مع تواصل احتجاجات حاشدة وضغوط من الجيش لإنهاء حكم الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة المستمر منذ 20 عاما، أعلنت وكالة الأنباء الجزائرية، مساء أمس، أن الرئيس البالغ من العمر 82 عاما سيستقيل قبل نهاية ولايته في 28 أبريل الجاري، وسيصدر قبل ذلك قرارات مهمة لإدارة المرحلة الانتقالية.

وذكر تلفزيون «البلاد» الخاص أن شقيق الرئيس السعيد، الذي يوصف بأنه الحاكم الفعلي للبلاد، سيترك منصبه كمستشار برئاسة الجمهورية، وأن شقيقه الآخر ناصر، سيغادر وظيفته كأمين عام بوزارة التعليم والتكوين المهنيين.

Ad

والتزمت مؤسسة الرئاسة الصمت، ولم تنقل وسائل الإعلام الرسمية تقارير مماثلة في ظل غموض يكتنف إدارة البلاد، التي تشهد حركة احتجاجات غير مسبوقة ضد نظام بوتفليقة منذ 22 فبراير الماضي.

وترددت أنباء عن اجتماع حاسم للمجلس الدستوري، أمس، للنظر في تطبيق المادة 102 وإصدار فتوى دستورية حول الأزمة السياسية المشتعلة منذ شهر ونيف.

حكومة تصريف

وجاءت التقارير بشأن الاستقالة المرتقبة بعد إعلان مؤسسة الرئاسة تعيين حكومة جديدة مكلفة بتصريف الأعمال برئاسة نور الدين بدوي تضم 27 وزيرا، بينهم ستة وزراء فقط من التشكيل السابق.

وعزا البعض قرار تكليف حكومة تصريف أعمال، بعد فشل بدوي بتشكيل حكومة كفاءات في ظل الانسداد السياسي الذي تعيشه البلاد، إلى عدم تمكن أي رئيس مؤقت من تشكيل حكومة جديدة في حال تنحي بوتفليقة لأسباب صحية ولحين إجراء انتخابات رئاسية.

إطاحة وتمكين

وقالت الرئاسة، في بيان مساء أمس الأول، إن بوتفليقة قرر اسناد حقيبة الخارجية للسفير صابري بوقادوم خلفا لرمطان لعمامرة، الذي كان عين نائباً لرئيس الوزراء ووزيرا للخارجية في 11 مارس الجاري.

وأضاف البيان أن بوتفليقة أبقى على حقيبة الدفاع ورئيس الأركان أحمد صالح في منصبه كنائب وزير الدفاع، رغم دعوته الثلاثاء الماضي إلى إعلان شغور منصب رئيس الجمهورية بسبب المرض.

كما أسندت حقيبة الداخلية لأحد الوجوه الجديدة وهو صلاح الدين دحمون في حكومة بدوي، والذي تم تعيينه لرئاسة الوزراء في 11 مارس الماضي خلفا لسابقه أحمد أويحيى.

وتبرز أهم التغييرات في تعيين سليمان براهمي على رأس وزارة العدل بدلاً عن طيب لوح رجل ثقة بوتفليقة.

ويكمن تفسير الخطوة بالرغبة في تمكين لوح من فرض نفسه زعيماً جديداً لـ«جبهة التحرير»، الحزب الحاكم، في خطوة تمهّد إلى ترتيبات ما بعد انتهاء العهدة الرابعة لرئيس الجمهورية في 28 أبريل الحالي. وتعرف حكومة بدوي التي أطلق عليها البعض «حكومة الإطفاء»، حضوراً مكثفاً لشريحة الشباب عبر 9 وجوه بينها 4 نساء.

احتجاجات ليلية

وبعد ساعات من الإعلان عن الحكومة الجديدة، خرج مئات إلى الشوارع في العاصمة الجزائر للمطالبة برحيل «بوتفليقة وكل وجوه النظام»، في حين اعتبر البعض أن الحكومة جاءت بعد اتفاق تمّ بين الرئاسة والجيش لتفادي أي فراغ دستوري.

وسرعان ما انتقل الغضب الشعبي من مواقع التواصل الاجتماعي إلى الشوارع، حيث تجمّع مئات الأشخاص في ساحتي «البريد المركزي» و«موريس أودان» للتعبير عن رفضهم لـ«هذا العرض» الذي قدّمته رئاسة الجمهورية، مردّدين شعارات تطالب برحيل بوتفليقة ونظامه.

وأكدت التظاهرات التي اتجهت إلى وسط العاصمة على مطالبة الحراك بـ«رحيل كل وجوه النظام».

متحدث رسمي

واستحدث في حكومة بدوي وظيفة الناطق الرسمي باسم الحكومة، بعدما غاب هذا المنصب المهم عن حكومات بوتفليقة منذ عام 2008.

ويتولى وزير الإعلام الجديد حسان رابحي، مهمة الناطق الرسمي باسم الحكومة، إذ سيكون عليه أن يعقد دوريّا مؤتمرات صحافية للتعاطي مع الوضع العام في البلاد، ويعلق بشكل دوري على الأحداث الإقليمية والدولية.

رئيس البرلمان

ولاحقاً، رجحت مصادر جزائرية مطلعة أن يتم تعيين رئيس جديد لمجلس الأمة لإدارة شؤون الدولة. وذكرت أن «السلطات تعمل على ضمان فترة انتقالية في إطار مبادئ الدستور».

وتوقعت المصادر أن تدير الحكومة الجديدة البلاد، خلال فترة لا تتجاوز 3 أشهر، تحضر خلالها لانتخابات رئاسية بعد قيام بوتفليقة بإرجاء الانتخابات التي كانت مقررة الشهر الماضي إلى أجل غير مسمى.

وفي حال استقال بوتفليقة من منصبه، سيتولى رئيس مجلس الأمة مهام رئيس الدولة لمدة أقصاها 90 يوما، تنظم خلالها انتخابات رئاسية لا يحق له الترشح فيها، طبقا للمادة 102 من الدستور الجزائري. ونادرا ما يظهر بوتفليقة علناً منذ إصابته بجلطة في 2013.

رجال الأعمال

في السياق، باشرت السلطات القضائية التحقيق مع رجال أعمال يشتبه بضلوعهم في تبديد المال العام. وأصدرت أوامر بمنع متهمين بالفساد من مغادرة البلاد المنتجة للنفط والغاز.

وذكر تلفزيون «النهار» أن السلطات صادرت جوازات سفر سبعة من رجال الأعمال، في إطار تحقيق يتعلق بتهم فساد، لكن الشرطة أصدرت بيانا أكدت فيه عدم وجود قوائم بأسماء ممنوعين، بعد تردد أنباء عن إعداد تلك القوائم لوقف هروب شخصيات سياسية واقتصادية تحوم حولها شبهات فساد.

وأمس الأول، اعتقلت السلطات رجل الأعمال البارز علي حداد، وهو من الدائرة المقربة من بوتفليقة، عند محاولته عبور الحدود البرية باتجاه تونس المتاخمة.

وأعلنت سلطات الطيران في الجزائر، أمس الأول، منع كل الطائرات الخاصة من الإقلاع أو الهبوط في مطارات البلاد حتى نهاية الشهر الجاري.

وفي مذكرة إلى الطيارين، قالت سلطات الطيران إنّ القرار الذي يحظر على «كل الطائرات الخاصة الجزائرية المسجّلة في الجزائر أو الخارج الإقلاع والهبوط» سيبقى سارياً حتى 30 الجاري.