قال رئيس اتحاد العقاريين، توفيق الجراح، إن الكويت تعاني أزمة مواقف سيارات، وإن الفجوة الموجودة في مساحات المواقف تحتاج إلى 40 مليون متر مربع لسدها.حديث الجراح جاء خلال المؤتمر الصحافي الذي عقده اتحاد العقاريين، أمس، لإلقاء الضوء على دراسة مواقف السيارات التي تم إعدادها بالتعاون مع مؤسسة الكويت للتقدم العلمي.
وبيّن الجراح أن حجم الاستثمارات المطلوبة لسد هذه الفجوة يقدر بنحو 7 مليارات دينار، إذ تبلغ تكلفة الموقف الواحد 175 دينارا، حيث إن كل موقف يحتاج (إذا كان في مبنى متعدد الطوابق) في المتوسط إلى مساحة 35 مترا مربعا، وهذه المساحة تشمل مكان الصف والصعود والمرور.وذكر أن النقص في مواقف السيارات زاد ونما، ليصل إلى نسب متضخمة، وأن ذلك يتطلب من الحكومة اتخاذ خطوات عاجلة لحل تلك المشكلة، لأن التأخير في حل تلك الأزمة سيساهم في تفاقمها، وسيصل الأمر إلى مراحل من شأنها إحداث شلل في البنية التحتية، خصوصا أن هناك العديد من الآثار السلبية لنقص مواقف السيارات.وشدد على ضرورة تضافر جهود القطاعين العام والخاص للوصول الى حلول مناسبة، خصوصا أن الفجوة في مواقف السيارات تبلغ 1.152 مليون موقف، مما يمثل 58.2 في المئة من إجمالي حجم المواقف الموجود حاليا.
عزوف القطاع الخاص
وأشار الى عزوف القطاع الخاص عن تنفيذ إقامة مواقف السيارات المتعددة الأدوار، حيث تم إقامة 19 مبنى مواقف سيارات خلال الفترة من 1990 وحتى 2009 بمختلف مناطق الكويت، وخلال الفترة من 2009 الى 2018 تمت إقامة مبنيين فقط، وذلك بسبب عدم إسناد إدارة أملاك الدولة الإدارة والاستثمار لتلك المواقف للشركات التي أنشأتها، فضلا عن أن تكلفة إنشاء مساحات مواقف السيارات مرتفعة بشكل عام، ولا يجد مطورو العقارات فائدة مباشرة كافية منها، خصوصا مع اشتراطات بلدية الكويت.وتطرق الجراح الى التغيرات والتعديلات التي تم إجراؤها على لوائح البناء، إلا أن متطلبات مواقف السيارات لم تشهد أدنى مستوى من التعديل، واستمر تطبيقها بنفس الاشتراطات خلال العقدين الماضيين، لذلك نجد أن العديد من المباني القديمة توفر مساحة محدودة للغاية من مواقف السيارات، الأمر الذي يسبب نقصا حادا في الوقت الحالي بالمواقف. من ناحيته، عرض الأمين العام للاتحاد، أحمد الدويهيس، توصيات الدراسة لاحتواء هذه المشكلة المتنامية، والتي تمثلت في ضرورة إعادة النظر ومراجعة لوائح البلدية الحالية المتعلقة بالحد الأدنى المطلوب من مواقف السيارات، على أن تتماشى مع أفضل الممارسات الدولية لضمان عدم تطوير عقارات جديدة تسهم في نقص مواقف السيارات.إشراك القطاع الخاص
وأكد الدويهيس أنه على الحكومة ترقية تطوير مباني مواقف سيارات متعددة الأدوار على أراضي الدولة من خلال إشراك القطاع الخاص في عملية التطوير، وهو الأمر الذي يتطلب من الحكومة تعديل لوائح للسماح للمطورين من القطاع الخاص بإدارة مباني مواقف السيارات بعد التطوير، مشيرا الى أنه يوجد العديد من الأماكن التي تتوافر فيها الأراضي الحكومية المفتوحة وسط التجمعات الكثيفة للعقارات الخاصة التي تعاني نقصا في مواقف السيارات.وأضاف أن تطوير مباني مواقف السيارات متعددة الأدوار من الممكن أن يسهم في حل مشكلة نقص المواقف في جميع العقارات المجاورة أيضا دون أي تكلفة على الحكومة، داعيا الحكومة الى الاستفادة من الأراضي الفضاء الموجودة في عدد من المحافظات، وإمكان الاستفادة منها في مواقف سيارات متعددة الطوابق.وذكر أن تلك الدراسة تعد أحد أهم المراجع للتخطيط لاستغلال المساحات الفضاء لتخفيف زحمة المرور والقضاء على أزمة نقص مواقف، مشيدا بدور مؤسسة الكويت للتقدم العلمي، برئاسة د. عدنان شهاب الدين، لاهتمامها بدعم هذه الدراسة التي اشتملت على مسح مختلف محافظات الكويت.وقد غطت الدراسة نحو 18.264 ألف عقار على مساحة تبلغ 84.4 ملايين متر مربع، ووفقا لتقدير الدراسة عن إجمالي مواقف السيارات المطلوبة لهذه العقارات، فإنها تبلغ 1.981 مليون موقف، وهو ما يعني توفير موقف واحد لكل 42 مترا مربعا من المساحة المبنية، إلا أن واقع الأمر يشير إلى ما يقدر بنحو 829 ألف موقف للسيارات، وهذا يعني أن هذه العقارات توفر موقفا واحدا لكل 102 متر مربع من المساحة المبنية في الوقت الحالي.أعداد كبيرة
وبذلك تبلغ الفجوة في عدد مواقف السيارات 1.152 مليون موقف، ما يمثل نسبة مئوية بمقدار 58.2 في المئة، ووفق الدراسة فإن الأماكن التجارية والاستثمارية فقط تحتاج الى 1.41 مليون، في حين أن مواقف السيارات المتاحة حاليا لها تقدر بنحو 519 ألف موقف، أي أن الفجوة تقدر بنحو 900 ألف موقف.أما الجمعيات التعاونية، فإن الاحتياج التقديري لمواقف السيارات لها يقدر بنحو 24 ألف موقف، في حين أن المتاح لها الآن يقدر بنحو 10.5 آلاف، والفجوة الخاصة بها تبلغ نحو 13.4 ألف موقف، بينما الأماكن التعليمية وأماكن العمل الحكومية لديها فجوات كبيرة للغاية بنسبة 78 و80 في المئة على التوالي، خصوصا أن هذه الأماكن يأتي إليها أعداد كبيرة للغاية من المراجعين، وبالتالي فإن احتياجات مواقف السيارات تكون مرتفعة للغاية بشكل عام، فلا عجب أن نرى ازدحاما دائما في مواقف السيارات بالقرب من أي مكان تعليمي أو أي عمل حكومي.وقد سجلت مواقف السيارات في أماكن الرعاية الصحية نسبة فجوة في نقص المواقف بلغت 57 في المئة، أما الفنادق فقد بلغت نسبتها حوالي 36 في المئة، وتعتبر الأقل مقارنة مع مختلف الفئات.ولدى مواقع المكاتب الإدارية بلغت الفجوة 59 في المئة، في حين بلغت نسبتها في أماكن البيع بالتجزئة وأماكن الترفيه 58 في المئة.النقص 50%
وفيما يخص الأماكن الدينية والاجتماعية والرياضية فإنها تحتاج الى حوالي 10.4 آلاف موقف، ولكن يوجد بها ما يناهز 21.9 ألفا، ومن ثم فإن هذه الأماكن تعتبر مزودا لمواقف السيارات، مع العلم بأن الدخول الى تلك الأماكن يكون مقيدا، وبالتالي قد لا توفر حلا موثوقا به.وقد أظهرت الدراسة أن مواقف السيارات العامة توفر ما يقارب من 122 ألف موقف للسيارات، ومن دون تلك الأماكن فإن فجوة مواقف السيارات قد ترتفع الى نسبة 65 في المئة، وقد لاحظت الدراسة أن الأغلبية من أماكن مواقف السيارات تتقاضى رسوما مقابل تلك المواقف.ويتبين من هذا التحليل أن هناك نقصا في مواقف السيارات بجميع المناطق عالية الكثافة بنسبة تتجاوز 50 في المئة، ومن ثم تقدر الفجوة في مواقف السيارات بأكثر من مليون مكان لمواقف السيارات على مستوى جميع مناطق الكويت.ووفقا لدراسة أعدها معهد استشارات أميركي، تأكد أن 30 في المئة من السيارات التي تتجول في المناطق التجارية الرئيسة في المدن يعود الى أن السائقين يبحثون عن مواقف للسيارات، ومن ثم يضغطون على حركة المرور، ويستغرق سائقو السيارات نحو 20 دقيقة في المتوسط من وقتهم، بحثا عن موقف للسيارة، وإذا تم حل أزمة مواقف السيارات، فيمكن الاستفادة من هذه الأوقات المهدرة في القدرة الإنتاجية، وبالتالي تحسين النمو الاقتصادي.كما أرجعت الدراسة نسبة كبيرة من هدر الوقود وزيادة التلوث إلى تزاحم المركبات بشكل مستمر ومشاكل نقص مواقف السيارات.وينبغي على بلدية الكويت وضع نظام محفز لتطوير القطاع الخاص لمواقف السيارات، بحيث يتم منح المستثمرين نسبا أعلى لتخصيص المساحات التجارية، إذا توافرت لديهم مواقف إضافية في عقاراتهم، وتشجيع مراكز التسوق والعقارات متعددة الاستخدامات على استخدام أنظمة مواقف السيارات الآلية والأوتوماتيكية لزيادة السعة في المكان نفسه.ولا شك في أن تطوير أنظمة النقل الجماعي، مثل السكك الحديدية لربط مراكز التجمعات السكانية في المناطق التجارية الرئيسة، يعتبر أحد الحلول طويلة الأجل للحد من الاعتماد على السيارات الخاصة كوسيلة أساسية للنقل، وهو الأمر الذي يسهم بدوره في الحد من فجوة مواقف السيارات.