العرب والأمن المائي
إن المستقبل المائي للعرب في خطر، خصوصا المياه السطحية، وذلك لعدة أسباب أولها الاحتباس الحراري نتيجة التلوث وقلة الأمطار، حيث بلغ التساقط المطري في الدول العربية نصف ما كان يسقط في الماضي! والسبب الثاني سيطرة إسرائيل على مصادر مياه عربية في الجولان ونهر الأردن، وتهدد مصادر أخرى للمياه مثل نهر الليطاني في لبنان وغيره. ثالثاً: مشاريع كل من تركيا وإيران في السدود التي تقيمانها على مصادر الأنهار الرئيسة الفرات في سورية والعراق، ودجلة في العراق، ومشاريع السدود في إثيوبيا وأهمها سد النهضة التي أدى ويؤدي إلى انخفاض منسوب المياه في نهر النيل، وذلك يهدد مصر والسودان اللتين تشكلان ثلث سكان الوطن العربي، أي أن مصادر الأنهار الرئيسة في الوطن العربي تنبع من خارجه، وهذه تشكل نقطة ضعف في حياة العرب اليوم وفي المستقبل.
هذه المخاطر كتبنا عنها بالتفصيل في كتابنا "المياه العربية التحدي والاستجابة" الصادر في بيروت عام 2008م، وكتبنا ونكتب اليوم عن العطش العربي القادم في الوقت الذي يزداد عدد السكان ويتضاعف في الوطن العربي، مما يعنى زيادة الاستهلاك للمياه. إن ظاهرة الاحتباس الحراري التي تؤدي إلى قلة التساقط المطري تؤدي إلى شح المياه الجوفية لأن تغذيتها كانت تعتمد على الأمطار، والمياه الجوفية أحد أهم مصادر المياه بعد مياه الأنهار السطحية. إن نقطة ضعف العرب أمام إسرائيل ودول الجوار الجغرافي في وجود مصادر المياه العربية الأساسية بيد تلك الدول، وتستطيع أن تستخدمها كورقة ضغط سياسية متى تشاء، لذلك على العرب أن يفكروا استراتيجياً بالأمن المائي قبل كل شيء لأن المصادر المتوافرة لديهم اليوم غير آمنة. وحرب المياه لا تعنى بالضرورة حرباً عسكرية، فبناء السدود في تركيا وإيران وإثيوبيا على مصادر الأنهار العربية مهما كانت المبررات، هي مقدمة لحرب المياه على العرب، وقضية المياه يجب أن تكون قضية حياة أو موت، وعلى العرب كل العرب تأمينها والتفكير الجدي والدائم فيها.