جاءت نتائج بوروشنكو وتيموشنكو متقاربة جداً في استطلاعات الرأي الأخيرة، ويعني هذا أن هذا الترشح السابق الغريب ليوري تيموشنكو ويوليا ليتفينينكو قد يسلب تيموشنكو الرئاسة، فبسبب هذين المرشحين التكتيكيين، قد تحتل يوليا تيموشنكو المرتبة الثالثة في الجولة الأولى، وقد لا تكون مستعدة لتقبّل هذه النتيجة، وسيُعتبر موقف يوليا تيموشنكو المعاند الرافض مشروعاً إذا جاء الاختلاف بين دعم منتخبيها ونتيجة بوروشنكو الفائز متطابقاً تقريباً للنسب التي حصل عليها يوري تيموشنكو أو يوليا ليتفينينكو أو أقل منها حتى، وستكون النتيجة أكثر سوءاً وقابلة للاعتراض بالتأكيد إذا واصل بوروشنكو تقدّمه وفاز بالجولة الثانية. في هذه الحالة، يمكننا اعتبار أن يوري تيموشنكو أو يوليا ليتفينينكو سرقَا رئاسة يوليا تيموشنكو.لا شك أن هذا السيناريو بعيد الاحتمال، إما سيحتل بوروشنكو المرتبة الثالثة أو أنه سيأتي ثانياً وسيكون هامش فوزه، مقارنة بنتيجة يوليا تيموشنكو، كافياً لتبديد أي شك أساسي.لا يُعتبر المرشحون التكتيكيون حالة جديدة في الانتخابات في أوكرانيا خصوصاً والمنطقة الأشمل عموماً، فقد شكّل تخريب المنافسة السياسية النزيهة بتضليل الناخبين عمداً من خلال اللعب على الكلام بشأن الخيارات التي يتخذونها يوم الانتخابات مناورة أساسية في سياسات ما بعد الاتحاد السوفياتي منذ عام 1991. فتملك سياسات ما بعد الاتحاد السوفياتي تاريخاً حافلاً بحوادث إنشاء أحزاب زائفة بأسماء وبرامج مختارة خصوصاً لتضليل الناخبين بشأن هوية المنافسين الحقيقيين وعقيدتهم في الانتخابات.لعل الأكثر شهرة بين هذه الأمثلة حزب فلاديمير جيرينوفسكي القومي المتطرف "الحزب الديمقراطي-الليبرالي" الذي ابتكره النظام السوفياتي القديم في عام 1990 بغية عرقلة الحركة الديمقراطية-الليبرالية الفعلية التي نشأت آنذاك وتشويه صورتها. ومنذ ذلك الحين شهدنا مئات من الأمثلة المشابهة في الانتخابات في عالم ما بعد الاتحاد السوفياتي اختبأت وراء ما يُدعى أحزاباً ومرشحين "تكتيكيين" لهم أسماء وبرامج شبيهة بأسماء وبرامج بعض القوى السياسية الحقيقية التي يُفترض بها أن يزعزعوا ما تتمتع به من دعم انتخابي. كنا نأمل أن تكون أوكرانيا قد تغلبت على هذا المرض، على المستوى الوطني على الأقل، بعد نحو ثلاثين سنة من الاستقلال وثلاث انتفاضات موالية للديمقراطية في أعوام 1990، 2004، و2013-2014.لكن لجوء "تكنولوجيي الرئيس الحالي السياسيين" إلى خدع رخيصة مماثلة بهدف الحفاظ على سلطته لا يبدو مشجعاً. على العكس يشكّل هذا دليلاً قاتماً على استمرار الجشع، وانعدام الأخلاق، والوطنية الزائفة التي تميز المجموعة التي تزعم أنها موالية لأوكرانيا وتسيطر اليوم في كييف. صحيح أن معظم المراقبين الغربيين يأملون استمرار رئاسة بوروشنكو بعد أبريل عام 2019، ولكن يجب ألا يعلقوا آمالاً كبيرة على ولايته الثانية نظراً إلى الأدوات المريبة التي يستخدمها فريقه.* أندرياس أوملاند* المجلس الأطلسي
مقالات
بعض المسائل لا يتبدّل
02-04-2019